مجرد رأي

أطول حلم في العالم... بالكويت

تصغير
تكبير

الأزمة الإسكانية من الأزمات التي تواجه كل حكومات العالم، وتعتبر تحدياً كبيراً لجميع الحكومات، وبلا شك أن هناك حكومات تجاوزت بنجاح الأزمة الإسكانية، بينما يعيش المواطن الكويتي على حلم الحصول على سكن ملائم وهو بالمناسبة أطول حلم في العالم.

فمن منا لم ولا يعش معاناة الحصول على بيت العمر، سواء داخل الأهل أو الأصدقاء، حيث نجد أعمار من سكن بيته تتجاوز منتصف الاربعينات وصولاً إلى سن الخمسينات، هذا بافتراض أنه استيقظ من حلمه.

الأزمة الإسكانية في الكويت لا تحتاج إلى عصا سحرية، أو مزيد من الدراسات، لكن يمكننا في حلها محاكاة النماذج الخليجية الناجحة، وأقرب نجاح تم الإعلان عنه نموذج ولي عهد المملكة العربية السعودية، سمو الأمير محمد بن سلمان، قائد واحد بإرادة حقيقية مليئة بالفكر التطويري وتتمتع بمنهجية مغايرة.

فالواقع يقول إنه استطاع خلال 4 سنوات زيادة نسبة التملك في السعودية إلى 60 في المئة، منسجماً مع المتوسط العالمي، بينما كانت قبل ذلك 47 في المئة، بعد أن غيرت المملكة العربية السعودية خططها ومستهدفاتها وتشريعاتها بما يتناسب مع الطلب الإسكاني المتزايد، والحالة المالية للدولة والخطط المستقبلية.

وتستهدف المملكة العربية السعودية بناء 4 ملايين وحدة سكنية لغاية عام 2030، وهذه القدرة لم تأت إلا بعد أن أسست «روشن»، وهي شركة حكومية دورها بناء 25 في المئة من المستهدف الإسكاني، والبقية سيتم إنجازها من خلال القطاع الخاص.

لكن سبق وضع هذه النسبة التنفيذية وضع نموذج تطويري موحد «استاندر» محدد يلتزم به القطاع الخاص، ومن ثم يكون الحل تحرك الحكومة السعودية بالتعاون مع القطاع الخاص معاً لتجاوز الأزمة الاسكانية وتلبية الطلبات المتزايدة، بنموذج عمل تطويري موحد يوفر على الحكومة التدخلات المنهكة حالياً والتي توجه لإصلاح الطرق الجديدة، والبنية التحتية للمدن.

في الكويت، الحكومة تسير على المنهجية السابقة نفسها، وما يؤكد ذلك ما أعلنت عنه وزارة الكهرباء والماء خلال مؤتمر عقد الأسبوع الماضي عن أهداف وإستراتيجية الوزارة خلال الـ10 سنوات المقبلة، ومدى تماشيها مع رؤية الكويت 2035، وتطرقت في تفاصيلها إلى المشاريع الإسكانية وأهم النقاط التي ذكرتها في هذا الشأن كانت:

1ـ توصيل التيار الكهربائي للمطلاع 2023، جنوب سعد العبدالله 2024، مدينة جنوب صباح الأحمد 2024.

2ـ توصيل المياه للمطلاع 2024، جنوب سعد العبدالله 2025، مدينة جنوب صباح الأحمد 2025.

حقيقة، لا أريد أن يجعلنا هذا الإعلان أن نعيش الجدل البيزنطي الذي لا فائدة منه سوى النقاش العقيم، كنقاش البيضة قبل الدجاجة أم الدجاجة قبل البيضة، إلا أن هذا الاعلان يؤكد عدم تزامن خطط وزارة الكهرباء مع هيئة الإسكان، فالمواطن الذي يضطر لسكن بيته الجديد أصبح يستأجر مولدات كهربائية وتناكر الماء، كما هو حاصل الآن مع أهل منطقة غرب عبدالله المبارك الذين يعيشون على رحمة تناكر الماء.

مثل هذه الأحداث المؤسفة وغيرها التي يعيشها المواطن يومياً تجعله يتساءل من المسؤول الأول عن حل الأزمة الإسكانية، وماذا يؤخر الحل ما دام ببساطة إجراءات متبعة وناجحة في دول الجوار؟

لذلك، لا بد في المشاريع الإسكانية أن تنجز كل البنية التحتية مع خدماتها من كهرباء وماء ومرافق، ثم بعدها يسمح بإصدار رخص البناء، ولا يخفى على أصحاب القرار أن من الأسباب الرئيسية في تعطل إصدار رخص البناء عدم تزامن مشاريع وزارة الكهرباء والماء لتوصيل خدماتها.

وبلا شك، أن مشكلة الأزمة الإسكانية ليست مشكلة وزارة الكهرباء، بل هي مشكلة كل الجهات الحكومية المرتبطة بالقضية الإسكانية، وهنا يأتي دور الحكومة بما لديها من صلاحيات أوسع لوضع الحلول المناسبة للأزمة الإسكانية.

الأزمة الإسكانية تنمو على أزمة سيولة لتوفير سكن لعدد 100 ألف أسرة تنتظر دورها في طابور المؤسسة العامة للرعاية السكنية، وأزمة كهرباء لنحو 28 ألف قسيمة في المطلاع، 22152 ألفاً في مدينة جنوب سعد العبدالله.

ولا تستطيع الحكومة منفردة حل هذه المشكلة ما لم تسمح للقطاع الخاص بالمشاركة والمساهمة ببناء المدن، وإدخال المطور العقاري والسماح للبنوك بتقديم السيولة للمواطنين، وبناء محطات الكهرباء وإدارتها بشكل كامل من قبل القطاع الخاص، على ألا يخل ذلك بدور الحكومة ورعايتها ورقابتها التي تضمن استقرار البيوت السكنية وتحفظ حقوق ملاكها.

في خضم ما نعيشه يومياً من بيروقراطية لن يحدث التغيير بالقضية الإسكانية إلا بإرادة منفردة، وبنهج ومستهدفات جديدة، تنهي الحلم الإسكاني الذي لا تزال مشاهده متواصلة لدى الجميع، بمشاهد جديدة يومياً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي