شريحة من كبار المساهمين والمتداولين تفوّقوا بأدائهم على شركات تقدم الخدمة
صناعة السوق في البورصة... «خاملة»
- الصانع يقترض أسهم الخزينة ويخشى بيعها فيرتفع سعرها!
- 6 شركات تُقدّم الخدمة لـ 19 سهماً قيمتها السوقية 2.36 مليار دينار
- الخدمة كشفت عدم ملاءة صنّاع وضعفهم بأداء التزاماتهم
لم تنجح معظم الكيانات المرخص لها كصانع سوق من قبل هيئة أسواق المال، حتى الآن، من القيام بالدور المأمول منها على الأسهم المُدرجة في بورصة الكويت، وفقاً للمعايير الفنية الجاذبة التي يُفترض أن تُحدث فارقاً على أسهم الشركات، بل إن التحفظ والمشي «يم الطوفة» هو النهج المتبع في غالبية الشركات المرخصة لتقديم هذه الخدمة.
وفيما استطاع كبار المساهمين واللاعبون على بعض الأسهم تحقيق الهدف المطلوب عبر مواكبة نشاط السوق وإعادة تسعير تلك الأسهم بما يعكس أوضاع تلك الشركات المالية والاستثمارية، وتدفقاتها ومتانة أوضاعها وعوائدها، مستغلين في تلك المهمة محافظ ذات علاقة وأسهم الخزينة وغيرهما من الأدوات المتاحة، لم تحقق سوى شركة أو اثنتين من الشركات المرخص لها بصناعة السوق أداء مقبولاً، ومع ذلك فإنه لا يرقى حتى الآن لسمعة وحجم بورصة الكويت التي تستوجب تقديم دور مؤثر على مستوى الكم والكيف.
ولم تشهد التعاملات اليومية في البورصة صناعة سوق من شأنها جذب رؤوس الأموال للأسهم التي تقوم بذلك الدور عليها، بل على العكس، لا يواجه أو يمنع معظم الصنّاع الهزات التي تتعرّض لها أسهم شركات لها ثقلها في السوق عند الهبوط الحاد، كما لا يستجيبون لارتفاعات تعقب التراجع، في حين لم يحقق هؤلاء الصناع المعادلة المطلوبة إلّا في نطاق أسهم تُعاني في الأساس شُحاً في الكميات المعروضة، ما سهّل مهمتهم للقفز بها إلى مستويات سعرية جديدة.
وفي البورصة حالياً 6 شركات استثمارية مرخص لها بصناعة السوق، إحداها لم تفعّل نشاطها حتى الآن (وفرة للاستثمار)، فيما يبلغ عدد الشركات التي وقّعت اتفاقيات معها 18 شركة تتنوّع ما بين استثمارية وعقارية وخدمية وغذائية وتشمل (بورصة الكويت، طيران الجزيرة، أسيكو، التمدين العقارية، التسهيلات، دبي الأولى، الصالحية، ميزان، العيد، بيت الأوراق، مدينة الأعمال، المركز المالي، المنار، دلقان، وربة للتأمين، القرين، الإنماء، الكابلات)، إضافة إلى صندوق «بيتك ريت»، وسهم بنك الكويت الوطني الذي تُنفذ عليه صناعة السوق طواعية دون توقيع اتفاق مع البنك.
وتبلغ القيمة السوقية للأسهم 18 مع «بيتك ريت» نحو 2.36 مليار دينار بعيداً من «الوطني» البالغة قيمته السوقية حسب إقفالات أمس 6.833 مليار دينار، فيما لا تمثل ملاءة الشركات الست المرخص لها شيئاً مقارنة بهذه القيمة، الأمر الذي يكشف التباين وصعوبة استيعاب ذلك الحجم من قبل شركات «يحاتي» بعضها السيولة المخصصة لمهمة صانع السوق!
محاذير وهلع
ويطرح الوضع الحالي لصناعة السوق في بورصة الكويت تساؤلات عديدة، يمكن من خلال الإجابة عنها أن تضع الجهات المسؤولة يدها على العلّة، أهمها: ما الذي يمنع صناع السوق من الانطلاق؟ وما هي المحاذير التي تهابها الفرق المختصة لدى الشركات المرخص لها؟ وهل قضية «الكاش» المطلوب لتقديم دور الصانع معضلة؟
مصادر مسؤولة بإحدى الشركات المرخص لها قالت لـ«الراي» إن صناعة السوق في البورصة تقوم في الغالب على اقتراض أسهم الشركة التي سيقوم صانع السوق بدور الصناعة عليها، حيث يقع الاختيار في معظم الأحيان على أسهم الخزينة ليقترض الصانع منها نحو نصف المليون أو مليون سهم، يستغلها في العرض لكبح جماح التضخم السعري إن وُجد.
وأوضحت المصادر أن تلك الأسهم تظل بحوزة صانع السوق كقرض لمدة زمنية تصل إلى عام وربما يتم تجديدها لمدد جديدة، حيث يكون الصانع مُطالباً بسداد تلك الأسهم، وليس قيمتها عند الاقتراض، وإيداعها بحساب الشركة مُجدداً مع نهاية المهمة، الأمر الذي يجعل فريق العمل يتحسس مع عرض الكمية، لاسيما حال كانت السلعة المستهدفة رائجة نسبياً حتى لا يأتي مَنْ يشتريها كاملة، وبالتالي يكون صانع السوق مُطالبا بردها بسعر أعلى من سعر الاقتراض!
سيولة متواضعة
وبيّنت المصادر أن «صانع السوق غير المليء يفضّل التعامل بعيداً عن مخاطر ارتفاع الأسهم، ويظل محتفظاً بالكمية المتاحة لديه، في ما يخصص محفظة صغيرة لا تتجاوز في أحيان كثيرة نحو 150 وربما 200 ألف دينار للشراء، فما تأثير تلك المحفظة على أسهم في سوق نشط؟!».
وأضافت أن هناك صناع سوق مرخصاً لهم فشلوا في تحقيق الهدف، ما دفع شركات للبحث عن صانع سوق ثان وربما ثالث لتوفير السيولة المطلوبة، وكذلك المساعدة في تحقيق التسعير العادل لأسهمها، مشيرة إلى أن جانباً كبيراً من قائمة الشركات التي تقع تحت مظلة صناع سوق من النوع التشغيلي الجاذب للأوساط الاستثمارية والمتداولين الباحثين في فرص مواتية.
ولفتت إلى أن هناك صناع سوق اهتموا بشركات ليس لها تأثير يستطيعون تحريكها وإيجاد الزخم عليها بمساعدة الملاك بسهولة، بعكس الأسهم التشغيلية ذات الأداء المتزن، والتي تستدعي صناعة سوق بمهنية عالية، منوهة إلى ضرورة إعادة نظر صناع السوق المرخص لهم في إستراتيجيتهم المتبعة، حتى يكون لدورهم بصمة إيجابية في التداولات.
الاقتراض لا يكفي
وأكدت المصادر أن الاعتماد على فكرة اقتراض كمية محدودة من الأسهم والتخوف من بيعها ثم استردادها بأسعار مرتفعة تحسباً لتكبّد صانع السوق خسارة، لن يؤتي ثماره، ما يتطلّب توفير مناخ أوسع أكثر مرونة، أو تخصيص «كاش» جديد من قبل المرخص لهم يواكب صناعة السوق الحقيقية. وحسب الضوابط المنظمة يوفّر صانع السوق السيولة للعميل (الشركة) من خلال آلية للشراء والبيع عند التداول، فيقوم صناع السوق بمطابقة المشترين والبائعين الذين يرغبون في تداول الورقة المالية نفسها في أوقات مختلفة وبالتالي لا يمكنهم التداول مباشرة مع بعضهم البعض.
ويُعد صانع السوق الشخص الذي يعمل على توفير قوى العرض والطلب على ورقة مالية مُدرجة أو أكثر طِبقاً للضوابط الصادرة عن هيئة أسواق المال أو المُعتمدة منها.
التزامات الصانع
يلتزم صانع السوق بتنفيذ أوامر البيع والشراء (الصفقات) على الورقة المالية المسجل عليها بما لا يقل عن نسبة معينة من إجمالي قيمة التداولات الشهرية على تلك الورقة، وذلك وفق ما تنص عليه اتفاقية صانع السوق.
كما يلتزم بإدخال أوامر البيع والشراء على الورقة المالية المسجل عليها وفق الضوابط التالية:
- أن يستمر إدخال أوامر البيع والشراء خلال الفترة الزمنية الموضحة باتفاقية صانع السوق.
- أن تكون أوامر البيع والشراء مقترنة ببعضها مع فارق سعري محدد وفق ما تنص عليه اتفاقية صانع السوق.
- ألا يقل حجم أو قيمة أوامر البيع والشراء عن الحد الأدنى المحدد وفق ما تنص عليه الاتفاقية.
كما يلتزم صانع السوق بتوفير الحد الأدنى -المحدد وفق اتفاقية صانع السوق- من المبالغ النقدية المخصصة لأنشطة صناعة السوق على ورقة مالية معينة، وذلك طوال فترة سريان الترخيص.
وفي حال إخلال صانع السوق -لأيّ سبب من الأسباب- بالوفاء بالتزاماته، فيتوجب عليه إخطار البورصة فوراً بهذا الإخلال مع توضيح الأسباب التي أدت إليه.
وعند زوال الأسباب التي أدت إلى ذلك الإخلال، يتوجب على صانع السوق إخطار البورصة على الفور بذلك.