المجلة أكدت أنها طريقة غير فعالة

«إيكونوميست»: تجربة فاشلة ومكلفة إغراء الكويتيين بدعم العمالة للعمل في «الخاص»

تصغير
تكبير

- 22 في المئة تضخماً بأعداد المواطنين بالحكومة آخر 5 سنوات
- 30 إلى 50 في المئة فجوة أجور القطاعين العام والخاص بالخليج
- 7 مرات دعم أكبر للكويتي صاحب الدرجة التخصصية من الذي لم يكمل الثانوية
- 3 في المئة انخفاضاً بوظائف الخاص من 2015 إلى 2020
- جزء من دعم الأجور الملياري تتقاضاه «عمالة وهمية» وتتقاسمه مع أرباب العمل

أفادت مجلة «إيكونوميست» البريطانية بأن محاولة الحكومات الخليجية جذب مواطنيها للعمل في القطاع الخاص لم تكن ناجحة، إذ أثبت دعم الأجور أنه طريقة مكلفة وغير فعالة.

وبينت المجلة في مقال صدر عنها أخيراً، أن الوظائف الحكومية ذات الأجور الجيدة كانت حقاً مكتسباً للمواطنين لفترة طويلة من التاريخ الحديث لدول الخليج، وأن هذه الميزة تشكل جوهر العقود الاجتماعية في المنطقة القائمة على توفير توظيف مريح ومجز، مشيرة إلى أنه مع ذلك، أمضت دول الخليج العقدين الماضيين في محاولة لإقناع مواطنيها (المدللين) -وفقاً لوصف المجلة- وحثهم على العمل في شركات مملوكة للقطاع الخاص، بسبب القلق الناتج من تزايد عدد السكان وتأرجح عائدات النفط.

قطاعات الدولة

وترى «إيكونوميست» أنها كانت تجربة حقيقية في علم الاقتصاد - ولكنها كانت فاشلة إلى حد كبير في ذلك الوقت.

ولفتت إلى أنه في سبتمبر الماضي، أعلنت الإمارات إطلاق برنامج سيكلف 5 مليارات درهم (1.3 مليار دولار) سنوياً (0.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، في جوهره، يوجد دعماً للأجور يصل إلى 8000 درهم شهرياً للسنة الأولى وما يصل إلى 5000 درهم شهرياً على مدى السنوات الخمس المقبلة للمواطنين الذين يتولون وظائف في القطاع الخاص.

وعلى غرار جيرانها، تحرص الحكومة الإماراتية على تقليص القوى العاملة في القطاع الحكومي، ففي 2019، استقطب القطاع العام 78 في المئة من القوى العاملة الإماراتية، مقابل 8 في المئة فقط من المواطنين يعملون في الشركات الخاصة. ونوهت المجلة إلى أن هذه الأرقام تغيرت قليلاً بمرور الوقت، ففي 2008، كان 80 في المئة من الإماراتيين يعملون في قطاعات الدولة.

وهذا أمر منطقي بحسب «إيكونوميست» التي تؤكد أن رواتب القطاع الحكومي أفضل من الخاص، وفي حين أن القليل من الحكومات الخليجية تنشر إحصاءات مفصلة، فإن صندوق النقد الدولي يرى أن فجوة الأجور بين القطاعين العام والخاص في منطقة الخليج تتراوح من 30 في المئة إلى 50 في المئة للمواطنين.

ويتمتع الموظفون الحكوميون بجداول زمنية أسهل، 7 ساعات يومياً في الإمارات مقارنة بـ8 ساعات في الشركات الخاصة، عدا عن أن المزايا أفضل.

وأخيراً، منحت حكومة دبي موظفي القطاع العام 6 أيام إجازة مدفوعة الأجر للاحتفال بمعرض إكسبو 2020 الذي بدأ في الأول من أكتوبر.

وأشارت إلى أنه لم يحالف الحظ عمال القطاع الخاص، علاوة على ذلك، لا توافر الوظائف العامة فرص عمل مدى الحياة فحسب، بل أيضاً زيادات سنوية ومزايا أخرى غالباً ما تتجاوز التضخم والزيادات في الأجور في الشركات الخاصة.

وتابعت المجلة: «لكن دعم الأجور غالباً ما يكون غير فعال في إغراء 4 إلى 9 أشخاص للتخلي عن حياتهم الوظيفية المريحة. ولإثبات ذلك، ما على الإمارات سوى النظر إلى جارتها الكويت، التي وفرت دعم العمالة منذ 2001».

دعم بالمليارات

بناءً على مستوى التعليم وحجم الأسرة، ترى «إيكونوميست» أن بعض الكويتيين يحصلون على زيادات بنحو 5000 دولار شهرياً. وقدّر صندوق النقد الدولي في 2015 أن دعم الأجور يكلف الحكومة ملياري دولار سنوياً (جزء من هذه الدعوم تتقاضاه «عمالة وهمية» تتواطأ مع أرباب العمل لتقاسمها).

وأوضحت أن ما لم يفعله دعم العمالة هو إعادة تشكيل القوى العاملة في الكويت، فمنذ 2005، انخفضت نسبة التوظيف في القطاع العام بين المواطنين بنسبة 9 نقاط مئوية فقط، لتصل 82 في المئة.

وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، تحركت الأرقام في الاتجاه الخاطئ، إذ انخفض عدد وظائف القطاع الخاص 3 في المئة من 2015 إلى 2020، في حين تضخم عدد المواطنين في قطاعات الدولة 22 في المئة، إلى 338 ألف موظف.

وأحد أسباب فشل الدعم بحسب المجلة أنه يستهدف بشكل عام الأشخاص الخطأ، إذ يتقاضى الكويتي الحاصل على درجة تخصصية دعماً أكبر مرتين أو 3 مرات من خريج الثانوية، وأكثر بـ7مرات تقريباً من الموظف الذي لم يكمل دراسته الثانوية.

لكن فجوات الأجور حسب المجلة تميل في الخليج إلى أن تكون في أدنى مستوياتها بالنسبة للوظائف التي تتطلب مهارات عالية، إذ يحتاج المهندس الحاصل على شهادة جامعية إلى حافز أقل للانضمام إلى شركة خاصة من خريج الثانوية الذي يتنافس مع الوافدين ذوي الأجور المنخفضة.

بالمقابل، يشتكي أرباب العمل أيضاً من أن العديد من الباحثين عن عمل لديهم مهارات غير مطلوبة، فالجامعات في دول الخليج تُخرّج الكثير من الخريجين الحاصلين على شهادات في إدارة الأعمال أو العلوم الإنسانية، وكلاهما غير مطلوب بشكل كبير.

مأزق الحكومات الاستمرار في دفع المزايا أو الاستقالة

ترى «إيكونوميست» أن دعم الأجور يضع الحكومات أيضاً في مأزق، مضيفة أنه «رغم أنها قد تقلل من فجوة الأجور الأولية، إلا أنها من المفترض أن تكون حوافز موقتة».

وذكرت أنه عندما يحين الوقت المناسب، يجب على الحكومات أن تختار إما رفع الدعم وهو ما قد يؤدي ببعض العمال إلى الاستقالة، وإما الاستمرار في دفع رواتبهم، وهو أمر مكلف.ويقترح بعض الاقتصاديين بدلاً من ذلك تحديد حد أدنى للأجور للمواطنين، والذي من شأنه، في الواقع، نقل تكاليف الدعم إلى أرباب العمل، بحصص أو رسوم باهظة لمنعهم من توظيف الأجانب. ويتساءل آخرون عن الدخل الأساسي الشامل، الذي سيظل مكلفاً ولكنه سيتجنب تشويه سوق العمل.

وحسب «إيكونوميست» فإنه ورغم كل الأموال التي تبذرها على الموظفين الحكوميين، فإن الحكومات الخليجية لا تحصل على قيمة كبيرة، ويرجع ذلك جزئياً إلى نظام يكافئ الموظفين على أساس الأقدمية بدلاً من الجدارة.

وظائف «الخاص» بحاجة لجاذبية أكبر من نظيراتها المريحة

لفتت المجلة إلى أن الإمارات أخذت بعض هذه القضايا بعين الاعتبار، فهي تخطط لإنفاق 1.3 مليار درهم على التدريب المهني في مجالات مثل إدارة الممتلكات والمحاسبة وتقديم منح دراسية لشهادات التمريض، موضحة أنه سيتم توجيه بعض الإعانات المالية إلى التمويل والرعاية الصحية والممتلكات، والتي لديها القدرة على توظيف الكثير من الناس.

وبينت أن هذه الوظائف لا تزال بحاجة إلى أن تكون أكثر جاذبية من نظيراتها المريحة في القطاع الحكومي، مشيرة إلى أنه ربما يكون الشيء الأكثر فائدة الذي يمكن للحكومات القيام به هو جعل موظفيها المكتبيين يعملون أكثر لقاء رواتب أقل، وهي ما ستكون طريقة أوفر لتقليص هوة الأجور.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي