عبداللهيان وعد بتلبية مطلب روسي بتشكيل وفد لمفاوضات فيينا
موسكو تستجيب لطلب واشنطن الدخول على خط «النووي الإيراني» و... بقوة
موسكو وطهران تتحدثان عن إشارات إيجابية في شأن استئناف المفاوضات النووية والتوتر على الحدود بين أذربيجان وإيران.
فخلال الزيارة الأولى التي قام بها وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان إلى موسكو سمع من نظيره الروسي سيرغي لافروف رغبة بلاده في عودة طهران إلى اجتماعات فيينا على الرغم من وقوف البلدين في خندق واحد في مواجهة الغرب وبالتحديد أميركا في الملف النووي.
وتتدخل موسكو إيجابياً مع إيران لأنها تعتقد أن الديبلوماسية يجب ألا تتوقف عجلتها حتى ولو أن روسيا تؤكد لإيران أن أميركا هي التي أخطأت بخروجها من الملف النووي وعليها تالياً العودة إليه.
وقد وعد عبداللهيان بالتجاوب مع المطلب الروسي والبدء بتشكيل الوفد الإيراني هذا الأسبوع، والذي سيتوجه إلى فيينا في حدود منتصف هذا الشهر كأول رحلة استكشافية، لن تستعجل فيها إيران الخطوات اللاحقة، كما علمت «الراي» من مصادر في مركز القرار في إيران.
وكانت الحكومة الإيرانية بقيادة الرئيس إبراهيم رئيسي، قررت إدارة ظهرها للغرب، وتحديداً أميركا والقارة الأوروبية متوجهة باهتمامها نحو الشرق. ولهذا السبب، لم يعد الملف النووي على رأس أولويات طهران، وهو ما أحرج واشنطن، التي بدأت تبحث عن وسائل لإحضار إيران إلى طاولة المفاوضات.
فلجأت إلى قطر والإمارات العربية المتحدة وروسيا وأوروبا ودول أخرى لحض إيران على الحضور إلى فيينا للتفاوض.
إلا أن إيران غير مستعجلة لأنها بنت «اقتصادها المقاوم» باعتبار أن العقوبات باقية وستتعايش معها. وقدم رئيسي 38 خطة اقتصادية تستطيع إيران من خلالها دفع العجلة الاقتصادية من دون اللجوء إلى الاتفاق النووي الذي تريد واشنطن بكل قوتها تنفيذه - ولكن على طريقتها، أي دون رفع جميع العقوبات التي تصر طهران على إلغائها كاملة.
وفرضت أميركا على إسرائيل عدم شن هجمات تخريبية كبادرة حسن نية أميركية تجاه الملف النووي. إلا أن هذه الخطوة لن تثني إيران عن مطالبها التي لا تحتمل التفاوض وهي رفع جميع العقوبات والإفراج عن 110 مليارات دولار لإيران في بنوك مختلفة مجمدة بسبب القرار الأميركي.
ولهذا فإن التفاوض في شأن الملف النووي قد وصل إلى حلقة مفرغة لا يمكن أن تتقدم إلا إذا قدمت واشنطن طرحاً جديداً - و تنازلاً عن مواقفها السابقة.
واشنطن هي التي انسحبت ابتداءً من الاتفاق عام 2018، وتالياً فإن عليها تقديم إغراءات لطهران لتشجيعها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
ولو عادت إيران من خلال ضغوط إيجابية روسية ومطالب دولية لإثبات حسن نيتها، فإنها فرضت نفسها وأصبحت هي التي تدير اللعبة ولا تقبل موقع أميركا القوي في العالم بل مستعدة لمجابهته وعدم الرضوخ إلا إذا تحققت مطالبها.
لهذا فقد لجأت أميركا إلى الطرق والخيارات المختلفة اعتقاداً منها بأنها ستكون وسيلة ضغط جديدة على إيران. فمن خلال موقع تركيا الجيو - سياسي وعضويتها في حلف شمال الأطلسي، ومن خلال طموحات الرئيس رجب طيب أردوغان بتوسيع الوجود التركي العسكري ونفوذه في اتجاهات عدة بدءاً بالعراق، فسورية وليبيا ودول القوقاز، دخلت أميركا على الخط حيث التقت المصالح التركية - الأميركية المشتركة في جنوب القوقاز، لتغلق الطريق التجاري البري من إيران إلى أرمينيا وروسيا ومن دول آسيا إلى أوروبا، وتضع «طريق الحرير» في موقع إعادة النظر بخطتها الأساسية إذا ما أصبحت تركيا دون إيران الدولة التي تربط آسيا بأوروبا.
أما إيران وروسيا فقط اتفقتا على ضرورة إعادة النظر في الأحداث الجارية في أذربيجان والدخول في التفاصيل التي تريح الشريكين.
بالإضافة إلى ذلك فقد اتفق لافروف وعبداللهيان على توقيع اتفاقات النمو والتجارة بين البلدين على نحو أوسع بكثير مما هي عليه الأحوال اليوم. وكذلك اتفقا على العمل المشترك في سورية ودعم الحوار مع دول الخليج بهدف حل الأمور خصوصاً بعد اللقاءات التي أعلن عنها بين المملكة العربية السعودية وإيران.
وقد عرضت روسيا - على لسان لافروف - مبادرة الشراكة الأمنية التي تجمع أذربيجان وأرمينيا وجورجيا واتفاقات بين روسيا وتركيا وإيران، لحل المشكلات التي بدأت تأخذ طابعاً أكثر عدائية بين طهران وأنقرة تحديداً لتتخطى بأولوياتها أهمية الملف النووي بالنسبة إلى إيران.
لن تتوقف أميركا عن المطالبة بعودة إيران إلى الاتفاق النووي لأنها لا تريد أن تكون مسؤولة عن وصول طهران إلى التخصيب بنسبة 90 في المئة والذي يُمكنها من بلوغ المستوى النووي العسكري الذي تخشاه دول المنطقة ودول الغرب، وتالياً فإن التنازل الأميركي وحسن المبادرة لم تعد خياراً بل أصبحت ضرورة على أميركا القيام بها للخروج من المأزق الذي وضعها به الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018 عندما مزق الاتفاق النووي.
إلا أن مسألة الإخراج حيث يُعلن فيه أن الطرفين، قد انتصرا ولا من خاسر بينهما لحفظ ماء الوجه هو العقدة، التي سيتوصل إليها الجانبان عاجلاً أم آجلاً في فيينا.