2022... عام تعافي اقتصاديات الشرق الأوسط
«إيكونوميست إنتلجنس»: الكويت والإمارات وقطر والبحرين والسعودية تقود قطار المنطقة
- رصدت توقعاتها لدول المنطقة في العام المقبل
- انعدام التكافؤ بين دول المنطقة في مجال مكافحة كورونا
- تزايد زخم تعافي اقتصاديات المنطقة في العام المقبل
- 2022 عام ازدهار لمصدري المواد الأولية في المنطقة وللتجار والمستثمرين الدوليين
نشرت «ذي ايكونوميست انتلجنس» البريطانية مقالاً ضمنته توقعاتها للأوضاع الاقتصادية والمالية في منطقة الشرق الأوسط للعام المقبل 2022. وتناول المقال عدداً من المجالات الرئيسية التي ستكون قيد مراقبة وثيقة من قبل المصالح التجارية والاستثمارية المحلية والعالمية لافتاً الى ان الشرق الأوسط سيبقى مكانا شديد التعقيد بالنسبة لمصالح الأعمال الدولية إلا أنه سيبقى مكانا مغريا بقوة لهذه المصالح لكي تنشط وتستثمر فيه.
وأخذ المقال بعين الاعتبار انعدام التكافؤ بين دول المنطقة في مجال مكافحة فيروس كورونا وانعكاسات ذلك على مناخ الاستثمار في المنطقة. ففي حين سجلت الدول النفطية الغنية في مجلس التعاون الخليجي معدلات مرتفعة لاعطاء اللقاح لمواطنيها (بنسبة تصل الى 70 في المئة) لا تزال معظم بلدان المنطقة تعاني من عدم توافر اللقاحات الكافية من جهة ومن البطء في عمليات اعطائه من جهة أخرى. وستقود دول الخليج الثرية مثل الإمارات وقطر والبحرين والسعودية والكويت الطريق من خلال تلقيح كامل لما لا يقل عن 70 في المئة من سكانها في الوقت مع قدوم عام جديد. ورغم أن عُمان والأردن ومصر كانت بطيئة، لكن يمكن أن تحقق نفس المستوى من التطعيم الشامل خلال عام 2022.
وبالرغم من حالة عدم اليقين التي يحدثها هذا التفاوت يقدم المقال توقعات متفائلة مع بعض التحفظات لمسار التمويل والاستثمار في المنطقة وبشكل خاص في دول مجلس التعاون الخليجي. وفي الوقت ذاته حذر المقال من ان التخلي عن البلدان المتأزمة في مواجهتها لكورونا سيساعد في اطالة أمد الجائحة في المنطقة ويفاقم مشكلات أخرى مثل النزاعات المسلحة وانعدام الأمن المائي والغذائي والمظالم الاجتماعية.
التعافي من الجائحة
توقع المقال تزايدا في زخم التعافي الاقتصادي في العام المقبل مما سيمكن عددا لا بأس به من دول المنطقة من تعويض الخسائر التي تكبدتها بسبب الجائحة، وتستثنى من ذلك البلدان المتأزمة مثل العراق ولبنان وسوريا وفلسطين واليمن. وسيلعب انتعاش أسعار النفط والغاز دورا أساسيا في تحفيز التعافي مع توقعات بأن يصل متوسط هذه الأسعار الى نحو 70 دولارا للبرميل الأمر الذي سيخفف من ضغوط الميزانية للدول المنتجة والمصدرة للنفط ويساعد على تحفيز الاستثمارات. يضاف الى ذلك تخفيف اجراءات الاغلاق والقيود على السفر مما سينعش نشاط الاعمال غير المتصلة بالطاقة، مثل السفر والسياحة اللذين قد يكونان المستفيدين الرئيسيين من هذا التطور. ولكن التهديد الكبير لهذا التعافي يأتي من التطورات المحتملة لفيروس كورونا وامكان ظهور سلالات جديدة منه.
انطلاقة قوية
يرى المقال ان الأزمة التي شهدتها أسواق المواد الأولية وبالتحديد أسواق الطاقة نتيجة جائحة كورونا كانت لحسن الحظ اقصر زمنا من الزمن الذي استغرقته الأزمة المالية العالمية في 2008-2009 وأزمة انخفاض أسعار النفط في 2014-2015، ولاحظ المقال ان أسواق المواد الأولية أخذت تشهد انتعاشا ملحوظا نتيجة قوة الطلب وارتفاع أسعار النفط في أعقاب الجائحة. ومع اتفاق مجموعة أوبك +، التي تضم اعضاء المنظمة ودولا منتجة أخرى، على الالتزام باستراتيجية جماعية موحدة لانتاجها النفطي توقع المقال ان يصل متوسط سعر برميل نفط مزيج برنت الى 71 دولارا في العام المقبل. واعتبر ان هذا السعر يصب في مصلحة المنتجين لأنه سيتيح لمعظمهم تحسين أوضاع ميزانياتهم من دون تقييد الطلب على النفط أو الحد من نموهم الاقتصادي.
وتوقعت «إيكونوميست انتلجنس» ان ينعكس هذا الوضع إيجاباً على ايرادات الشركات وأسعار الأسهم في الدول النفطية، وان يؤدي بالتالي الى زيادة استثمارات القطاعين العام والخاص في مجال الطاقة وفي استراتيجيات تنويع اقتصاد هذه الدول. ومن المحتمل ان يكون 2022 عام ازدهار لمصدري المواد الأولية في المنطقة وللتجار والمستثمرين الدوليين الذين يعملون في مجال الموارد الطبيعية. وأضافت ان الاحتمالات هي الآن أفضل مما كانت عليه خلال عقود من الزمن بالنسبة للاقتصادات المعتمدة على النفط والتي سيتطلع معظمها الى تحقيق ايرادات قصوى من أسعار النفط والغاز الأعلى نسبيا مما سيساعدها على تمويل خطط التنويع الاقتصادي وانتقال الطاقة.
خلل سلسلة العرض
توقعت «إيكونوميست انتلجنس» استمرار الصعوبات التي تواجهها سلسلة العرض نتيجة الخلل الذي أصابها خلال الجائحة مما يعني استمرار تأثر الأنشطة الاقتصادية في الشرق الأوسط بهذه المشكلة.
وأضافت أن فرط الاعتماد على الموردين والعملاء الآسيويين وبشكل خاص الصينيين كان يشكل في الأصل مصدرا كبيرا للقلق. ومن الممكن ان تتطلع الشركات في الشرق الاوسط الى تقصير سلاسل العرض واعادة التركيز على الانتاج المحلي حيثما أمكن ذلك بالرغم من ان خياراتها ستكون محدودة بسبب القيود على مهارات الانتاج المحلية والاستطاعة وتوافر التمويل للاستثمارات والاستعداد للاستثمار والحاجة الى الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع موردين قدماء وجدد وعملاء في الأسواق الآسيوية والأوروبية والأميركية الرئيسية. والأكثر أهمية هو ان بلدانا مختلفة في المنطقة تمثل نقاط انطلاق رئيسية لمبادرة الحزام والطريق الصينية وقد تكون مستفيدا رئيسيا من الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتدفقات التجارية العالمية المغرية المرتبطة بهذا المشروع.
وعلى الرغم ان الصين ستبقى مستهلكا رئيسيا لموارد الطاقة في المنطقة فان النقص في هذه الموارد وارتفاع أسعارها اضافة الى نقص القدرة الاستيعابية لوسائل الشحن وارتفاع تكاليف النقل ستشكل تحديات كبرى. وستبقى الضغوط الشديدة على النقل العالمي مع القيود على الشحن الجوي والبحري الذي سيكون قريبا من الحد الأقصى لاستطاعته في العام المقبل، مع استمرار ارتفاع اسعار النقل. هنالك زيادة في الطلب على النقل البحري مع عدم توقع لزيادة الاستطاعة حتى 2023، وفي الوقت ذاته من غير المتوقع ان يعود النقل الجوي الى مستوياته قبل الجائحة نظرا للقيود على المسافرين وتقليص الرحلات. وأشارت «إيكونوميست» إلى أن ضغوط الأسعار والتقلب وعدم اليقين ستستمر وستتطلب ادارة دقيقة في العام المقبل من قبل الشركات العاملة في الشرق الأوسط.
الأمن المعيشي
ترى وحدة المعلومات في ارتفاع درجات الحرارة والنقص في المياه العذبة وخطر انعدام الأمن الغذائي تحديا كبيرا لبلدان الشرق الأوسط، ومن شأن هذه المشكلات أن تزداد حدة بفعل التغير المناخي وهي تطرح التساؤلات حول كيفية ادارة هذه المخاطر العابرة للحدود.
ولفتت إلى التقدم الجماعي البطيء الذي تحرزه في هذا المجال حكومات المنطقة والتي ستقع تحت ضغوط متزايدة لتطبيق استراتيجيات تخفيف واستدامة، وهذه بدورها ستتطلب تعاونا اقليميا ودوليا أكبر. فقد شهد عام 2021 ارتفاعا قياسيا في درجات الحرارة وفي حالات الطقس الحادة مع توقع ان تكون المنطقة اكثر تعرضا لتأثيرات المناخ السلبية.
وأشارت إلى ان المنطقة، خصوصا السعودية والامارات، تمتلك عددا من المشاريع المعتزمة في مجال ادارة المياه والطاقة المتجددة. وتوقعت ان تسعى القوى الاقليمية الرئيسية وفي طليعتها السعودية والامارات الى احتلال مركز عالمي أقوى وقيادة اقليمية، مع اندفاع العالم نحو تقليل الانبعاثات الكربونية في اعقاب مؤتمر الأمم المتحدة حول التغير المناخي الذي انعقد هذا العام في غلاسكو باسكتلندا. وهذا يعزز الآمال بدعم استثمارات جديدة في مجالات مثل اقتصاد الكربون الدائري والطاقة المتجددة والتنويع الاقتصادي بعيدا عن الطاقة.