No Script

من الخميس إلى الخميس

وزارة الصحة... التوعية

تصغير
تكبير

قضيتُ أربعين عاماً في وزارة الصحة، وقد تقاعدت منذ ستة أشهر تقريباً، وإني في حقيقة الأمر ممتن جداً لعملي طوال هذه السنوات بهذه المهنة الإنسانية العظيمة، وطوال تلك الفترة كنت ممتنعاً في كثير من الحالات بالإشادة بجهود هذه الوزارة وأطبائها وممرضيها، وجميع العاملين فيها خوفاً من الفهم الخاطئ، رغم ما كنت أتلمسه دائماً من تفانٍ وإخلاص بهذه الوزارة لا تؤثر عليه بعض السلبيات من هنا وهناك.

لكن اليوم، لا بد أن أشيد بطاقم القيادة بوزارة الصحة، أشيد دون أن يذكّرني أحدهم بالمثَل الكويتي القديم (ما يمدح السوق إلا من ربح فيه)، وهو مثلٌ في حقيقة الأمر بعيد عن الحقيقة، حيث إن الشكر والثناء يجب أن يكونا للخدمة المتميزة حتى ولو كانت هذه الخدمة واجباً على الإنسان.

إنّ وزارة الصحة، بوزيرها ووكيلها ووكلائها المساعدين ولجنة التصدي لـ «كورونا»، جميعهم نجحوا بشكل مذهل براحة المواطنين والمقيمين في ما يتعلق بالتطعيم، وأحسبني غير مبالغ إذا قلت إنه لا توجد دولة، كما أقرأ وأشاهد، في دول العالم يتلقى فيها المواطن والمقيم مثل هذه الجرعات مجاناً، وبتنظيم رائع وسهولة في الأداء، وقد سبقني بهذا الثناء الكثيرون، ولكنني أضيف إلى هذا الثناء تلك المعاملة الخاصة التي يجدها كبار السن (وأنا منهم) بمساهمة المتطوعين من الهلال الأحمر والدفاع المدني، وعملهم جميعاً كخلية نحل لمساعدة الناس والتخفيف عنهم.

نشكر تلك الجهود الكبيرة لوزارة الصحة، لا سيما في ما قامت به في جائحة كورونا، ونتمنّى أن يستمروا بهذا العطاء وهذا التفاني بغض النظر عن بعض الأصوات الشاذة التي عادة ما ترى الجزء الفارغ من الكوب، والتي تتعامل مع الأمور إما بشخصانية أو لأهداف أخرى.

من ناحية أخرى، غداً يبدأ شهر أكتوبر، شهر التوعية من سرطان الثدي، والتوعية كما لا يخفى على أحد أنها سر النجاح في الأمراض المزمنة وعلى رأسها مرض السرطان، ومن المعلوم أن سرطان الثدي من أكثر الأمراض وقوعاً في دول العالم، لذلك فإن شهر أكتوبر هو الشهر الوحيد الذي يتذكره الجميع ويربطه بالتوعية، وقد أعدت حملة (كان) وهي حملة وطنية للتوعية بمرض السرطان، والتي رعاها حضرة صاحب السمو أمير البلاد مع وزارة الصحة، وكذلك جمعيات النفع العام المرتبطة بالتوعية، أعدوا جميعهم برنامجاً نشيطاً متواصلاً طوال شهر أكتوبر لإرسال رسالة توعية لكل امرأة تحتاج إليها.

إن التوعية تؤدي للكشف المبكر، والكشف المبكر يؤدي إلى نسبة شفاء من سرطان الثدي تصل لأكثر من 80 في المئة دون أن تفقد المرأة العضو المصاب، أما عدم التوعية فإنه يؤدي إلى التأخير في كشف هذا المرض، كما يؤدي إلى علاجات مزعجة ونسبة شفاء محدودة، من أجل هذا ينشط الجميع بهذا الشهر لإيصال هذه الرسالة للمرأة في الكويت، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج، والدرهم هنا التوعية والقنطار هنا المعاناة التي تعانيها كل امرأة لم تستمع للتوعية.

إنّ إنقاذ الأرواح مسؤولية عظيمة، وهدف سامٍ كما أن كل متطوعة ومتطوع ساهم في هذه المهمة الإنسانية سيناله بإذن الله أجر إنقاذ الأرواح، ولنذكر جميعاً قول المولى – عز وجل - «ومَن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعاً...» الآية 32 من سورة المائدة، فأي نعمة هذه، نعمة التطوع التي تجعل الإنسان وبجهد بسيط ينقذ البشرية جميعها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي