مشاهدات

أبناؤنا عز وفخر

النقد البناء ضرورة وأمر إيجابي وسلوك محمود، فهو بمثابة الرقابة المجتمعية تجاه من يقوم بسلوك مشبوه وتجاوز على القوانين، والهدف منه هو تعديل السلوك، وإعادة الأمور إلى مجراها الصحيح لعدم العبث في مقدرات الوطن وحفظ كرامة وحرية الشعوب، ويجب على الناقد أن يكون منصفاً ولا ينتهك كرامة الإنسان، ولا ينتقص من احترامه، كذلك لا ينبغي على الناقد أن يقوم بالتعميم المطلق ليصف غالبية مواطنيه بكلمات واتهامات باطلة غير مقبولة.

والكاتب أو الناقد يجب أن يكون الهدف من كتاباته أو نقده هو الوصول إلى الحقيقة لتحديد المشكلة، وايجاد الحلول المناسبة لها من خلال النقاش الايجابي، وتبادل الآراء مع الآخرين بالدليل والبرهان للوصول إلى الحلول السليمة.

بالإضافة إلى الاخلاقيات والتعاليم الدينية التي يجب ان يتمتع بها الكاتب، أو الناقد، وحسن اختياره للكلمات الليّنة واللطيفة الممزوجة بالنصح والارشاد.

قبل أيام قليلة نَشر أحد الكتاب مقالة كال فيها التهم لغالبية أبنائنا، حيث نعت فيها غالبية الموظفين بالآتي: ( كسالى - اتكاليون - يتهربون أو يتغيّبون عن العمل - يتمارضون ولديهم إعفاءات - أو يطالبون بحقوق لا يستحقونها).

ووصلت موجة انتقاداته إلى أبنائنا الطلبة واتهامهم بأنهم يلجأون إلى الغش والواسطة ودفع المال (الرشوة) للحصول على الدرجات؟ - مدعياً بأن هناك قلة قليلة من الموظفين يؤدون عملهم بأمانة!

وفي الحقيقة فإن مثل هذا الطرح فيه الكثير من الغرابة والبعد عن الحق، واتهامات خطيرة مبنية على الباطل، وتنافي الواقع، وهنا يُطرح تساؤل: لماذا يقوم شاغل الوظيفة القيادية بكيل المديح لمرؤوسيه عندما يكون على رأس عمله، ولكن عندما يترك الوظيفة يقوم بذمهم، ويكون كلامه عنهم مغايراً تماماً لكلامه عندما كان مسؤولاً؟

لا شك أن الكويت تفتخر بأبنائها في شتى المهن، سواء بالقطاع العام أو الخاص، وهم ليسوا بكسالى ولا اتكاليين ولا متمارضين، فغالبيتهم عاملون مجتهدون في شتى قطاعات الدولة، ويؤدون عملهم بكل أمانةٍ وصدقٍ - فعلى سبيل المثال لا الحصر -هناك موظفو وزارات الدفاع والداخلية والإطفاء، والصحة والعدل، إدارة الفتوى، القطاع النفطي، وزارة الكهرباء، التأمينات، البطاقة المدنية، الجمارك... الخ ) والقائمة تطول - كل من يعمل في هذه الدوائر أو الاقسام يؤدي عمله بإخلاص.

والكويتيون يظهر معدنهم الاصيل جلياً في الأزمات على مر السنين، ففي فترة الغزو الصدامي لدولة الكويت، وعندما غادر جميع العاملين الوافدين الكويت حفاظاً على أرواحهم، قام أبناؤنا بجميع الأعمال، صغيرة كانت أم كبيرة، دون منٍّ ولا ضجر أو تأفف ولا لطلبِ غاية مادية، بل خدمة للوطن العزيز الذي وقع تحت براثن المحتل الغاشم، وكذلك حدث هذا في الأزمة الصحية التي مرّت بنا ولا تزال ماثلة بيننا - أزمة كورونا - قام الموظفون بأداء أعمالهم على خير وجه وبكل أمانة وإخلاص، يُساندهم في أعمالهم ومن خارج القطاع الصحي أخوة متطوعون، عملوا من دون مقابل غير سائلين عن المكافأة المالية.

ولكن هذا لا ينفي أنّ هناك فئة، وإن كانت قليلة، لديهم إعفاءات رسمية من الجهات التي يعملون بها أو هم متمارضون لا يؤدون أعمالهم بأمانة.

فالخلل ليس بالموظفين، وإنما بالمتنفذ أو المسؤول الذي يقوم بإعفاء موظفيه، ويحابي بعض الموظفين على حساب البعض الآخر في التقييم السنوي، وذلك لأجل مصالح شخصية أو اجتماعية، أو بسبب عدم كفاءته، وذلك لأنه وصل الى سدة الكرسي بالواسطة وليس بجهده وعمله أو بالتعيينات الباراشوتية - فهو ليس بأمينٍ ولا بمخلصٍ في عمله، وفاقد الشيء لا يعطيه.

ففي الوظائف العامة عندما يتجاوز الموظف واجباته، هناك إجراءات حازمة تطبق عليه، كَلَفْتِ النظر أو الإنذار أو الخصم أو الإيقاف عن العمل وتصل أقصاها إلى الفصل.

وقد وصلت هذه الاتهامات والتي طالت وزارة التربية إلى الطلبة، وذلك باتهامهم بالغش ودفع المال (الرشوة) للمدرسين لنيل النجاح؟

نعم الغش موجود ولكنّه ليس ظاهرة منتشرة بصورة كبيرة، فمن يُضبط بعمل ذلك تُطبّق عليه عقوبات رادعة، منها الرسوب في الامتحان والفصل من الدراسة، ومن يُمارس ظاهرة الغش هم فئة قليلة، فغالبية الطلبة يُتوّجون بالنجاح بمجهوداتهم الذاتية واستعدادهم للامتحانات.

الاتهام بدفع المال هو اتهام خطير جداً، لذا، ندعو المؤسسات الرقابية بالتحقق من هذا الأمر إن كانت تلك المعلومة صحيحة.

ختاماً:

نقول إنّ كيل الاتهامات من دون دليل أو بحث أو دراسة مستفيضة ولا استبيان أمر غير مقبول.

كذلك لا يجب أن يكون النقد وسيلة للانتقاص من مكانة الآخرين، وتوجيه الاتهامات الباطلة لهم من دون وجه حق، بل يجب أن يكون النقد هو عملية فحص وتحليل وإعادة تقييم لتصحيح خلل قائم.

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمنئة، والحمد لله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي