No Script

روى لـ «الراي» قصته مع الكويت

طبيب لبناني يلبّي «نداء ولادة».. على دراجة هوائية

تصغير
تكبير

لم يكن د.ذكي سليمان يتوقع أن تنال خطوته العفوية التي أمْلاها عليه واجبه الانساني كطبيب نسائي وتوليد كل تلك الضجّة على مواقع التواصل الاجتماعي. فهو الطبيب الرياضي الذي اعتاد المشاركة في مسابقات رياضية عالمية ابرزها تحدي الرجل الحديدي لم يجد وسيلةً أمامه حين دعاه الواجب الملحّ إلا أن يمتطي دراجته الهوائية ويسارع لتوليد سيدة حان موعد ولادتها لطفلها.

أزمات لبنان الكثيرة، وآخرها أزمة المحروقات الخانقة وطوابير الذل على المحطات، انعكست على كل القطاعات ولاسيما القطاع الطبي الذي بات أفراده يجدون صعوبة في الوصول الى مرضاهم نتيجة عدم توافر مادة البنزين لسياراتهم.

وكانت بعض شوارع العاصمة قد شهدت مظاهر غريبة بعضها حقيقي، وبعضها الآخَر يهدف إلى تسليط الضوء على مشكلة الأطباء وعدم تأمين تنقلاتهم حيث شوهدت بعض الأطقم الطبية تجرّ «رمزياً» وفي مشهد تعبيري مرضاها في أسرّتهم سيراً على الأقدام في شوارع بيروت. وما قام به د.ذكي سليمان جاء نتيجة لأزمة المحروقات وساعد في تسليط الضوء أكثر فأكثر على مشكلة الأطباء والبنزين

وكان الطبيب سليمان قد حضر إلى مستشفى رزق في منطقة الاشرفية في بيروت على متن دراجته الهوائية لإتمام عملية الولادة. وقال إنه إضطر لركوب دراجته الهوائية لإجراء العملية بعد إنقطاع سيارته من البنزين ولم يشأ الطلب من أحد تزويده بهذه المادة. وبعد إجراء عملية الولادة إلتقط صوراً مع الرضيع بملابس الرياضة وعلّق: «احتفِظ بهذه الصورة أيها الصغير، ففي يوم من الأيام سيخبرك والداك أن طبيبك جاء على متن دراجته لولادتك، لأنك وُلدت في زمن شح البنزين والأدوية والكهرباء والطعام، في بلد 90% من مواطنيه بلا كرامة».

لا للزبائنية

وفي حديث إلى «الراي» يشرح د.سليمان أنه أراد من نشر هذه الواقعة أن يعلن من خلالها موقفاً وطنياً وللقول «إن الحلول في لبنان كلها مغلوطة وتعتمد على الزبائنية والاستزلام. فالطبيب قادر بواسطة معارفه على تأمين المحروقات لسيارته لكن ليس هذا المطلوب بل ما يجب العمل من أجله هو إعطاء كل المواطنين حقوقهم وتأمين المحروقات للجميع لأن من واجب الدولة القيام بذلك».

الطبيب الثائر يؤكد أنه قادر على تأمين وقود سيارته «ولكن ماذا عن الطاقم التمريضي والإداري في المستشفى؟ مَن يؤمن له المحروقات وكيف يعمل الطبيب من دون فريق عمل؟»... وما هذه الزبائنية في تأمين المحروقات إلا مثال على الأمر نفسه في كل وظائف وخدمات الدولة وهو الأمر الذي يرفضه. سليمان.

ود. سليمان مثل الأطباء الكفوئين في لبنان يقدم خدماته الطبية في أكثر من بلد وقد اختار دولة الكويت أخيراً ليكون ضمن فريق مستشفى الفروانية للقيام بجراحات دقيقة بواسطة المنظار واضعاً خبراته العلمية في خدمة هذا البلد الشقيق.

ويقول الطبيب النسائي «إذا كنا ككفاءات لبنانية نقوم بأهمّ الإنجازات في الخارج فهل من العدل أن نكافأ بهذه الطريقة في بلادنا؟»، مؤكداً من جهة أخرى أنه لن يغادر بلده لكنه يفخر بأن يقدم خدماته في دولة الكويت «التي تحترم أهل العلم والكفاءة».

الطبيب الرياضي

وحين نسأل الطبيب عن حبه للرياضة وإذا كان بإمكانه القيام بهذا العمل لو لم يكن رياضياً؟ يجيبنا بأن «هذا دافع آخر لإثارة مشكلة الظلم وفقدان العدالة بين المواطنين». فهو قادر بحكم جسمه الرياضي وعاداته الرياضية السليمة على استخدام الدراجة الهوائية للوصول الى المستشفى «ولكن ماذا عن بقية المواطنين الذين لا يجدون وسيلة تنقل؟ أليس من الظلم حرمانهم أبسط حقوقهم؟».

لكن مع ثورته على الوضع القائم يحمّل د. سليمان أيضاً المواطنين اللبنانيين مسؤولية الانتفاضة على هذه الأوضاع قائلاً: «بدل ان ننتظر لساعات وساعات أمام المحطات كان بإمكاننا النزول الى الشارع لنعلن بصوت واحد انه في حال لم يتأمن البنزين لن ينزل أي مواطن الى عمله وليتوقف البلد. بهذا كنا استطعنا وبطريقة سلمية إحداث ثورة حقيقة وقلب الكثير من الوقائع».

وفي الختام حين نسأله عن قدرته على التوفيق بين عمله كطبيب نسائي وبين هواياته الرياضية يجيب: «القدرة على التوفيق تعتمد على وضع سلّم أولويات. وأنا أضع الرياضة في أول سلّم اهتماماتي وأقتطع لها الوقت الكافي إذ لا يمكنني أن أنصح الناس من حولي بالحفاظ على لياقتهم البدنية وصحتهم إذا كنت غير قادر على أن أكون المثال أمامهم».

وينهي الطبيب الذي بات حديث الناس كلامه قائلاً: «الثورة ليست صعبة بل تحتاج الى أشخاص يؤمنون بها».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي