No Script

من الخميس إلى الخميس

حتى لا تموت الجذور

تصغير
تكبير

يقول أحمد مطر الشاعر:

أنا لا أكتب الأشعار فالأشعار تكتبني

أريد الصمت كي أحيا ولكن الذي ألقاهُ يُنْطُقُني

ولا ألقى سوى حزنٍ على حزن على حزن

اليوم تعيش أمتنا حالة صعبة لم أقرأ مثلها في كتب التاريخ، ولم أعِ مثلها من قبل، لم يشهد تاريخ أمتنا العربية مثل هذا الهروب لعدد كبير من النزاعات الخطيرة، هروبها من صفحات التاريخ وتجمّعها في حقبة واحدة... حقبة عندنا في أيامنا هذه.

اليوم نحن نعيش كل خلافاتنا التاريخية ويزيد، فهل تستطيع حقبتنا الحالية الصمود أمام كل هذه المصائب؟ اليوم يتلحف معظمنا بالطائفية والعشائرية والقبلية والفئوية... اليوم انتهى لدى معظم دولنا حكم الأمة وتم الرضا بحكم الأقلية.

أمة فقدت أولى قبلتيها، بل واستغلت ذلك الفقد للترويج لشعارات هدفها احتلال الأمة وتمزيق أركانها كما حدث قبل صلاح الدين الأيوبي.

أمة استسلمت للترف والجدل وأوكلت الأمر لغير أهله كما حدث قبيل سقوط الأندلس.

أمة تمزقها الخلافات المذهبية كما حدث في العهد الصفوي. أمة تطغى عليها الشعوبية كما حدث في العهد العثماني.

أمة استسلمت لأعدائها وتفتخر بعودتهم لقواعد في بحرها وعلى أرضها كما حدث بعد «سايكس بيكو».

تجمّعت علينا كل تلك المصائب التي هزتنا سابقاً وزدنا عليها، زدنا عليها إبداعنا في إقصاء ثقافتنا ولغتنا، حتى ما عاد شبابنا يتعلّمون إلا بلغة أعدائنا ولا يفتخرون إلا بثقافة الآخر، زدنا عليها، رضانا بحكم الطغاة وعداوتنا لحكم الشعوب، حتى أصبحنا نرى وجوهاً بشعة تطل علينا كل يوم تقدس الطغاة وتتغنّى بهم، وعُدنا نسمع عجباً من علماء دِين يقدّسون الحكام الظلمة ويبرّرون ظلمهم، كَمَا نرى بعين الحزن طوابير من رجالنا (العرب والمسلمين) الذين خطهم المشيب تقف على أعتاب أهل المصالح من أجل بيع صوتها أو موقفها بأثمان بخسة لن تنفعهم مع اقترابهم من يوم الحساب، عارٌ غدا أمراً عادياً في عصر المصائب،

كما زدنا على كل تلك المصائب المجاهرة في محاربة ديننا وقيمنا بهدف القضاء، ولأول مرة، على جذورنا، تلك الجذور التي كانت دائماً ملجأنا الذي نعتمد عليه لبعث الأمة من جديد.

اليوم وأنت تبحث عن قيمنا العربية الإسلامية تجدها في أحضان كل شعوب العالم ما عدانا، ضاعت كلمة الشرف وانتشر النفاق وأصبح الكذب عادة المثقفين، والنصب أسلوب الأذكياء، والعدل يساوي المصلحة والحقُ يعني وجهة نظري.

حالنا اليوم لا يَسُّر، وإذا لم نتحرّك بسرعة للتصدي لتلك السموم القادمة من التاريخ ومن أنفسنا، إن لم نتصدَ لها، سيطول الضرر جذورنا في سابقة لم تحدث من قبل وسوف تموت أمة العرب، وبموتها سيفقد دين الإسلام أقوى دعائمه، وقد يكون هذا هُوَ الهدف النهائي لكل ما يحدث لنا!

لكن ما زالت هناك جذوة مشتعلة في قلوب الصادقين والأمل بهم لن ينقطع.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي