هنالك صورة يستخدمها كثير من المدربين لإقناع الناس بأن ما يجري في الحياة من حولنا يعتمد على الزاوية التي ننظر منها لكل شيء، وهي صورة المرأة العجوز والشابة، فإذا نظرت في اتجاه معين فإنك سترى الصورة تمثل المرأة العجوز، ولكن اذا ركزت النظر في اتجاه آخر فستجد صورة امرأة شابة تنظر اليك.
في تصوري ان تقييم المواطن الخليجي لمؤتمرات القمة الخليجية التي بلغت ثلاثين مؤتمرا ينطبق عليها ما ينطبق على تلك الصورة، فمن قائل يقول: ثلاثون عاما مضت ونحن نكرر تلك الاجتماعات ونصدر نفس البيانات وتتعطل الحياة في الدولة التي ينعقد فيها الاجتماع دون ان نرى نتيجة تذكر، فلا عملة خليجية موحدة ولا سهولة للتنقل بالبطاقات المدنية ولا نظام امني موحد ولا تبادل تجاري ولا سياسة خارجية مشتركة، بل نحن كأحجار الشطرنج المبعثرة التي لا يشبه بعضها بعضا، فمشاكل الحدود على سبيل المثال قد تمزق وحدة اي دولتين من دول الخليج وتحولهما إلى اعداء او الاختلاف على البنك المركزي على الجانب الآخر تجد من يرى الجزء الآخر من الصورة ويقول: حرام عليكم لا تظلموا دولكم وتطلبوا منها تحقيق المثاليات التي لا مجال لتحقيقها في عالم مترامي الاطراف تحكمه المصالح وتعصف به التقلبات العالمية، اذا قلنا بأن الامور نسبية فدعونا نقارن ما عندنا من تعاون واستقرار بين دول الخليج ببقية الدول العربية التي لا تكاد تتفق دولتان من دوله على قضية واحدة، والتي تمزق كل منهما قميص الآخر كما قال الرئيس حسني مبارك.
ويضيف المتحمس لصورة الشابة قائلا: انظر إلى توصيات قمة الخليج الاخيرة تجد بأنها قد قطعت شوطا كبيرا في الربط الكهربائي الذي اصبح واقعا، واتفقت اربع دول خليجية على تدشين العملة الموحدة، وان تعمل دوله على انشاء بنك مركزي خليجي، كما سعت إلى استكمال الدراسات التفصيلية لإنشاء شبكة قطارات لنقل الركاب وهيئة لسكة الحديد، كما اتفقوا على انشاء هيئة للاعتماد الاكاديمي، واتفقوا على تفعيل دور قوات درع الجزيرة، كما كان لهم موقف واضح من احداث اليمن ودعمهم الكامل للحكومة اليمنية وهكذا.
مهما نظرنا إلى صورة المرأة العجوز او الشابة على خريطة مجلس التعاون فإن الواجب علينا هو ان نشجع حكامنا على المضي قدما في سبيل تطوير هذا التعاون وعدم التردد، فمصيرنا واحد وشعبنا واحد واعداؤنا لن يرحمونا اذا تفرقنا وتمزقنا، وها هو التحدي الإيراني يحيط بجزيرتنا العربية من كل اتجاه.
د. وائل الحساوي
[email protected]