No Script

ملامح الحياة

وفي ذلك فليتنافس المتنافسون!

تصغير
تكبير

يعزّ الله أهل التقى والورع بإيمانهم وحبهم للناس وإعانتهم، ويجدون في حاجة الناس وتفريج كربهم... قوتهم وإيمانهم الحقيقي، وسعادتهم في الآخرة وعلو شأنهم وتعزيز مكانتهم لدى الباري جل وعلا، حيث يثاب الإنسان على حجم موقفه وعونه مادياً أو معنوياً للآخرين.

قال أحد الرحماء المتواضعين: ما من جارٍ أو صديقٍ لنا اغتم إلا اغتممنا جميعاً لأجله، ولا فرح إلا فرحنا لفرحه، وإذا مات وكان مديناً... تكاتفنا واجتمعنا وقسمنا دينه علينا جميعاً فسددناه، إذ نحن عصبة خير نخلص لصاحبنا في حياته وبعد مماته.

وفي يوم من الأيام رأيت كهلاً يجوب المكاتب وبيده بعض الأوراق يسأل المارة: أين يمكنني إنجازها... الجميع ينظر إلى مظهره الخارجي وإلى ملابسه قبل أن يعلم ماذا يريد هذا الإنسان؟

مد العون من الأخلاق الحميدة... ويجب على الإنسان الخنوع والتواضع والتنازل عن كبريائه أمام الضعفاء، فهذا يدفعه وذاك يبعده بإشارة منه، فقد آلمني هذا الموقف وتقدمت إليه سائلة: هل أستطيع مساعدتك يا والدي، فكان يسأل عن أحد المكاتب وهو واقف خلفه، فأشرت إلى تلك الجهة، فنظر إليّ وهو يدعو لي بالخير والسعادة، ما أبسط الضعفاء وما أجمل عباراتهم، فقال لي وهو ذاهب: ليتني أستطيع أن أقدم لك عوناً كما فعلت معي بعدما زأر بوجهي الكثيرون، فقلت له: من المؤكد أنني في يوم من الأيام سوف أقف في موقفك هذا وأسأل المارة عن مكان ما... ولكنني سأتفوق في نيل حاجتي بسبب دعائك الطيب هذا لي، فشكراً لك والدي رعاك الله بحفظه وتوفيقه.

وقيل بأن جباراً سيئ الخلق ذهب مع بعض أصدقائه الى أحد المقابر، فدخل وقال: السلام عليكم أهل هذه الديار... اليوم هو يوم الجمعة وأنتم لا تعلمون ذلك، ثم صمت وخرج من المقبرة، وفي المساء أخذ مضجعه، فأتاه آتٍ في منامه فقال له: يا فلان... إنك أتيتنا فسلمت علينا فرددنا عليك السلام... فقلت لنا: يا أهل الديار هل علمتم أن اليوم الجمعة... ونود بأن نخبرك بأن الطير يطير فوق قبورنا وهو يردد «سبوح قدوس رب الملائكة والروح».

تلك هي مكارم الأخلاق والأفعال، وإن مع الدنيا آخرة، وإن لكل شيء حسيباً، وعلى كل شيء رقيباً، فلكل حسنة ثواب... كما لكل سيئة عقاب، وأن لكل أجل كتاباً.

قال تعالى في سورة الزخرف: «وعنده علم الساعة وإليه ترجعون».

لو يعلم الإنسان بأنه لا شفاعة لأحد عنده إلا بإذنه، لفعل الكثير من الخيرات والحسنات، وتواضع لكثير من الناس حوله، فالضعيف أسير حاجته الماسة والتي يبحث عنها.

ما الذي يمسكنا عن فعل الخير للآخرين... محبة لله سبحانه وتعالى وتقرباً إليه؟!

«وفي ذلك فليتنافس المتنافسون».

Twitter: @H_ALHASHEMMI

Alhashimi636@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي