روبرت شيلر الاستاذ في جامعة ييل الاميركية الشهيرة ومؤلف كتاب (حماسة غير عقلانية) والذي تنبأ بالانهيار الاقتصادي العام 2001، يقول شيلر «لقد اصبحنا نهوى المخاطر في معاملاتــــنا المالـــية، وهو تغيير سيستمر على الارجح، واننا نشهد فقاعة مالية جــــديدة (ازدهار يليه انهيار)».
ويقول (محمد العريان) المدير التنفيذي لشركة بيمكو: «ان عددا كبيرا من المستثمرين يتعاملون مع الأزمة المالية وكأنها إصابة سطحية في حين انها طالت صلب النظام المالي الاميركي»، ويقول «بأن الاسواق تشهد نشـــوة شبيهة بنشوة تناول السكر» للأسف ان العالم كله لم يستفد من تلــــك الازمة المالية المدمرة التي عصفت باقتصادات آلاف البنوك والشركات ودفعت حكومات دول كــــثيرة على اقتراض المليارات من الدولارات لدعم اقتصاد بنوكها وشــــركــاتها، لكن تلك المؤسسات قد عادت إلى سابق عهدها من المخاطرة والتنافس المحموم ما رفع من قيمة اسهــــمها واعاد مؤشــــر الســـوق إلى اعلى مما كان عليه سابقا دون ان يقابل ذلك انتعاش اقتصادي حقيقي.
بالأمس اهتزت الاسواق العالمية عندما اعلنت امارة دبي عن عجزها عن تسديد ديونها التي فاقت 80 مليار دولار حيث تبين حجم الازمة المالية التي تعانيها واحدة من انشط الاسواق العالمية والتي كانت تعتبر مثالا يحتذى به في التخطيط والتطور الاقتصادي.
لست في صدد مناقشة مشاكل العالم الاقتصادية فهذا امر يجب ان يتصدى له المتخصصون، ولكني اشعر بالغثيان عندما اسمع اسطوانة اسقاط قروض المواطنين وتبديد ثروات البلاد تتكرر من جديد بالرغم مما شهدته اسواقنا من انتكاسات - وما زالت - وعندما يصبح البرنامج الانتخابي لبعض نوابنا الذين لا برنامج عندهم اصلا هو اسقاط القروض بتكلفة خيالية تصل إلى مليارات الدنانير.
لقد شاهدنا كيف انهار سعر برميل النفط خلال عام ونصف العام من 136 دولارا إلى 32 دولارا، ولئن ارتفع مرة اخرى لظروف لا نعلم ان كانت ستدوم أم لا، لكن سياسة البذخ والتسابق على تبديد الاموال لم تتوقف ولم نعتبر من جميع تلك الدروس القاسية، واتعجب ممن يرددون بأن صندوق المعسرين قد فشل حتى قبل ان يبدأ، وعيونهم على فائض الاموال الموقتة يفكرون في كيفية تبديدها من اجل كسب الشعبية ورضى الناس عنهم.
وعتبي على اعضاء اللجنة المالية في مجلس الامة الذين كنا نعول عليهم كثيرا بما لهم من خبرة واتزان كيف خضعوا لتلك الاصوات المطالبة بتبديد اموال الاجيال القادمة في مشروع لا ضمان للحكومة في ان تسترد اموالها منه ولا دراسة شرعية لمدى جوازه، لا سيما وانه لا يعدل بين الناس.
د. وائل الحساوي
[email protected]