No Script

«إذا لم يبحث الإنسان عن فرصة كي يخرج من الجحيم... فإنه يجلد نفسه»

عبير نعمة لـ «الراي»: لا يمكنني أن أكون ببغاء


عبير نعمة
عبير نعمة
تصغير
تكبير

تتواجد الفنانة اللبنانية عبير نعمة في الولايات المتحدة، ويبدو أنها قرّرت مغادرة لبنان والعيش فيها بعدما سئمت من الاستنزاف الذي يعيشه اللبنانيون الذين طُعنوا في مالهم وصحتهم وأمانهم.

ولكن نعمة لا تزال تتمسك بالفن، وطرحت أخيراً ألبوماً بعنوان «بيبقى ناس»، يضم 8 أغنيات صورت منها 4، آخرها الأغنية التي تحمل عنوان الألبوم الذي أنتجته شركة «يونيفرسال ميوزك»، معتبرة في حديثها مع «الراي» أنه «بلا رسالة، الموسيقى لا طعْم ولا معنى لها، وتتحوّل إلى تكرار، وهذا لا مكان له في حياتي، لأنه لا يمكنني أن أكون ببغاء».

ولا تُخْفي نعمة خيبة الأمل التي تعيشها في وطن لم يعد قادراً على احتضانها وحمايتها وتأمين أقل متطلباتها كمواطنة، خصوصاً أنها أمّ وتخاف من لوم ابنتها لها لتقاعسها عن تأمين الفرصة المناسبة لها تؤمن لها حياة ومستقبلاً أفضل.

• ما أسباب وجودك في الولايات المتحدة؟

- أقوم بزيارة خاصة.

• هل تفكرين في الهجرة؟

- في كل لحظة.

• للانطلاق فنياً على مستوى العالم أم لتأسيس حياة جديدة؟

- ما أفكر به حالياً هو كيف يمكن أن أكمل الحياة بأقلّ قدر من البؤس والضرر واللعب بالكرامة، وبأمان واطمئنان.

عشنا كل حياتنا ونحن نتمسك. تَمَسَّكْنا بالأرض، بتراب الوطن، ونسينا أنفسنا كأفراد، وصرنا نفكر أكثر كجماعة وبالعائلة وبالجذور، وبمدى تجذُّرنا بالأرض وعدم تركها لأنني متعلّقة كثيراً بالوطن.

سبق أن تلقيتُ الكثير من فرص السفر ورفضتُها، ولكن اليوم أنا مسؤولة عن عائلة وأمٌّ لطفلة وأفكر بها كثيراً، وأقول إنها ستلومني يوما ماً، لأنني لم أعطها فرصة أن تعيش حياة أفضل ومستقبلاً أفضل.

لستُ أنا مَن قرّر ترك لبنان، بل هم قرروا عني. إذا فتحتْ السفارات أبوابَها لا يبقى أحد في لبنان، لأنه عندما تصل الأمور إلى لقمة العيش وحليب الأطفال والدواء والمستشفى، ماذا يصبح الوطن! أنا أقصد النظام والسياسيين والفساد.

هل نحن وُلدنا كي نجلد أنفسنا؟ وإذا لم يبحث الإنسان عن فرصة كي يخرج من الجحيم، فإنه يجلد نفسه.

• ألا يُعتبر هذا الأمر تخلياً عن الوطن؟

- صحيح أن الوطن ليس فندقاً، ولكن عندما لا يعود حضناً يحمينا، لا يعود وطناً! لا أتحدث عن لبنان الأرض والطبيعة والبحر والجبل والعائلة.

وكما أقدّم لوطني عليه أن يعطيني، ولكن عندما أعيش كل حياتي وأنا أعطي وأنتظر ولا من مجيب، وعندما يسرقون منا كل شيء ويتركوننا في العراء، ماذا يمكن أن نفعل؟ ولم يكن ينقص إلّا أن نُتهم بأننا غير وطنيين لأننا نبحث عن فرصة حياة.

لا أحد يريد أن يترك لبنان، ولكن فسادهم وسوء إدارتهم وسرقاتهم يجبرنا على ذلك.

هم سرقوا لبنان، فأين نعيش إذا كان الوطن لم يعد موجوداً؟

• بعض الفنانين اعتكفوا وآخرون مستمرون بالإنتاج وطرْح أعمال جديدة وأنتِ من بينهم. ما الفارق بين فنان وآخَر من هذه الناحية؟

- كما أن كل شخص لديه حياته ومشاكله وظروفه، فكذلك الفنانون.

وفي الأساس نحن لسنا متشابهين، بل كل فنان هو حالة خاصة ولديه طريقة تفكير خاصة وظروف خاصة.

• ولا شك أن وجود شركة إنتاج تقف وراء الفنان تدعمه كثيراً؟

- طبعاً.

أنا مرتبطة بعقد مع شركة «يونيفرسال ميوزك» وهي مَن تُنْتِج أعمالي.

• طرْح ألبوم في هذه المرحلة، هل هو خطوة مُناسِبة؟

- فكّرنا كثيراً قبل طرْح الألبومات، ولكن النكبات والأزمات مستمرة ومتواصلة عاماً بعد آخَر، خصوصاً في منطقتنا.

أما «كورونا»، فاكتسحت كل العالم، لكن في المنطقة تحصل مأسٍ كبيرة بين فترة وأخرى، ولا يمكن أن تقف الحياة عندها، بل لابدّ أن تستمر.

ونحن لا يمكننا الانتظار، خصوصاً أننا نعيش أزمة عالمية من ناحية، ووطنية من ناحية أخرى.

نحن نعيش حرباً من نوع آخَر، وهي أصعب من المدافع والصواريخ.

ومَن يمكنه التعبير بصوته أو قلمه أو لوحة أو كتاب فليفعل ذلك، وأن تكون رسالته إيجابية وحقيقية، لأنه لم يعد بالإمكان أن نغنّي عن الوطن الجميل والقوي، وفي المقابل (مطلوب) أن نغنّي عن الناس الذين نحبهم ولهم، عن أهمية أن نكون جنباً إلى جنب، للحب والحلم.

• ما كان هاجسك عند تنفيذ الألبوم؟

- الألبوم بدأ من دون هواجس، وتدريجاً بدأتْ تبرز المواضيع.

بلا رسالة، الموسيقى لا طعْم ولا معنى لها، وتتحوّل إلى تكرار، وهذا لا مكان له في حياتي، لأنه لا يمكنني أن أكون ببغاء. بعض الأغنيات تتمحور حول الألم، وأخرى حول الأمل، كما غنّيتُ للوطن وعن الناس الحلوين الذين لا غنى لنا عنهم.

الإيجابية ضرورية ونحن بحاجة إليها.

أنا كنتُ حقيقيةً في هذا الألبوم.

• وهل صوّرتِ بعض الأغنيات منه؟

- صوّرتُ 4 أغنيات.

• هي خطوة شجاعة وقلائل هم الفنانون الذين يمكن أن يُقْدِموا عليها؟

- هذا ما أعرف أن أفعله في الحياة، وسأحاول دائماً أن أقدّم شيئاً جديداً ولم أعد أريد الانتظار.

انتظرنا كثيراً وكل حياتنا كانت عبارة عن انتظارات.

لو تقاعس كل واحد منا عن الشيء الذي يفعله، تتوقف الحياة.

ويفترض أن تكون عندنا إرادة حياة وتغيير كي لا نبقى في مكاننا.

أنا كنتُ في لبنان، ولكنني كنتُ أغني في المهرجانات الدولية في «بعلبك» و«بيت الدين» وبعض الحفلات المتفرقة.

الوضع كان صعباً لي في لبنان لعدم توافر المسرح على مدار العام، وأمضيتُ غالبية حياتي في الطائرة، ولم يتغيّر عليّ شيء. يمكننا ألا نعيش في لبنان، ولكنه يعيش فينا.

• كيف هي أصداء الألبوم؟

- جيدة جداً.

• أي الأغنيات «ضربت» أكثر من غيرها؟

- هناك أكثر من أغنية.

كلٌّ أحب أغنية بحسب عمره وذوقه.

وآخر أغنية طرحتُها قبل نحو شهر وهي بعنوان «بيبقى ناس» التي تحظى بأصداء ممتازة وهي من كلمات وألحان وتوزيع ريان الهبر، وهي آخِر أغنية مصورة من الألبوم، وبعدها طُرح الألبوم كاملاً، وحتى الآن لا يمكن أن أجزم ما هو رأي الناس إلا بعد أن يسمعوه جيداً.

• ما رأيك بالإصدارات التي يطرحها نجوم لبنان بينهم عاصي الحلاني ونانسي عجرم وقبْلهما إليسا؟

- لا أحب أن أدخل في هذه المواضيع، لكنني أحترم وأقدّر وأصفّق لكل فنان يطرح عملاً موسيقياً جيداً ويحمل رسالة جميلة ويتوجه إلى الناس بطريقة راقية.

لا يسعني إلا أن أهنئ كل الفنانين الذين يبذلون جهداً ويطرحون أعمالاً موسيقية لأننا بحاجة فعلاً لأن نسمع الموسيقى في هذه الفترة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي