No Script

حروف نيرة

الخمر بين الإباحة والتحريم

تصغير
تكبير

أُمر الإنسان بترك كل ما فيه أذى وضرر، ومنه شرب الخمور، وقد تدرّج الشرع في التحريم ليكون الترك بصورة ميسّرة، فإنه يصعب على المعتاد تركها من أول وهلة، فبيّن أولاً أن إثمها أكبر من منفعتها في قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا...) البقرة 219، فهي سبب للإسراف وإضاعة المال، وإهمال للأسرة ومفاسد أخرى، وأما المنفعة فما هي إلا لذّة موقتة وعائد مادي لمن تاجرَ فيها، يقول العلّامة الطبري: «فإن منافع الخمر كانت أثمانها قبل تحريمها وما يصلون إليه بشربها من اللذة»، ولا تعد هذه منفعة أمام المضار التي تصيبه.

ثم نهى عن الصلاة في حال السُكر في قوله تعالى: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حتى تعلموا ما تقولون...) النساء 43، فالسكران يختلط ذهنه ولا يمكنه الاستمرار في الكلام واستيعابه لما يقول وما يُقال، فإنه يفقد عقله ولا يميّز بين الحق والباطل.

ثم جاء التحريم الصريح في قوله تعالى: «فاجتنبوه» في الآية:

(يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون) المائدة 90، فقد بيّن تعالى أنها رجس أي إثم يجب اجتنابه، والرجس يشمل أربعة أشياء وهي: الخمر، والميسر وهو القمار، والأنصاب وهي الأصنام، والأزلام وهي سِهام كانوا يستقسمون بها في الجاهلية، فاتضح بذلك أن الأربعة المذكورة في الآية رجس أي محرّمة فاجتنبوها، وختم بأن الاجتناب طريق للفلاح.

وأتى اليوم مَن يبيح شرب الخمر بناءً على اجتهادات واستنباطات في غير محلها، كما في قولهم إن القرآن الكريم ذكرَ كلمة منافع وغضّوا النظر عن كلمة إثم، ولم يذكروا بقية الآيات التي صرّحت بالتحريم، وإن استشهد شخص بالآية الأخيرة: (إنّما الخمرُ والميسرُ والأنصابُ والأزلامُ رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه) وقفوا عند الخمر! فهل يمكن أن يحلّل الخمر ويحرّم البقية!

وقد حرّمت شريعتنا تناول الخمر لما فيها من أضرار وآثار خطيرة، يقول الأطباء في آثار الخمر: «إن الخمر توهن البدن وتجعله أقلَّ مقاومةً وجلَداً في كثير من الأمراض مطلقاً، وهي تؤثر في جميع أجهزة البدن، خصوصاً في الكبد، وهي شديدة الفتك بالمجموعة العصبية، لذلك لا يُستغرب أن تكون من أهم الأسباب الموجبة لكثير من الأمراض العصبية ومن أعظم دواعي الجنون والشقاوة والإجرام، لا لمستعملها وحده بل وفي أعقابه من بعده»، فآثار المُسكرات تحطّم الإنسان جسدياً ونفسياً وعقلياً، ولم يمنع الله تعالى شيئاً إلا لينفعنا ويبعد عنّا الضرر.

aalsenan@hotmail.com

aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي