تقول العرب «شر البلية ما يضحك». لقد تردد هذا المثل كثيراً في رأسي، وأنا أقرأ دعوة النائب علي الراشد لتنقيح الدستور من خلال مقترحات تقلِّص أقوى أدوات الرقابة الشعبية، المتمثلة في الاستجواب.
مبدئياً، لا أرى بأساً من تنقيح الدستور، فالتنقيح نص دستوري نحترمه، ولكن للمزيد من الحريات وليس للمزيد من الاستبداد، وليس للمزيد من الاستسلام يا أستاذ علي، قل لي بربك كيف يصوّت وزير ضد زميله في طرح الثقة؟ صحيح أنك ترى ما لا نراه، ولكن تأكد أننا نرى كذلك ما لا تراه أنت وأكثر ممن أصبحوا ملكيين أكثر من الملك!
الحكومة ممثلة برئيس وزرائها ونائبه الأول ووزيري الداخلية والأشغال والبلدية يقفون على منصة الاستجواب في جلسة واحدة، ويواجهون مستجوبيهم حسب نصوص الدستور، وبعد هذا الانتصار للديموقراطية الكويتية، ورفع سقف المحاسبة لأعلى مستوى تأتي أيها المحامي لتقترح (بسلامتك) وبقلب بارد تقليص تلك الممارسة، عجيب أمرك.
شخصياً، وإن كنت ضد بعض الاستجوابات من ناحية التوقيت والمواءمة السياسية، إلا أنني أرى أن الاستجواب الجيد يفرض نفسه وبقوة على المشهد السياسي، وهذا ما شهدناه خلال الفترة الماضية. كما أنني أفترض حسن النية لدى أي مستجوب، فنحن لنا الظاهر والله يتولى السرائر، وما لنا سوى التعامل وفق نصوص ومواد الدستور التي تنظم العلاقة بين أعضاء مجلس الوزراء كسلطة تنفيذية، وأعضاء مجلس الأمة كسلطة رقابية وتشريعية.
في الأفق:
الدكتور جمعان الحربش يحق لنا أن نطلق عليه لقب «نائب بحركة»، فهو يمثل «حدس» بمفرده، ولكنه أثبت أنه أمة لوحده. لقد تابعت بشغف المناظرة بينه وبين الأستاذ محمد السنعوسي على إحدى الفضائيات، وتعلمت منه الكثير في أسس الحوار والنقاش والتوازن في الطرح. أتمنى من «حدس» أن تجعل من مواصفات الدكتور جمعان الحربش نموذجاً لمرشحيها في المستقبل مع احترامي للجميع، فهو يمثل وبحق مدرسة في العمل السياسي... تحياتي لك.
د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
[email protected]