No Script

إطلالة

ما وراء أزمة كورونا والحجر الصحي!

تصغير
تكبير

هناك دراسات تشير إلى أن أزمة كورونا بما تضمنته من حظر جزئي وآخر كلي، قد ساهمت في تشتيت الأسر وزيادة نسبة الطلاق والفراق بين الزوجين، وكذلك قلة الإقدام على الزواج بين الشباب، بسبب الضغوط التي مارستها غالبية الدول حيال الأزمة الصحية التي طالت معظم بقاع الأرض في الآونة الأخيرة، ولكنني لا أتفق كثيراً مع تلك الدراسات أي أن أزمة كورونا وما تبعها من إجراءات احترازية مشددة، قد ساهمت في ترابط وتماسك الأسر الخليجية والعربية بشكل أكبر، حيث أعادت اللحظات الحميمة والعلاقة المتينة بينها، والتي كانت شبه مفقودة بسبب مشاغل الحياة ومتطلباتها اليومية.

فالأزمة الصحية كانت وما زالت قاسية علينا، في حين انتشار الفيروس وتحوراته الواسعة، قد نالت من أفراد بعض الأسر والأقارب والأصدقاء والأحبة، ولكن في الوقت نفسه شاهدنا كيف ساهم حظر التجول في إعادة اللحمة الأسرية، وكيف ألّف بين قلوب الأحبة والأزواج المحجورين، والدليل على ذلك الأرقام الرسمية الصادرة من كشف الإدارة المركزية للإحصاء الموثقة خلال الفترة من 2016 الى 2020م، والتي تدل على تدنّي حالات الطلاق بين الأزواج خلال فترة كورونا.

على أي حال ليس بالضرورة أن يتفق معي القراء في هذا الجانب، طالما أن العلاقة الزوجية في زمن الحجر الصحي، من الممكن أن تؤدي إلى نشوب حالات طلاق بين الأزواج!

والسؤال هنا: هل يؤدي بقاء فيروس كورونا بيننا لمدة أطول إلى طلاق الأزواج، وتشتيت الأبناء ونشوب شجارات وخلافات ضخمة؟! نلاحظ هنا أن انتشار فيروس كورونا المستجد قد أجبر الناس على البقاء في بيوتهم، أي أصبحوا رهيني المنزل لأجل غير مسمى، حيث تغيرت أنماط الحياة التي اعتاد عليها الأزواج، ففي لحظة من الزمن بدأ كل شيء يتجه نحو التغيير في المنزل، وكان دوران عقارب الساعة لم يبق على حاله حتى وجد الأزواج أنفسهم يجلسون في المنزل مكبلين طوال 24 ساعة، وبالتالي شعر الزوج بمسؤولية أكبر حينما تعطّلت الحياة عن العمل، وتعطلت الدوائر الحكومية والشركات الأهلية والخاصة، حيث ترك الزوج عمله وتفرغ بالجلوس في المنزل أمام زوجته، وربما جعلت الظروف الصحية الحرجة للزوجين يتعرفان على بعضهما بشكل دقيق، حتى في أعمال وتدابير المنزل بعد سنوات من الحياة المشتركة، فمرّة يتشاجر الزوجان في اليوم ما لا يقل عن 5 مرات، ومرة يضحكان على أفعالهما اليومية في المنزل، وكذلك يتراجعان، فتشعر الزوجة بالخجل من أسباب الخلافات الكفيلة بإشعال الأعصاب والصراخ بينهما، ربما يعود ذلك إلى الخوف من الإصابة بمرض كورونا، أو إلى شبح الموت الذي أصبح جاثماً على صدورنا، ولم يذهب، وربما يعود ذلك إلى توقف الحياة شيئاً ما، مما أدى إلى تأجيل التخطيط والطموحات المعنوية والنفسية إلى أجل غير مسمى، وكذلك ربما لأسباب عدة قد لا يسع المقال لذكرها بشكل تفصيلي أكثر، ولكن في نهاية الأمر قد تصل العلاقة الزوجية إلى ما لا تحمد عقباه...!

يقول الكاتب والمؤلف الأميركي مارك مانسون في مقاله عن «الحب في زمن الحجر الصحي»: إن الإجهاد النفسي إما أن يقرب الناس من بعضهم وإما أن يفرقهم، فإذا كانت العلاقة صحية - أي إذا كانت نيات كلا الشخصين تتماشى مع صالح العلاقة والاحترام - فإن الضغط سيجعل العلاقة أقوى وأفضل، أما إذا كانت العلاقة غير صحية وغير متوازنة مع التعامل بفظاظة، فإن الضغط سيدفعهما إلى وضع أسوأ مما نتخيل! ولكل حادثٍ حديث.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي