No Script

استعراض تاريخي لمعارضاتهم الكيدية منذ العام 1763... إلى الآن

«مناهضو اللقاحات»... أسلحتهم الإشاعات و«الفبركات»

تصغير
تكبير
مع بدء حملات التطعيم ضد فيروس كورونا المستجد قبل نحو 7 أشهر أشهر، استأنفت حركات وجماعات مناهضة التطعيمات (Anti-vaxxers) نشاطها في دول غربية عدة مستخدمة في ذلك أسلحة التشكيك والإشاعات الكيدية لتخويف الناس وجعلهم يمتنعون عن تلقي جرعات التلقيح التحصينية ضد مرض «كوفيد- 19». وبطبيعة الحال، تمددت أصداء وأصوات تلك الحركات إلى منطقتنا العربية وانعكست في شكل تردد وتشكك لدى شريحة من الناس.

وما قد لا يعلمه كثيرون هو أن تاريخ تلك الحركات المناهضة للتطعيمات يعود إلى النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وتحديداً في العام 1763 عندما ظهرت أول حركة منظمة مضادة للقاح الجدري، وهي الحركة التي نجحت فعلياً في إجهاض أول حملة تطعيم في فرنسا، لكن نجاحها ذاك أدى لاحقاً إلى تفشي وباء الجدري في فرنسا وفي دول أوروبية أخرى فكانت النتيجة أن الناس بدأوا في التهافت على طلب اللقاحات بعد أن بدأ المرض يحصد كثيرين.

لذا، نستعرض في التسلسل التالي تاريخ التطعيمات بالتوازي مع تاريخ اعتراضات المناهضين لها، وكيف أن محاولاتهم باءت بالفشل وانفضحت فبركاتهم على طول الخط.


فإلى الاستعراض...

• في: القرن العاشر قبل الميلاد

• المكان: الصين قديماً

فيروس الجُدري... وأول تطعيم في التاريخ


- يرجع أول تطعيم بلقاحات في التاريخ البشري إلى القرن العاشر قبل الميلاد في الصين القديمة، وكان ذلك خلال عهد أسرة سونغ الحاكمة.

- كان يتم حقن الجلد بجرعة من فيروس الجُدري الضعيف المستخلص من شخص تعافى منه للتو.

- كان التطعيم يسبب سخونة للشخص، ولكنها كانت أقل خطورة على صحة وحياة الشخص من الفيروس ذاته.

- إذا نجا الشخص من تأثيرات التطعيم الجانبية، كان يصبح محصناً ضد الجُدري.

- كانت معدلات الوفيات كالتالي:

• بسبب مرض الجُدري: 25 في المئة من المصابين

• بسبب التطعيم: 1.5 في المئة من المطعّمين

• السنة: 1763

• المكان: فرنسا

حظر التطعيم... ثم الإقبال عليه!


- وصل التطعيم للمرة الأولى إلى العاصمة الفرنسية باريس على يد طبيب إيطالي كان يُدعى غاتي.

- كان التطعيم فعّالاً، لكن الخطأ الوحيد الذي ارتكبه غاتي هو أنه لم يفرض حجراً أو عزلاً صحياً على الأشخاص الذين لقّحهم تجريبياً، وهو الأمر الذي عرض الباريسيين الآخرين للعدوى على نطاق متزايد فأدى ذلك إلى ظهور احتجاجات روَّج قادتها أن هناك مؤامرة خبيثة ومقصودة تقف وراء ذلك اللقاح.

- لذا، أمر البرلمان الفرنسي بحظر إجراء أي تطعيمات أخرى في باريس.

- لكن الفيلسوف الفرنسي فولتير دافع بقوة آنذاك عن تلك التطعيمات.

- لاحقاً، حصل إقبال وتهافت شديد على تطعيم الأطفال في فرنسا ودول أوروبية أخرى بسبب تفشي مرض الجُدري في جميع أرجاء أوروبا.

• من 1796 حتى 1798

• المكان: إنكلترا

ابتكار أول لقاح مضاد للجُدري


- قام الطبيب الإنكليزي إدوارد جينر بتصميم وإنتاج أول لقاح مضاد لفيروس الجُدري، وهو اللقاح الذي اعتمد على التطعيم بمستخلص من فيروس جُدري البقر، بدلاً من فيروس الجُدري البشري.

- لكن ذلك اللقاح أحاط به كثير من الإشاعات، بما في ذلك أن رافضوه أطلقوا مزاعم مخيفة ومحرضة ضد الطب والأطباء، كما أثار المناهضون مخاوف بشأن مدى سلامة طرق وأدوات التطعيم آنذاك.

- زعم بعض رجال الدين المتشددين آنذاك أن وباء الجُدري ليس سوى «عقاب إلهي» ولا ينبغي مقاومته، مؤكدين أن في مقاومته «معارضة للمشيئة الإلهية»! وأثار ذلك التفسير بلبلة كبيرة أدت إلى إحجام الناس عن التطعيمات.

• السنة: 1853

• المكان: إنكلترا

قانون التطعيم لسنة 1853


- أمر ذلك القانون بالتطعيم الإلزامي للأطفال حتى سن 3 أشهر، وفرض القانون عقوبات على من يرفض أو يناهض أو يقاوم التطعيم.

- بسبب ترويج مزاعم تحريضية، قوبل ذلك القانون بمقاومة شعبية فورية واسعة النطاق، وتم تشكيل العديد من الحركات الرافضة، وكان من أشهرها «عصبة مناهضة التطعيم» (AVL).

• السنة: 1879

• المكان: الولايات المتحدة


حركات مناهضة التطعيم في أميركا

- في العام 1879، وصل إلى الولايات المتحدة البريطاني «ويليام تيب» الذي يعتبر أشهر مناهض للتطعيم، حيث شرع في الترويج لأفكاره المناهضة للقاحات عموماً. وبعد فترة وجيزة، ظهرت بالفعل جماعات مضادة ورافضة للتطعيمات.

- خاضت تلك الجماعات معارك قضائية شرسة لإلغاء قانون التطعيم إلزامي في ولايات كان من أبرزها ويسكونسن وكاليفورنيا وإيلينوي.

• السنة: 1885

• المكان: إنكلترا

«مسيرة ليستر» الشهيرة ضد اللقاحات


- آنذاك، كانت مقاطعة ليستر الانكليزية موقعاً شهيراً لالتقاء واحتشاد أعضاء الجماعات والحركات المناهضة للتطعيمات.

- في العام 1885، شارك نحو 100 ألف متظاهر في مسيرة حاشدة شهيرة رفع المشاركون فيها لافتات مناهضة للقاحات، ومجسمات على شكل نعوش أطفال، وإحراق دمى تجسد الطبيب الإنكليزي إدوارد جينر.

- بسبب هذه المظاهرات الغاضبة، ألغى قانون التطعيم الجديد العقوبات التي كان يفرضها على رفض التطعيم، لكنه أبقى على حق الدولة في تنفيذ حملات تطعيم.

• السنة: 1902

• المكان: الولايات المتحدة

سن أول قانون للصحة العامة


- بعد تفشّي مرض الجُدري، طلب مجلس الصحة في ولاية ماساتشوستس تطعيم جميع السكان.

- من بين الرافضين للتطعيم، رفع شخص دعوى قضائية وصلت إلى مستوى المحكمة العليا الأميركية.

- في العام 1905، خسر المدعي دعواه وقضت المحكمة العليا بأنه يحق للولاية أن تسن قوانين تلزم الناس بالتطعيم لحماية الجمهور من الأمراض المعدية.

• السنة: 1924

• المكان: على مستوى العالم

توافر لقاحات جديدة


- بحلول العام 1924، أصبح متوافراً حول العالم عدد من اللقاحات المتطورة والآمنة ضد الفيروسات المسببة لأمراض فيروسية معدية من أبرزها السل والدفتيريا والتيتانوس والجُدري.

- في الوقت ذاته، كان أطباء يعكفون على تطوير لقاحات أفضل وأكثر فعالية ضد الفيروسات المسببة لشلل الأطفال والتيفوئيد والانفلونزا والسعال الديكي.

• السنة: 1926

• المكان: الولايات المتحدة

استمرار حركات المناهضة


- على الرغم من نجاح العديد من تلك اللقاحات، ظل كثير من الأميركيين متوجسون ومتشككون. وفي العام 1926، وصل أول وفد من مفوضي الصحة العامة إلى مدينة جورجتاون التابعة لولاية ديلاوير ليبدأوا حملة تطعيم لسكانها.

- لكن حشدا غاضباً مسلحاً من سكان المدينة واجه الوفد وطرده من المدينة.

• السنة: 1955

• المكان: ولاية كاليفورنيا الأميركية

حادثة شركة «كاتر» المؤسفة


- في ذلك العام، حصلت واقعة مأسوية بسبب خطأ بشري غير مقصود، وذلك عندما أنتجت مختبرات شركة «كاتر لابوراتوريز» 120 ألف جرعة من لقاح لشلل الأطفال. لكن بسبب خطأ بشري إلى جانب عطل تقني غير مقصود، تلوثت تلك الجرعات بفيروس شلل أطفال حي ونشط.

- تسبَّبت تلك الجرعات الملوثة بالفيروس في حالات شلل أطفال وحالات شلل نصفي إلى جانب 5 حالات وفاة.

• السنة: 1974

• المكان: إنكلترا

أزمة اللقاح الثلاثي الشهيرة


- عن طريق الخطأ - أو ربما عن طريق فبركة ومكيدة متعمدة من جانب أطراف مناهضة للتطعيمات - زعم تقرير صدر عن مستشفى «غريت أورموند ستريت» في لندن أن 36 طفلاً أصيبوا باضطرابات عصبية بسبب تطعيمهم ضد الثلاثي الفيروسي «الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي» المعروف اختصاراً بـ DTP.

- تسبب ذلك التقرير المغرض في انتشار إشاعات ومخاوف غير مبررة حول مدى سلامة ذلك اللقاح في جميع أنحاء أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية.

- وكنتيجة لتلك الإشاعات والمخاوف، انخفضت معدلات التطعيم ضد الثلاثي في المملكة المتحدة إلى 31 في المئة بعد أن كانت 81 في المئة، وحصل انخفاض مماثل في دول كثيرة أخرى حول العالم وهو الأمر الذي أدى إلى تفشّي أوبئة سعال ديكي كبرى في دول متفرقة.

• من العام 1979 إلى 1996

• المكان: السويد

تعليق التطعيم لمدة 17 سنة


- تحت وطأة ضغط الحركات المناهضة للقاحات، قررت الحكومة السويدية تعليق التطعيم ضد السعال الديكي خلال الفترة من العام 1979 إلى العام 1996.

- وخلال تلك الفترة، أصيب 60 في المئة من جميع الأطفال في السويد بمرض السعال الديكي قبل بلوغهم سن العاشرة.

• السنة: 1998

• المكان: إنكلترا

فضيحة «الفبركة» البحثية!


- في ذلك العام، نشر طبيب بريطاني مناهض للقاحات ورقة بحثية زعم من خلالها أنه اكتشف أن اضطراب التوحد ومرض الأمعاء واضطرابات عصبية أخرى تنجم عن التطعيم بـلقاح MMR الثلاثي المضاد للحصبة العادية والنكاف والحصبة الألمانية.

- وبطبيعة الحال، تسبّبت تلك الورقة البحثية في انتشار إشاعات وتشكيكات في دول كثيرة حول العالم بشأن ذلك اللقاح.

- لكن في العام 2011 (أي بعد مرور 13 سنة) اتضح أن تلك الورقة البحثية لم تكن سوى «فبركة» غير مستندة إلى أي أدلة علمية موثوقة.

• السنة: 1998

• المكان: الولايات المتحدة

حركة «خضّروا لقاحاتنا»


- الثيميروسال هو مركب كيميائي يُستخدم كمادة حافظة في اللقاحات، وهو يحتوي على نسبة ضئيلة من عنصر الزئبق، ولهذا السبب أشيع أن ذلك المركب سام.

- لذا، ظهرت حركة «خضِّروا لقاحاتنا» التي كانت عبارة عن حملة شعبية للمطالبة بإزالة مركب الثيميروسال من جميع اللقاحات.

- لكن حقيقة الأمر هي أنه لا يوجد أي دليل علمي يثبت وجود تأثيرات جانبية ضارة لمركب الثيميروسال. ومع ذلك وافقت منظمات الصحة العامة والطبية الأميركية في العام 1999 على تقليص مادة الثيميروسال في اللقاحات وصولاً إلى إزالتها تماماً.

- والواقع أن حركة «خضِّروا لقاحاتنا» والجدل حول علاقة التطعيمات والتوحد هما الأساس الذي انطلقت منه حركة «مناهضو التطعيمات» (AntiVaxxer) الحديثة الناشطة حالياً في دول أوروبا وأميركا الشمالية.

• السنة: 2000

• المكان: الولايات المتحدة

الإعلان عن القضاء نهائياً على الحصبة


- في العام 2000، أعلنت السلطات الطبية في الولايات المتحدة أنه لم تعد هناك حالات حصبة تنتقل بالعدوى عن طريق مصابين بها داخل الولايات المتحدة، وأن جميع الحالات المصابة المكتشفة تأتي من خارج الولايات المتحدة. وكان معنى ذلك أنه قد تم استئصال والقضاء نهائياً على الفيروس المسبب لمرض الحصبة.

• السنة: 2007

• المكان: الولايات المتحدة

مشاهير... مناهضون للتطعيمات


- في ذلك العام، أعلنت النجمة جيني مكارثي عن إصابة ابنها باضطراب التوحد، وألقت بلائمة إصابته على التطعيمات التي تلقاها.

- بدعم من جانب عدد من مجموعات المناصرة، تحولت جيني مكارثي بين عشية وضحاها إلى عرّابة ورمز لحركة «مناهضو التطعيمات»، وذلك تحت زعم أن التطعيمات تتسبب في إصابة الأطفال باضطراب التوحد واضطرابات عصبية أخرى.

• من العام 2013 إلى 2015

• المكان: الولايات المتحدة

عودة وباء الحصبة


- في العام 2013، حصلت ثلاث حالات تفش وبائي كبيرة للحصبة في المجتمعات التي امتنع فيها أولياء الأمور عن تطعيم أطفالهم ضد الحصبة سواء بسبب معتقدات فلسفية أو دينية أو من منطلق التوجس من أضرار اللقاحات.

- غالبية الأشخاص الذين أصيبوا بالحصبة كانوا من الذين لم يسبق لهم أن حصلوا على التطعيم المضاد لها.

- في العام 2013: تم اكتشاف 159 حالة إصابة في 16 ولاية.

- في العام 2014: تم اكتشاف 668 حالة إصابة في 27 ولاية.

- في العام 2015: تم اكتشاف 188 حالة إصابة في 24 ولاية.

- بتاريخ 2 يوليو 2015، شهدت واشنطن وفاة أول شخص بسبب الحصبة منذ 12 عاماً.

- استدعى ذلك الأمر إصدار قرار بإعادة التطعيمات إلى بعض البؤر الموبوءة في الولايات المتحدة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي