د. وائل الحساوي / نسمات / قناة الفتنة

تصغير
تكبير
عبارة نقرأها على شاشة فضائية: «مزدوجو الجنسية كلاب بل هم شر من الكلاب»، ثم تليها قائمة بأسماء العوائل الكويتية (لا تتعدى ألف عائلة) ممن كانوا يسكنون في حي القبلة او المرقاب او شرق، وتتوالى الشتائم والمسبات لكل ما عداهم!!

هل شاهدتم فتنة في البلد اكبر من تلك الفتنة؟!

لقد ابتلينا منذ زمن بفتنة تفريق الناس إلى بدو وحضر وتفريق الحضر إلى اهل فارس واهل نجد واهل العراق، ثم تفريق الناس الى طوائف تطعن ببعضها البعض، وينادي بعضهم بطرد من لا ينتمون إلى طائفته من الكويت، ثم التفريق بين من يسكنون قبل الدائري الخامس ومن يسكنون بعده، ثم حملة منظمة ضد الملتزمين دينيا ووصفهم بأبشع الصفات وانتاج التمثيليات للاستهزاء بهم وهكذا.

من سيتدخل ليوقف تلك الفتنة العظمى التي ستنتهي حتما إلى رفع السلاح بين بعضنا البعض، فلم تدخل روح العصبية في بلد وتنفخ فيها إلا وأدت إلى الحرب الاهلية وسيل من الثأر والدماء؟!

هل تذكرون «رواندا»؟ ذلك البلد الفقير الذي يقطنه قبيلتان لا تختلفان عن بعضهما البعض بأي شيء «الهوتو» و«التوتسي»، لكن العصبية التي اشعلها البعض بينهما قد ادت إلى مذابح لم يشهد لها التاريخ مثيلا، قتل خلال اقل من سنة ما يقارب المليون من كلتا القبيلتين.

ان دولا ابتليت بالتقسيم العرقي والديني بينها قد تعلمت دروسا قاسية في ان الحل هو بالقبول بالآخر مثل لبنان الذي عاش حربا اهلية قاربت الـ 15 عاما، والعراق الذي ذهب ضحية الحرب الاهلية فيه اكثر من مليوني مواطن وغيرهما من الدول.

لا احد يجادل بأن الازدواجية في الجنسية هي ضرب للوحدة الوطنية واضعاف للجسد الكويتي المنسجم، ولكن تلك الدعوات المشبوهة التي بدأت بنداءات خلال فترة الانتخابات ثم تحولت إلى فضائيات تحمل رسالتها وتبثها عبر العالم، تلك الدعوات لا تقصد نبذ الازدواجية في الجنسية وانما تقصد بث الفرقة بين المواطنين، وإلا فإن من تم تجنيسهم بعد منتصف القرن الماضي وهم بعشرات الآلاف، هل يجوز نبذهم ومهاجمتهم لأنهم لم يكونوا من سكان أحياء الكويت الثلاثة؟ واين نحن من دعوة رسول رب العالمين «دعوها فإنها منتنة»، واذا كان الهدف من تلك الفتنة التي يقف وراءها شخصيات نافذة هو قلب الطاولة على بعض نواب المجلس الذين يعمدون إلى التأزيم بحجة ان كثيرا منهم من مزدوجي الجنسية فإن نتيجة تلك الفتنة ستحرق الاخضر واليابس، فهل يتدخل اولو الامر لوأد الفتنة ويقفلون تلك المحطات؟! هذا ما نرجوه.





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي