No Script

مرايا

هيبة المأذون الشرعي!

تصغير
تكبير

حسناً فعلت وتفعل إدارة التوثيقات الشرعية في وزارة العدل، بتوقيفها عن العمل كل مأذونٍ شرعي يتخذ من هذه المهمة، مهنةً يتكسب من ورائها، ويزري بمكانته، ومكانتها السامقة بطلب أجر مقابل عقد القِران، بل الأدهى أن البعض يتفق على المبلغ قبل ذهابه، قائلاً: «طلعتي بكذا»، أو أتعابي بكذا بل ويرسل رابطاً للدفع.

هذا المنحى من البعض غير مقبول في مجتمعنا الكويتي، فالمأذون الشرعي ينظر إليه على أنه رجل ذو مكانة رفيعة، علماً وفقهاً، ويمثل في الأعراس أحد المدعوين الكبار الوجهاء، لأنه يتوج بحضوره أسمى عقدٍ في شريعتنا الغراء فليس من الوجاهة أن يطلب لقاء ذلك أجراً، بل يجب أن يقوم بمهمته تطوعاً واحتساباً وابتغاء وجه الله، لا سيما أنه من المعلوم كما جاء في لائحة المأذونين بالقرار الوزاري رقم 160 لسنة 2012م بالمادة رقم 24 «أن القائم بممارسة هذا العمل لا يشترط ولا يتقاضى مبلغاً مالياً».

نقول ذلك لأن هذه الظاهرة إذا تفاقمت في مجتمعنا، فإنها تسقط لثام الهيبة عن وقار المأذون الشرعي مقابل حفنة قليلة من الدنانير، بل مع الوقت ستصبح ميداناً للتنافس والتفاخر، فهذا يقول: «عقد لي القِران الشيخ فلان والداعية فلان أو الدكتور فلان، ومن ثم تصبح عبئاً على الناس، فهذا يأخذ 50 ديناراً وذاك يأخذ مئة دينار وثالث يطلب مئتين وتغدو إجراءات عقد القِران سلعةً بين الناس.

ولقد عهدنا في سلفنا الصالح أنهم كانوا يترفّعون عن كل ما يزري بهيبة رجل الدين أياً كان موقعه، فهذا الإمام الشافعي يقول:«لولا أن الشعر بالعلماء يزري... لكنت أشعر من لبيد»ـ ولبيد بن ربيعة هو أحد الشعراء الفرسان في الجاهلية ـ فالشافعي هنا يترفّع عما يزري به.

وقد عدّ العرب قديماً الترفع عن المغانم في الحروب من مكارم الأخلاق ونبل النفوس، فهذا الشاعر عنترة العبسي يقول مفتخراً في معلقته الشعرية المشهورة:«يُخبِرُكِ من شهد الوقيعةَ أنني... أغشى الوغى وأَعفُ عند المغنمِ».

ولكوني أشرُف بحمل هذه الرسالة أقول: إن نفوس الكبار من ذوي العلم والفقه كالمأذون وغيره، تأنف أن تُنزل هاماتها لطلب أجرٍ على مثل هذا العقد المقدس والغليظ، فلينأَ أصحاب هذه الرسالة عن الوقوع بها في وحل الماديات.

h-alamer@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي