No Script

حروف نيرة

الملافظ سعد

تصغير
تكبير

يُروى أن هارون الرشيد قد رأى في بيته ذات مَرة حزمة من الخيزران، فسأل وزيره الفضل بن الربيع: ما هذه؟ فأجابه الوزير: إنها عروق الرماح يا أمير المؤمنين، ولم يقل إنها الخيزران؛ لأن أم هارون الرشيد اسمها الخيزران! فالوزير يعرف من يخاطب فكان رده بأرقى الأقوال، والشخص العاقل الرزين هو من يزن الكلام، ويكون رده مناسباً للسائل والسؤال، وما يصدر من أفواهنا يدل على حجم عقولنا، ومن العبارات المأثورة التى تبين المستوى الفكري والأخلاقي للشخص: (لكل مقام مقال) فاختيارك للوقت والمكان والظروف يدل على فهمك للتعامل وكيفية الخطاب، إلا أن هناك من يلقي ما بداخله فى أي وقت ولأي شخص بصورة فوضوية، بينما الصحيح أن يحسب المرء كلماته وينتقي ألفاظه ويزنها قبل نطقها، كما في قول مآثور: «الملافظ سعد».

فإن الإنسان يزداد بهاء ورفعة إذا تكلم فى الوقت المناسب، واختار عبارته بشكل واعٍ منظم...فيجعل الآخر يتقبل الحوار ويسعد بمجالسته ونقاشه، وإن لاحظت أن أحدهم لا يحترم الآخر، فاعلم أنه لضيق العقول فخذ بالحديث الشريف: «خاطبوا الناس على قدر عقولهم»، وإن صعب الخطاب معهم اصبر عند مجالستهم أو انسحب بهدوء.

وقد يعلم البعض أنه متسرع ويحزن على حاله، وعِلمه بحاله هو أمر إيجابي يسهل فيه علاج النفس؛ لأنه يعرف ما في نفسه من نقص، يقول أحد الشباب: أعرف أني متسرع وأخرج ما بداخلي مهما كانت الظروف، وأعاني من آثار تلك الطريقة، فليس كل من أتحدث معهم يعرفونني جيداً ويفهمون طريقتي فى الحديث، وفى مواقف كثيرة خسرت كثيراً من الزملاء بسبب عدم اختيار الكلام المناسب فى الوقت المناسب. وحتى لا يقع الشخص في الخطأ أو يؤذي أحداً بالكلام يضع حدوداً عند الحوار، فالناطق إن كان متخبطاً فلن يعلم مدى تأثير أسلوبه فقد يكون كالجرح والألم الذي يطول ويصعب علاجه...فلا يكون الكلام إلا بما يحقق المنفعة والمحبة، ولا تتوسع بالحديث إلا مع المقربين الذين يفهمونك ويستطيعون تحليل كلامك بالشكل المناسب مع شخصيتك وطريقة تفكيرك، ولا يخرج المجلس وما فيه من قول واستماع عن إطار الأدب.

aalsenan@hotmail.com

aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي