No Script

ملتقى سامي المنيس الثقافي: أهمية تبني الحكومة ومجلس الأمة استراتيجيات واضحة لمعالجة الأزمة

تصغير
تكبير

تستمر حال الانسداد السياسي في الكويت وتتعطل أعمال مجلس الأمة وتتبخر أمال المواطنين في إمكانيات إصلاح أوضاع عديدة في البلاد مثل تعديل النظام الانتخابي وإصلاح الحياة الاقتصادية وترشيد السياسات المالية بما يمكن من مواجهة المتغيرات في اقتصاديات الطاقة في عالمنا الجديد. يتضح من أزمة العلاقات بين الحكومة ممثلة بمجلس الوزراء ومجلس الأمة أن هناك سلبيات رافقت العمل بالدستور منذ إقراره عام1962.. لابد من قراءة الممارسات وتبيان القصور في الأداء المؤسسي وكيف يمكن تطوير العمل السياسي وربما تعديل عدد من مواد الدستور بما ينقل البلاد إلى حياة ديمقراطية حقيقية ومكتملة. لكن لابد من الإقرار بأن البلاد خلال مسيرتها منذ بداية الحياة الدستورية عام1961 وربما قبل ذلك، أي منذ بداية عصر النفط، اعتمدت سياسات اقتصادية واجتماعية عطلت التطور الثقافي اللازم لتعزيز مسيرة الديمقراطية في البلاد.. لاشك أن مخرجات الانتخابات على مدى العقدين المنصرمين قد كانت دون الطموحات واعتمد الأعضاء على مقترحات شعبوية ومواقف تعزز إمكانية إعادة إنتخابهم دون تبن لبرامج وسياسات إصلاحية تمكن من الانتقال إلى مستويات متحضرة وعصرية وتعزز الإصلاحات الاقتصادية والسياسية ويضاف إلى ما سبق ذكره أن تشكيلات مجلس الوزراء المتعاقبة لم تساهم في تطوير إدارة سياسية قادرة على مواجهة الاستحقاقات والتعامل مع طروحات أعضاء مجلس الأمة الشعبوية.

أدت الأزمة الراهنة ومنذ انتخابات مجلس الأمة الحالي في الخامس من ديسمبر، كانون ألأول، 2020 ليس فقط إلى تعطيل العمل السياسي وإنجاز القوانين والبرامج اللازمة لإنتشال البلاد من التخلف الاقتصادي والتراجع في جودة التعليم والاخفاقات في ملفات الرعاية الصحية والرعاية السكنية بل أنها أدت إلى التجاوز على المال العال وتبني سياسات مالية تتسم بالهدر بالرغم من الشكوى من تراجع الإيرادات والعجز في الميزانية العامة للدولة.. أكدت التوافقات بين الحكومة ومجلس الأمة مؤخراً من خلال الجلسات القليلة التي عقدت بأن المال العام هو الضحية مثل ما حدث بشأن تأجيل سداد القروض دون مبررات منطقية أو تخصيص مبلغ يقدر بـ 600 مليون دينار لمكافآت الصفوف الأمامية، أكدت، أيضا، بأن هناك غياب للحصافة والمسؤولية لدى الطرفين، السلطة التنفيذية والتشريعية في التعامل مع المسائل ذات الصلة بالاقتصاد أو السياسات المالية. أما التنمية المستدامة فهي آخر ما يمكن للسلطتين التفكير به.

وفي ظل هذا التأزم والاهمال للإصلاح السياسي وتعديل الهياكل الاقتصادية وعدم إصلاح السياسات المالية أو مراجعة النظام التعليمي وغير ذلك من قضايا أساسية فإننا في ملتقى سامي المنيس الثقافي نؤكد على أهمية تبني الحكومة ومجلس الأمة استراتيجيات واضحة وذلك على النحو التالي:-

أولا:- معالجة ألأزمة السياسية والتعاطي معها دون التشبث بمواقف متشنجة وإعادة الحياة لجلسات مجلس الأمة وتفعيل دور اللجان البرلمانية للتعاطي مع مختلف مشاريع القوانين والبرامج المتعلقة بإختصاصاتها.

ثايناً:- العمل على إصلاح النظام الانتخابي بما يؤكد قدرة المواطنين انتخاب الأعضاء دون التمترس بالقبلية والطائفية وتوفير أليات وأدوات سياسية تؤدي إلى تأهيل مرشحين إصلاحين يهتمون بالقضايا الوطنية دون الخضوع للولاءات الضيقة. ويمكن اعتماد قانون للجماعات والأحزاب السياسية التي تعتمد دستور البلاد مرجعية شمولية وتؤكد إيمانها بالدولة المدنية.

ثالثا:- العمل على إصلاح الأوضاع الاقتصادية والتحرر من فلسفة الريع التي اعتمدتها البلاد على مدى العقود السبعة الماضية وتأهيل القطاع الخاص للعب دور حيوي في النشاط الاقتصادي بما يعزز التنمية المستدامة.

رابعاً:- التأكيد على أهمية التنمية البشرية والعمل على إصلاح النظام التعليمي والارتقاء بجودة مخرجاته وتعزيز برامج التعليم المهني الضرورية لتوفير عمالة وطنية في سوق العمل يمكن أن تضطلع بمهن ووظائف في مختلف الأنشطة الاقتصادية.

خامسا:- التعامل مع الرعاية الصحية بمهنية وتوفير طاقم طبي فني وإداري بما يمكن من التعامل مع الأوبئة والجوائح والأمراض بتكاليف معقولة. كذلك لابد من اعتماد نظام تأمين شامل يغطي كافة المواطنين والمقيمين يعزز من القدرة على ضبط الإنفاق. أيضا، لابد من مراجعة برامج العلاج في الخارج وقصره على الحالات الصعبة أو المستعصية العلاج محلياً.

سادساً:- يتعين على الدولة أن تعيد النظر في سياسات الرعاية السكنية وتوفير أليات تتسم بالكفاءة مثل تمكين المطورين العقاريين من توفير السكن المناسب للمواطنين ضمن شروط مناسبة وبعد تحرير الأراضي بما يمكن المواطنين من اقتناء السكن بتكاليف متهاودة وفي ذات الوقت تعزيز دور النظام المصرفي من توفير التمويل طويل الأجل من خلال أنظمة الرهن العقاري.

سابعاً:- تظل مسألة الفساد السياسي والإداري من المعضلات الرئيسية المعطلة للحياة السياسية، ولذلك لابد من تكريس الجهود لتمكين القضاء من الاقتصاص من كافة المتورطين وإعادة الاموال وتنفيذ الأحكام المستحقة بحقهم.

لابد أن هناك قضايا عديدة تستحق الاهتمام ومنها مسائل البيئة والتجنيس ومعالجة ملف البدون، أو عديمي الجنسية، وحقوق الكويتيات وأبنائهن من غير المواطنين. وهي قضايا تستحق التعامل معها بأريحية وتتوافق مع ما تم اعتماده في البلاد المتقدمة وربما في عدد من الدول العربية والنامية.

إننا في ملتقى سامي المنيس الثقافي نتطلع إلى صاحب سمو أمير البلاد وسمو ولي العهد، حفظهما الله، لإتخاذ القرارات الملائمة لتمكين البلاد في السير في دروب التنمية المستدامة. وفقهما الله بما يحقق للكويت وأهلها الخير والسؤدد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي