No Script

مرايا

مطرقة السفر... وسندان اللاعودة !

تصغير
تكبير

«الرفاق حائرون، يفكرون... يتساءلون»، هي بعض كلمات الشاعر الأمير خالد بن سعود، لكنها لسان حال كثير من الوافدين والمقيمين الذين حاصرتهم جائحة «كورونا» منذ العام الماضي، ولم يتمكنوا من السفر إلى أهليهم وأسرهم وذويهم، خشية الوقوع في دائرة العالقين.

هؤلاء مضى على بعضهم في الكويت قرابة الثلاث سنوات بعيداً عن أهلهم ووطنهم، استبدت بهم آلام الغربة، واستنهضتهم مشاعر الحب والأبوة للقاء أبنائهم، لكنهم الآن بين مطرقة السفر وسندان اللاعودة حائرون يترقبون الفرصة للسماح لهم بالسفر والعودة الآمنة لا سيما المعلمين والحالات الإنسانية.

روى لي بعض من تشتت شملهم حكايات مؤثرة، من ذلك سيدة غادرت لرؤية ابنها في أميركا وبعض أهلها في لبنان وبعضهم في الكويت التي تعمل فيها ولا تستطيع العودة إليهم، وآخر هاتفني قائلاً: سافرت مع ابنتي الصغيرة لرؤية والدتي قبل وفاتها في يناير الماضي، وبعد رحلة شاقة «ترانزيت» إلى دبي عدت ثانية إلى بلادي فيما ابنتي تبكي كل يوم تريد والدتها وهي معلمة في الكويت، وكثيرون أمثال هؤلاء حالهم توقف، وساءت حياتهم، وهناك من ينتظرون العودة لإجراء جراحة مثلاً، والبعض يريد السفر لإلحاق أبنائهم خريجي الثانوية العامة بالجامعات في بلدانهم وإتمام زواج الأبناء !

وبين فقدان وظائفهم وبين العودة للأهل، هؤلاء حائرون، يتساءلون، كيف العمل وكيف السبيل لزيارة أهليهم والعودة لأعمالهم؟ الكل يترقب وسط تجدد «منع دخول المقيمين لحين اشعار آخر»، ولكن يبقى التساؤل قائماً كيف تمنع هذه الفئات في الوقت الذي يدخل فيه الأطباء وذووهم وكذا والمستشارون ـ على أهميتهم؟ - ولماذا لا تطبق الشروط على المعلمين أسوةً بالأطباء سواء في القطاع الحكومي أو الأهلي، ولماذا لا تكون هناك آلية تمكن هؤلاء من الذهاب والعودة وفق ضوابط معينة على قاعدة «لا ضرر ولا ضرار»، كما تعمل بعض الدول المجاورة دون أن نمنعهم تماماً أم أننا ندفعهم إلى الاستقالة؟

نتفهم المحاذير والاجراءات للتصدي للوباء لكن الأمر بحاجة إلى دراسة ووضع ضوابط تحول دون دخول أي مصاب بالعدوى، وفي الوقت نفسه تسمح بدخول الأصحاء لاستئناف عملهم، لا أن نبقي الباب مغلقاً تماماً «إما البقاء في الكويت أو السفر على أجنحة اللاعودة»، كما أن إعطاء الإذن لهؤلاء بالسفر ثم تحميلهم مسؤولية انقطاعهم عن العمل «القهري»، وإحالتهم إلى التحقيق والخصم من رواتبهم، هي منغصات تدفعهم لمغادرة البلاد نهائياً في الوقت الذي نحن بحاجة إليهم.

لقد نجحت الحكومة في تمرير الاختبارات الورقية، رغم صعوبتها، ومن قبلها نجحت في السماح بفتح المساجد وإقامة الشعائر فيها لا سيما في رمضان، ونحن متأكدون أنها لن تعجز في اجتراح آلية لسفر وعودة المعلمين والمقيمين من ذوي الحالات الإنسانية، الذين لا يقلون أهميةً عن الأطباء والمستشارين في خدمة الدولة، ولا ننسى أن عدم عودة هؤلاء سيربك الميدان التربوي، خصوصاً إذا عاد الطلبة إلى مقاعد الدراسة في سبتمبر المقبل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي