No Script

قيم ومبادئ

الكويت ساحة للإرادة

تصغير
تكبير

ساحة الإرادة ليست الكويت، بل الكويت هي محرِز الإرادة، فهي الأصل ونحن زائلون وتبقى ساحة الإرادة وروادُها (عُوداً من حِزمة).

كثيرون كتبوا عن الإرادة ومعناها، وكيف نصنعها ونديرها، ولكنهم لم يوضحوا: وفق أي معيار من الصحة والصواب يمكن أن توجه الإرادة؟ ولا أهم ما يجب أن تتوجه إليه القلوب والأرواح والأجساد بإرادتها؟

في الواقع لا يوجد جواب محدد لدى النخبة السياسية، سوى مفردات مرسلة وعمومات من الألفاظ والشعارات، جعلوها أهدافاً كي يستميلوا بها البسطاء مثل شعار الكرامة والحرية والنهضة لتحقيق العدالة الاجتماعية.

للأسف الشديد شاع اليوم وانتشر في أوساط الشباب (جدل العناد) والمِراء والتعصب، وبرزت بدعة في السياسة، وهي (فقه التدارؤ) وهو باختصار إرادة إيهام الناس أنهم ناقصون عن بقية البشر ومهضومة حقوقهم، يكذِّب بكل انجاز وكل استقرار ورخاء ورغد عيش ! ثم هو في سبيل ذلك يتمحّل الأدلة ويفتش عن القذى؟ ويحاسب على النقير والقطمير؟ فيقدح ويطعن ويتهم كل من خالفه.

وقد يقال لابد للإنسان من الخصومة لاستبقاء حقه؟ وفي الجواب نقول: المظلوم الذي ينصر حجته بطريق القانون من غير لدَدْ ولا إسراف في الخصومة، ولا قصد عناد ولا إيذاء، ففعله هذا ليس حراماً، ولكن الخطأ أن يطلب حقه ولا يقتصر على قدر الحاجة، بل يُظهر اللدد والافتراء للتسلط على خصمه، وكذلك خلط الدعوى بكلمات تؤذي الآخر، ولا علاقة لها بالموضوع، وتحمله العداوة على السعي لقهر الخصم وكسره، فهذا هو المذموم عرفاً وعقلاً وقانوناً.

وكثيراً سمعنا ممن سار في هذا الطريق، واعني المعارضة لمجرد المعارضة، بلا وعي ومقصد سَوِيْ، فهاجوا عند الغضب واوغرت صدورهم، وحلّ الحقد بينهم حتى يفرح كل واحد بمساءة الآخر ويحزن لمسرته! بل تجده يستطيل في عِرضه، وهذه الآفات والرعونات أقل ما يقال في عواقبها، انشغال القلب والإرادة، حتى يكون في أخص عبادته وهي صلاته تجد خاطره معلقاً بالجدال والخصومة، فلا يبقى حاله على الاستقامة.

ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل تجد تغليف القلب بالخشونة ونزع الخشية، وكراهية الحق في جانب المغلوب، مع تنامي الغرور والكبر في جانب الغالب، ولهذا قال علماء الاجتماع ما رأيت شيئاً أذهب للدين ولا أنقص من المروءة، ولا أثقل للقلب من الخصومة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه.

وما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل، وهذا ما نسمعه ونراه واضحاً في وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه علامة واضحة على الضلال بعد الهداية ومؤشر الانحراف عن الجادة. ولا يمكن إدارة البلد وسط هذه الأجواء.

فالجدل يأكل الحسنات ويورث السيئات، وهل يكبّ الناس في النار على وجوههم الا حصائد ألسنتهم، ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إنما يهدم الإسلام زلة العالم وجدال المنافق بالقرآن وائمة مضلون).

ولا ننكر أن فئات من الناس قد أوتوا بسطة في اللسان، وقدرة على الخصام، فالكلام عندهم شهوة غالبة لا يملّون ولا يتعبون، ديدنهم الجدال ولو علموا أن الحق مع غيرهم.

ويخطئ من يظنّ أن الامتناع عن المراء والجدل أو الصمت مع هذا الصنف من الناس حين تطاول الألسنة، نوعاً من الضعف والهزيمة كلا بل إن ذلك تعقّل وحكمة في الحق، وليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، وإذا خاطبهم الجاهلون خطاب جهل قالوا سلاماً، أي خاطبوهم خطاباً يسلمون من مقابلة الجاهل بجهله.

الخلاصة

قال تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ).

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي