No Script

بيروت تستحضر ما نشرتْه «الراي» قبل 20 يوماً عن «حكومة الانتخابات»

«بدأ الجَدّ» في مبادرة بري لهدْم الجدران بين عون والحريري

بري والحريري خلال لقائهما أمس
بري والحريري خلال لقائهما أمس
تصغير
تكبير

- رئيس الجمهورية ينتظر الرئيس المكلّف «حاملاً طرحاً جديداً وإلّا فخلاف ذلك كلام يُشبه بعضه»

... «بدأ الجَدّ».

هكذا بدا المشهد في بيروت أمس مع الانطلاقِ الرسمي للمبادرة التي يقودها رئيس البرلمان نبيه بري بـ «تكليفٍ» من الأطراف الوازنة لتفكيكِ «ألغامِ» الأزمة الحكومية التي باتت تطلّ في «قطبها المخفية» على الانتخابات النيابية والرئاسية (ربيع وخريف 2022) وكأنها «استحقاقات السبحة الواحدة».

وشكّلتْ زيارةُ الرئيس المكلّف سعد الحريري لبري أمس، بعد ساعاتٍ من عودته إلى بيروت، أوّل إشارةٍ إلى أن الملفّ الحكومي دَخَل مرحلةَ الاختبار الأدقّ، وسط محاذرةِ أيٍّ من الأفرقاء المعنيين إعطاء تقديرات حيال المآل الذي ستتخذه مبادرة بري التي تواكبها ضغوط على رئيس الجمهورية ميشال عون كما الحريري الذي يتعرّض لعملية «ترهيبٍ سياسي» تتّخذ أكثر من طابع، بينها وضْعه أمام معادلة «حكومة بشروط الائتلاف الحاكم (عون وحزب الله) برئاستك أو من دونك»، ومحاولة تصوير الثوابت التي يصرّ عليها للتأليف (حفْظ صلاحيات رئيس الحكومة ورفْض تشكيلة محاصصة حزبية ومنْح الثلث المعطّل ولو المضمر لفريق عون) على أنها ستكون «المسؤولة» عن إهدار «الفرصة الأخيرة» قبل الانفجار... الشامل.

وبدا من تَفادي الحريري أن يحمل معه إلى عين التينة مسودّةَ تشكيلةٍ حكومية جديدة اصطُلح على تسميتها بـ «المحدّثة» وترتكز على صيغة الـ 24 وزيراً الموزَّعين على قاعدة 3 ثمانيات، أنه حريصٌ على عدم التسليم بمحاولاتِ «حشْره» من باب عامل الوقت للانطلاقِ في مسارٍ رَسَمَ قواعده رئيس الجمهورية وفق ما عبّرتْ التشكيلتان اللتان قدّمهما عون إلى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي واعتُبرتا تجاوُزاً لصلاحيات الرئيس المكلف وارتداداً على حكومة الاختصاصيين الذين تراعى في تسميتهم معادلة «البُعد عن الأحزاب وعدم العداء لهم».

وفيما كان لقاء بري - الحريري ينعقد على وهج تلويح بسيناريوهات «احتياطية» (يتم التعاطي معها على أنها تهويلية) من فريق عون ما لم يبادر الرئيس المكلف لتقديم «جديد» حكومي أمس وبينها استقالة نواب «التيار الوطني الحر» من البرلمان والدفْع نحو انتخابات مبكرة، اعتبرت أوساط مطلعة أن الرئيس المكلّف يريد بداية تكريس الآليات الدستورية في التأليف وتلافي تقديم أي تنازلات، بدءاً من حجم الحكومة، قبل الإحاطة بما إذا كان «الحائط» الذي بناه رئيس الجمهورية في ما خصّ مسار التشكيل مازال على تصلُّبه أو حتى مفتوحاً على المزيد من الشروط.

وأكدت الأوساط أنه في الشِقّ المباشر من التعقيدات ذات الصلة بحقيبة الداخلية ثمة صعوبةٌ في ترْك «حقيبة الانتخابات النيابية» (الداخلية) بيد فريقٍ سياسي (عون) يكون له الكلمة منفرداً في مَنْ سيتولاها، في حين أن مشاركة رئيس الجمهورية في تسمية واحد أو الاسمين المسيحيين من خارج حصته (وتيار «المردة» والحزب القومي) يعني حصوله على الثلث زائد واحد وتَحَكُّمه تالياً بانعقادِ جلسات الحكومة كما بإسقاطها، ناهيك عن الإمساك بقراراتها الكبرى لاسيما الاصلاحية.

وتشير هذه الأوساط إلى أن الحريري يخوض ملف التأليف وفي حساباته تحصين هذه «المخاطرة» والحؤول دون تحَوُّل الحكومة «محرقةً» للبلاد التي تُصارع الانهيارَ الكبيرَ كما له شعبياً وسياسياً على تخوم الانتخابات النيابية، وهو ما يجعل أيّ تنازلاتٍ يقدّمها محكومةً أولاً بحفظ موقع رئاسة الحكومة ووقف عملية «القضم» الممنهج لنظام الطائف، وثانياً بأن لا تكون «قاتِلة» لجسر الدعم الدولي الذي لا مفرّ منه للإنقاذ، وفي الوقت نفسه أن لا تقدّمه «على طبق من فضة» لخصومه فيصبح «لقمة سائغة» لهم انتخابياً.

وتلفت الأوساط إلى أن مجمل هذه الاعتبارات التي تدخل في الملف الحكومي تعكس حجم التعقيدات التي تعترضه، والتي باتت تجعل العديد من الصالونات السياسية تستحضر السيناريو الذي كانت «الراي» تحدثت عنه قبل 20 يوماً حول عدم استبعاد تكرار تجربة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي «الانتقالية» التي شكّلها العام 2005 بعد استقالة حكومة الرئيس عمر كرامي في أعقاب اغتيال الرئيس رفيق الحريري والتي تولّت إدارة الانتخابات النيابية حينها بتفاهُم خارجي متعدّد الطرف، رغم الاقتناع بأن مثل هذا الطرح يحتاج إلى توافقات إقليمية - دولية وإلى قبولٍ من «حزب الله» الذي يُحْكِم تفوّقه في الوضع اللبناني.

وعَكَسَت المعطيات التي أعقبت لقاء بري - الحريري الحذَرَ حيال أفق المبادرة الجديدة.

فالبيان الذي صدر عقب الاجتماع أشار إلى أن «رئيس مجلس النواب استقبل في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، رئيس الحكومة المكلف في حضور المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل ومستشار الرئيس الحريري هاني حمود. استمر اللقاء ساعتين، تم خلاله البحث في الأوضاع العامة وآخرالمستجدات السياسية لاسيما الموضوع الحكومي، وتخللته مأدبة غداء حيث كان في خلالها نقاش في مسار تشكيل الحكومة والمراحل التي قطعتها وكانت الأجواء إيجابية».

وفي حين لم يُحدّد أيّ موعد بعد لبري على جدول لقاءات عون، نقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن أوساط القصر الجمهوري «ما يعنينا من هذه المسألة أن يزور الرئيس المكلّف القصر حاملاً معه طرحاً جديداً يناقشه مع الرئيس عون وإلّا فخلاف ذلك كلام يُشبه بعضه».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي