No Script

من الخميس إلى الخميس

رسالة إلى المهتمين بالصحة

تصغير
تكبير

أكثر الكائنات الحية إيذاءً هو الإنسان، بقية الكائنات الحية متآلفة مع الطبيعة ومنسجمة مع حاجياتها، لكنه الإنسان الذي لم يكتفِ بإفساد بيئته بل هو يسعى لتدمير ذاته.

أفضل مَثَلٍ على رغبة الإنسان في تدمير ذاته هو التدخين، نعم التدخين، إنه الخطر الأكبر اليوم على صحة الإنسان، كيف نفهم إهمال الإنسان لكل النصائح والإرشادات التي تحذره من التدخين؟ كيف نفسّر ذلك الإصرار على الاستمرار في تناول تلك المواد الضارة التي تفسد خلاياه وتدمر صحته.

المدخنون يعيشون متعبين لا يتمتعون بالحياة الصحية، ويتصرفون غالباً كأنهم مطاردون يبحثون عن ملجأ ينفخون فيه سمومهم، ومع كل ذلك هم ما زالوا مستمرين بالعناد وبتناول المواد الضارة وكأنهم يستمتعون بقتل أنفسهم، هل تعرف فوق الأرض كائناً مثل الإنسان، ذكياً وغبياً، بنّاء وهدّاماً، مُصلحاً ومُفسداً، هذا هو الإنسان.

في نهاية شهر مايو من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للامتناع عن التدخين، يحتفلون لأنهم أوجدوا شيئاً وشجعّوا الناس عليه وهم اليوم يطلبون منهم التوقف عنه، هذا أمر غريب، ندفع الملايين لنُشجّع على التدخين المدّمر لصحتنا ثم نحتفل كتشجيع للتوقف عما كنا نشجعه ونصنعه.

كل عام يموت ستة ملايين إنسان كنتيجة لمضاعفات التدخين، وهو ما يُشكل عشرة في المئة من وفيات العالم، القنبلة الذرية تترك وراءها حوالي مئة وخمسين ألف قتيل، التدخين قوته التدميرية أكبر من أربعين قنبلة نووية، إنها حرب يقودها الإنسان ضد الإنسان.

لن ننتصر في الحرب على التدخين، إذا لم نوقف مافيات شركات التبغ في العالم عن الترويج لتلك الآفة، الترويج الذي يأخذ صوراً عديدة، بدأوا بالسيجارة اللف ثم السيجارة القصيرة والطويلة والملونة، ثم الشيشة بكل أنواع الفواكه، وأخيراً استخدموا التقنية فأوجدوا السيجارة الإلكترونية وادّعوا كذباً أنها أكثر أماناً، كل ذلك من أجل ادخال الشباب وأحياناً الأطفال إلى عالم الأمراض، عالم التدخين.

لن ننتصر في الحرب أيضاً إلا إذا نشرنا عيادات التوعية وعلاج المدخنين، إنها مسؤولية عظيمة تقع على عاتق وزارة الصحة، فكل مرض يأتي من التدخين يُكلّف الدولة آلافاً من الدنانير بينما العيادة تنقذ الناس ولا تُكلف سوى عُشر ذلك المبلغ، أين من يؤمن بالدفاع عن الإنسان؟ إذا كانت جمعية مكافحة التدخين والسرطان تجري منذ شهور وراء فتح عيادة لمكافحة التدخين في مركز السرطان، ولا مجيب لهم، علماً بأن هناك عشرات من المرضى المصابين بالسرطان يكون علاجهم أقل فعالية لأنهم يستمرون بالتدخين بسبب عدم توافر عيادة للتدخين، أين الطبيب الذي يسعى لمساعدة المريض؟ أين المسؤول الذي يعرف معنى المسؤولية؟ جمعية مكافحة التدخين والسرطان ستتحمل تكلفة العيادة فقط، يحتاجون قراراً من إنسان طبيب أين الخلل، وكيف ننتصر في معركة التدخين وهناك شركات لا تهتم سوى بالأرباح؟ كيف ننتصر وهناك جنود منا غير مؤمنين بقضية التدخين، هذه هي القضية وتلك هي المعضلة، وسنبقى منهزمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي