No Script

ربيع الكلمات

«عيش جو العيد»...

تصغير
تكبير

العيد هو عيد البشاشة والابتسامة لمن تعرف ومن لم تعرف، عيد تعديل المزاج المتقلب بفرحة صادقة، تخرج من أعماق النفس الإنسانية، وهذا يدل على أن ديننا يعترف ببشرية الإنسان ويفهم طبائع النفوس.

أيام العيد هي أيام سعادة وفرح وجمال وتسامح، وهي أيام الزينة للكبار والصغار... والأطفال الصغار هم من أمهر صناع الفرح والجمال في العيد، ومن يمتلك نفس وقلب طفل سيفرح، فالأطفال لا يفكرون كثيراً، وسهل إرضائهم، ويجربون كل شيء وليس لديهم أي عقد نفسية، وهم سفراء السعادة في كل الأوقات، إذاً فالأطفال هم من أمهر صناع الفرحة والابتسامة على الإطلاق، وأمام ضحكاتهم وابتساماتهم لا يسعك إلا أن ترمي الأحزان خلف ظهرك.

وأمام هذه الابتسامات الصادقة ينحني أكبر وأقوى الرجال.

‏وحب الزينة والتزين موجود في الفطر الإنسانية، وتجد أن الطبع والشرع اجتمعا على ذلك، وأن الجمال من مقاصد شرع ديننا الحنيف، وقال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ). (الأعراف:26) قال بعض المفسرين: خص سبحانه الريش بالذكر، لأنه ليس في أجناس الحيوان كالطير في كثرة أنواع ريشها، وبهجة مناظرها، وتعدد ألوانها، فهي جامعة لجميع أنواع المنافع والزينة.

وأن الله تعالى يحب ظهور أثر النعمة على الإنسان، ولما قال عليه الصلاة والسلام: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قال له رجلٌ: يا رسول الله! إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً، ونعله حسناً، فقال عليه الصلاة والسلام: إن الله جميلٌ يجب الجمال، الكبر: بطر الحق وغمط الناس).

والإنسان يعيش فرحة العيد حين يشعر بالفرح في داخله، والسرور يكون بادياً على وجهه، وصدق من قال قسمات وجه المرء انعكاس لدواخله، ومن حق أبنائك عليك والأقربين أن يسمعوا منك كلاماً طيباً لا يعكر عليهم عيدهم وفرحهم كما يفعل بعض الشعراء عندما يقولون: عيد بأية حال عدت يا عيد لما مضى أم لأمرٍ فيك تجديد وفي وصف العيد كتب الأديب الراحل مصطفى صادق الرافعي في كتابه القيم (وحي القلم) وقال: (جاء يوم العيد، يوم الخروج من الزمن إلى زمن وحده لا يستمر أكثر من يوم، زمن قصير ظريف ضاحك، تفرضه الأديان على الناس؛ ليكون لهم بين الحين والحين يوماً طبيعياً في هذه الحياة التي انتقلت عن طبيعتها، يوم السلام، والبشر، والضحك، والوفاء، والإخاء، وقول الإنسان للإنسان: وأنتم بخير، يوم الثياب الجديدة على الكل؛ إشعاراً لهم بأن الوجه الإنساني جديد في هذا اليوم، يوم الزينة التي لا يراد منها إلا إظهار أثرها على النفس ليكون الناس جميعاً في يوم حب).

ما أجمل العيد وسط الأهل والأقرباء والأحباب، العيد فرصة لنزع الأحقاد في النفوس وبداية صفحة جديدة في العلاقات الاخوية والتسامح، وترك المشاحنة والحقد والحسد وأمراض النفوس المخفية، لتعم الفرحة على الجميع، الكبير قبل الصغير... وصدق الشاعر حين قال: من اليوم تعارفنا ونطوي ما جرى منا فلا كان ولا صار ولا قلتم ولا قلنا وإن كان ولا بد من العتب فبالحسنى فقد قيل لنا عنكم كما قيل لكم عنا كفى ما كان من هجر فقد ذقتم وقد ذقنا فما أحسن أن نرجع إلى الوصل كما كنا

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي