د. وائل الحساوي / نسمات / لماذا أنا ضد الاستجوابات؟!

تصغير
تكبير
استخدام المال السياسي لشراء ذمم الناس وتوجيه آرائهم تعتبر جريمة كبيرة يعاقب عليها القانون، وكذلك اختلاس المال العام او التفريط فيه، وقد عانت الكويت كثيرا من تلك القضايا وبرزت إلى السطح طبقات من الشعب ممسوخة يقال لها: يمين فتسير يمينا ويسار فتسير يسارا.

وقد كبلتها اغلال الرشاوى والسرقات حتى اصبحت حربا على المصلحين في البلد ووبالا على البلد.

لذا فإن ادعاء اي انسان ان لديه ادلة ووثائق تكشف استخدام المال السياسي وتعرّي المرتشين ليست بالامر الهين الذي يمكن تجاوزه والسكوت عنه، لكن المشكلة هي في امكانية كشف تلك التجاوزات وتسليط الضوء عليها، وكذلك في مدى شفافية مدّعي الحفاظ على المال العام وسلامة نياتهم، فقد شاهدنا كثيرا من نواب الامة يصيحون يولولون ليلا ونهارا حول التجاوزات على المال العام لكنهم يبيحون لانفسهم ان يسكتوا عما يخص ابناء قبيلتهم او طائفتهم، او ان يحصلوا على استثناءات غير قانونية لانفسهم او لناخبيهم، والامثلة اكثر من ان تحصى.

بل نعلم علم اليقين ان بعض النواب ما هو الا بوق لبعض الشخصيات المؤثرة توجهه كيفما شاءت لتدمير خصومها وتحقيق مآربها، لذا فاني اجد نفسي رافضا للاستجوابات المقدمة اليوم ليس بسبب ضعف مادة كل استجواب وعدم رقيه إلى ان يكون استجوابا بل هي مواضيع مصيرية لابد للشعب من الاطلاع عليها وتكوين رأي حيالها، ولكن السبب في كوني معارضا هو:

أولا: حجم الفتنة التي تخلقها تلك الاستجوابات في البلد وتكرسها للانقسام بين الناس، وتأجيج العداوات وتمزيق المجتمع الكويتي وخلق البلبلة ومحاولة اجهاض حكومة لم يمض على تشكيلها اكثر من خمسة اشهر، وتكرار لنفس الاجواء المريضة التي عشناها تكرارا ومرارا والحلقة المفرغة التي ندور فيها منذ عقود، كل ذلك يجعلني اقول للمستجوبين: افعلوا ما شئتم فلن نصفق لكم ولن نعتبركم ابطالا.

ثانيا: تقديم اربعة استجوابات دفعة واحدة وكلها قبلية وضد ثلاثة من ابناء الاسرة الحاكمة يدلنا على ان الامر غير طبيعي، وان الهدف هو خلط الاوراق لمقاصد لا نعلمها، بل استطيع الجزم بان جزءا منها ما هو الا حرب بالوكالة وتصفية حسابات بين جبهات متصارعة، ولا اريد ان اوضح اكثر.

ثالثا: لو افترضنا ان الاستجوابات المقدمة ما هي الا اداة دستورية شريفة لكشف عيوب اداء السلطة التنفيذية كما يتشدق البعض بذلك، فلماذا تهييج الشارع ونقل المعركة إلى خارج المجلس والاصطفاف بهدف كسب الناس، فهل سمعتم عن الكونغرس الاميركي ينظم الحملات الاعلامية في الولايات ويحشد الناس من اجل تأييد السيناتور الفلاني في استجوابه لوزير، ام هي البدعة الكويتية التي درج عليها كثير من النواب الكويتيين وكأنما نعيش حرب «داحس والغبراء»؟!

رابعا: بل تعجبت من الاخ أحمد السعدون النائب المخضرم الذي ترك استجواب تجمعه (التجمع الشعبي) لوزير الداخلية واخذ يرغي ويزيد في شأن استجواب رئيس الوزراء محرضا على طرح ورقة عدم التعاون حتى قبل ان يسمع مرافعته، أليس ذلك تحريضا واضحا للناس لكي لا يدع مجالا لاصلاح الامور وكأنما هو ومن معه يقولون لأمير البلاد: حل مجلس الأمة وخلصنا منه؟!





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي