No Script

أبعاد السطور

أم زياد والملقوف!

تصغير
تكبير

أُم زياد... سيدة محتاجة، اعتادت أن تبيع الخضار على أحد الأرصفة، لكي تسدّ حاجتها وحاجة أمها وجدتها وأبنائها التسعة، ورغم شدّة حاجتها للمال لم يهن عليها أن تمدّ يدها وتتسوّل الناس في الطرقات والمجمعات التجارية وعند إشارات المرور.

وفي يوم من الأيام وفي عزّ الظهيرة والشمس الحامية فوق رأسها - وهي كعادتها منشغلة بطلب رزقها من بيع الخضار - جاءها فجأة شخص ملقوف، وأخذ يحاورها ويوجه إليها سيلاً من الأسئلة، وهو يصوّر كل ذلك الحوار الذي دار بينهما عبر حسابه في أحد برامج التواصل الاجتماعي، واتهمها بأنها ليست مواطنة من ذات بلده، وأنها لم تجلس في ذلك المكان إلا لكي تستعطف الناس، وتجد منهم بعض المساعدات المالية! وأيضاً هدّدها الملقوف بأنه سيطلب لها دوّرية الشرطة لتقبض عليها، لأنّه يرى أن ما تفعله أُم زياد يُحرج الدولة! وأم زياد كانت هادئة وشجاعة أمام كل تصرفات ذلك الملقوف الأرعن.

وما هي إلا ساعات قليلة حتى انتشر المقطع الذي صوّره الشخص الملقوف في جميع الوطن العربي، فأخذت الناس تُخطّئه، وتدعو عليه، وتصفه بأوصاف سلبية، وترشقه بالكثير من الكلمات غير الجيدة، وضاقت الأرض على الملقوف بما رحبت بعدما حصل ذلك المقطع الذي صوّره لأُم زياد على أعلى مشاهدات عالمية! أما أُم زياد فتعاطف معها آلاف البشر من بلدان مختلفة بسبب التشهير والتنمر والإرهاب، الذي طالها من ذلك الشخص الملقوف، وهبّ لنصرتها ومساعدتها العديد من أهل الخير، وسارع أحد المسؤولين بإيجاد مقر دائم ونظامي لها في أحد أسواق الخضار، لكيّ تطلب الرزق بلا مشاكل.

سبحان الله العلي العظيم، جاء الرزق الحلال العاجل لأم زياد عن طريق ذلك الملقوف المستأسِد، وجاء الدرس الرادع الذي صفع ذلك الملقوف مليون صفعة عن طريق أم زياد المسكينة الضعيفة.

نهاية المقال... قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقِ دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب)، ويقول اللهُ عزَّ وجلّ في الحديث القدسي عن دعوة المظلوم: «وعزَّتي وجلالي لأنصرنَّك ولو بعد حينٍ». ولعل أُم زياد في تلك اللحظات رفعت بصرها ويديها إلى السماء، وبثّت شكواها لله الواحد القهار، فاستجاب لها بشكل عاجل لم يكن ذلك الملقوف يحسب حسابه!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي