No Script

مشاهدات

الوظيفة... نظم وقواعد

تصغير
تكبير

الوظيفة العامة مسؤولية لها حقوق وعليها واجبات، ومن أهمّها أداء العمل بكل دقة وأمانة وإخلاص، واحترام من في السلم الوظيفي، فلكلّ وظيفة مرؤوس لإدارة العمل على أكمل وجه، مع عدم تدخّل الآخرين في شؤون وظيفته، منعاً للفوضى.

وأعضاء مجلس الأمة ينطبق عليهم ما ذكرناه سابقاً عن المهام الوظيفية وحقوقها وواجباتها، لذا يجب عليهم أن يؤّدوا واجباتهم الوظيفة بكل أمانة وصدق، من حضور للجلسات والرقابة والتشريع وعدم تعطيل الجلسات وغيرها من الأمور التي تتعلّق بأعمالهم، والتي هي من الواجبات الوظيفية التي يجب عليهم القيام بها، فإن عجز أحدهم عن أداء هذه الأمور - التي هي من واجبات عمله - فليتقدّم باستقالته لأنه أخلّ بواجباته الوظيفية، والتي هي من الشروط الأساسية لاستحقاق الراتب المالي الذي يتسلّمه - فالقاعدة القانونية تقول: الراتب مقابل العمل، وهذه القاعدة القانونية تشمل جميع موظفي الدولة، الذين يقومون بأداء الخدمة العامة في الدولة وفي جميع مؤسساتها، والتي يجب أن يلتزم بها الجميع، حتى لا يتمّ الخروج على النظام العام للدولة.

فعندما نسلّط الضوء على ما يجري في الساحة، سنرى ونلمس مشاهد سلبية عدة منها:

المشهد الأول: حسم اختيار رئيس مجلس الأمة، رغم حالات الاصطفاف والترهيب ومحاولة الضغط، التي قام بها البعض حسب الأصول المتبعة في العملية الديموقراطية الحرة، وبمشاركة جميع أعضاء مجلس الأمة لاختيار من هو الأكفأ ليكون رئيساً.

المشهد الثاني: رفض نتيجة انتخاب الرئيس مجموعة من النوّاب، التي تزعم أنها الغالبية والشروع في اتخاذ مواقف متشنجة، تحول دون الوصول إلى نتيجة تنزع فتيل الأزمة الراهنة، والقيام بالتمرّد على الأعراف الديموقراطية.

المشهد الثالث: المخالفات المتتالية من أعضاء أقسَموا على احترام قوانين الدولة، بدءاً من (وضع الباركود على ورقة الاقتراع/ التصوير الفج لورقة الاقتراع/ التجمهر عند منصة الرئاسة مرة أخرى وتصوير الأوراق الباطلة الثلاث/ نشر مستندات خاصة بالمجلس في وسائل التواصل/ السباب والشتائم والتخوين لزملائهم الأعضاء).

المشهد الرابع:انتهاج آراء متشنجة لتشمل (لا للرئيسين)، ورفع سقف المطالبة برحيل الاثنين؟ بينما الأوّل فقد اختاره سمو الأمير، والثاني من اختيار أعضاء المجلس بالتصويت الحرّ أمام الجميع.

المشهد الخامس: العودة مرّة أخرى إلى التجمهر أمام المنصّة الرئاسية والاعتداء اللفظي والجسدي على الأمين العام السابق، وإغلاق الميكروفون مرات عدة، وانتهاج الطعن في ذمم الآخرين، ومحاولة تعطيل تنفيذ حكم المحكمة الدستورية الواجب النفاذ بإلغاء عضوية نائب.

المشهد السادس: العودة إلي الممارسات الشاذة نفسها، بالتجمهر أمام منصّة الرئاسة، بعد التهديد المعلن والمسبق، بعدم تمكين الرئاسة من عقد الجلسة، مع استمرار التعدّي والتجمهر عند منصة الرئاسة، واستخدام ميكروفون نقّال في قاعة عبدالله السالم والصراخ بشكل هستيري. ورغم تلك الفوضى العارمة استمرت الجلسة.

المشهد السابع: تكرار الهجوم على موظفي الأمانة العامة، ومن ثم التعدي اللفظي والجسدي ومحاولة التطاول واستفزاز الأمين العام الجاري ورئيس المجلس، بهدف إيقاف عقد الجلسات.

المشهد الثامن: وهذا يحدث للأسف بسبب الفهم الخاطئ للحصانة، التي لا تعني الفوضى وانتهاك قوانين وبنود الدستور، وهنا نطرح سؤالاً: هل يحقّ لعضو مجلس الأمة التعدي على كرامات الناس سواء بالقول أو الفعل، وهل هو فوق القانون؟، (من أمن العقاب أساء الأدب).

فلو تمّت معاقبة المخالفين منذ البداية لما تطور الأمر وتمادى المخالفون في غيّهم والعمل البرلماني - كما يقال - فن الممكن وهو ثمرة التعاون بين السلطتين، فلماذا تقوم كل فئة بالمزايدة على الفئة الأخرى وهم أبناء وطن واحد، والوطن يحتضنهم جميعاً؟

وقد كان للموقف المشرّف الذي قام به الأمين العام للمجلس، أبلغ الأثر في السيطرة على الوضع المتشنّج الذي ساد الجلسة، فرغم التهجم عليه ومحاصرته من نواب المعارضة والصراخ عبر الميكروفون الموجّه الى أذنه مع محاولة البعض إغلاق المايك عنه، تمكّن وبكل اقتدار من الاستمرار في أداء عمله وسط كل تلك الفوضى العارمة، فقد كان متماسكاً ورابط الجأش، ولم يستدرج وينحدر الى المستوى الهابط، بل حافظ على احترامه وكلامه.

وتحيّة لحراس المجلس، على الدور الذي قاموا به في المحافظة على سير العملية الديموقراطية بكل اقتدار، فقد كان موقفهم مشرفاً، وهذا ما لاحظه كل من كان موجوداً في الجلسة - هدوء مع حزم لا تشوبه قوة - وبذلك منعوا وقوع حالات التشابك بالأيدي والعراك الجسدي، خصوصاً من البعض الذين تركوا مقاعدهم واتجهوا الى المنصة الرئاسية ليقوموا بالتدافع والتلفّظ بألفاظ غير لائقة.

ولكن كان هناك قصور من بعض أفراد حرس المجلس - ويجب التحقيق في هذا الموضوع - فكيف استطاع أحد النواب إدخال ميكروفون متنقّل يستخدم في الأفراح والملاعب إلى قاعة عبدالله السالم، قد يكون هذا الامر ليس مقصوداً وحدث بسبب الضعف في إجراءات التفتيش، فيجب القيام بدور أكثر فعالية لعدم تكرار ذلك مستقبلاً...

وأخيراً... نوجّه كلامنا إلى هؤلاء النواب:

ما الذي تريدونه حقيقة... وأي ثقافة تروّجون بها لأبنائنا، هل هي ثقافة التمرّد والتطاول بقبيح العبارات، والدعوة إلى العنف والتشابك بالأيدي والعراك الجسدي مع من نختلف معه في الرأي، وهل هذا هو ما تروّجون له؟!

وهل فرض الرأي بالقوة على الآخرين والفوضى هو مطلبكم؟، رغم أن غاية الحوار يجب أن تكون بقرع الحجة بالحجة وبناء جسور التعاون لتبحر سفينة الكويت بأمان، وإدارة الأمور بالسياسة بضبط النفس لا بالانفعال والصوت العالي.

التعامُل الرّاقي مع الناس لا يحتاج إلى «دراسات عُليا»، بل إلى «أخلاق عُليا»، حفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي