لماذا يلوم ظريف سليماني ... على فشل الحكومة؟

ظريف وسليماني
ظريف وسليماني
تصغير
تكبير

أثار تسريب مقابلة استمرت ثلاث ساعات لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مع الخبير الاقتصادي والمستشار الرئاسي الإيراني سعيد ليلاز، عاصفة في إيران وخارجها. وقد أدى رد الفعل على الحديث المسجل الذي حدث في مارس الماضي - وكان من المفروض أن يبقى في أرشيف وزارة الخارجية - إلى إحراج ظريف والرئيس حسن روحاني الذي أمر بإجراء تحقيق فوري.

فهل يساعد أو يضر التسريب، وزير الخارجية وحكومة روحاني؟

لا شيء وليد الصدفة في إيران، إلا ان التسريب يتعلق بفشل الصفقة النووية. واختار ظريف إلقاء اللوم لهبوط شعبيته على اللواء قاسم سليماني قائد «الحرس الثوري - لواء القدس» لأنه «قاد حكومة في الميدان» موازية لحكومة روحاني. ولم يلق ظريف اللوم على الغرب الذي أفشل الاتفاق رغم ان وزير الخارجية قال إنه «التقى ونسق مع سليماني اسبوعياً».

وهذا يبدو كأن ظريف يبحث عن مبرراته الشخصية. ظهر ذلك من خلال قوله إن شعبيته انخفضت من 85 إلى 60 في المئة وأن سليماني تجاوزه من 70 ألى 90 في المئة. وهذا يعني أن الشعب وقف خلف سليماني.

وقد فشلت هذه الحكومة في تسجيل أي إنجاز ولم تستطع كسر عزلة إيران التي امتد نفوذها في الشرق الأوسط بسبب الإنجاز الميداني الذي جعل من إيران دولة إقليمية. واشتكى ظريف أنه لم يعلم عن تفاصيل ما يحدث في سورية وتوقيت الهجوم على عين الأسد وإسقاط الطائرة الأوكرانية ومن «الحسم الميداني»، ولكن قلل من فشل الاتفاق النووي وسوء تقديره وثقته بالغرب الذي طعنه عندما مزَّق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الاتفاق ولم تحترم أوروبا تعهداتها.

«الاتفاق النووي هو نتيجة انتصار الثورة وتضحيات عشرات الآلاف من الشهداء وليس ملك الوزير ظريف. منذ متى يُضَحِّي بانتصارات الميدان من أجل الديبلوماسية ولإرضاء وزراة الخارجية؟ فالديبلوماسية أداة وليست هدفا والديبلوماسية الذكية تستفيد من نجاح الميدان قبل أي تفاوض. وبسبب إنجازات الميدان التي حققها سليماني تسعى أميركا والغرب إلى التفاوض مع إيران حول نفوذها في فلسطين ولبنان وسورية والعراق وأفغانستان واليمن»، كما علق أحد صناع القرار لـ«الراي».

فهل كان ذلك الإنجاز النووي للبرغماتيين على المتشددين في إيران؟

عندما وصل ترامب إلى السلطة ومزق الاتفاق، ذكر السيد خامنئي الحكومة «بعقلية الغرب الغادرة»، فرد ظريف أن «أوروبا ستملأ الفراغ الأميركي»، إلا أن الرياح الترامبية جرت بما لا تشتهي سفن ظريف.

ويحاول وزير الخارجية التصرف وكأنه صانع قرار. فمثلاُ، في محادثات فيينا الجارية، صرح بأن إيران ستلقي كل خطوة أميركية إيجابية بأخرى مثلها. فخرج خامنئي ليقطع قول ظريف، ويعلن أن لا مفاوضات ولا تراجع إلا بعد الغاء جميع العقوبات ولا يسمح بأي تعديلات إضافية.

ولنفترض أن تسريب المقابلة هدف لتشويه سمعة ظريف وإبعاده عن دائرة صانعي القرار. إلا أن ما قاله عن إبعاده عن معلومات مهمة يدل أنه لم يكن يوماً ضمن صانعي القرار. وقد ثبت ذلك بمعرفة القليل بما حدث في سورية عام 2015. فعلى عكس ما قاله ظريف إن إيران أرسلت قوات بطلب من روسيا التي استدعت سليماني للتدخل في المعارك، فإن إيران موجودة في سورية منذ التسعينات وكان لديها بين 100 إلى 150 مستشارا عسكريا - وليس قوات كما قال ظريف - أثناء الحرب السورية.

يعتقد السياسيون والمعلقون الإيرانيون أن ظريف ربما كان قدم معلومات بشكل غير طوعي للأميركيين. إذ قال معلق سياسي أنه «إذا تم نقل إشارة للأميركيين أن سليماني هو صاحب القرار وأنه العقبة أمام تقدم العلاقة الإيرانية - الأميركية، لكانت دعوة صريحة لاغتياله».

ويبدو أن ظريف ألحق أضراراً بالغة بالأمن القومي ولم يقدر الورطة التي قد يكون قد سببها لنظيره السابق جون كيري. بفضل ما قاله ظريف يبدو أن الحرس الثوري يستخدم طائرات «إيران إير» للأغراض العسكرية في سورية بمعدل ستة رحلات جوية يومية كما نقلها له الوزير كيري الذي بذلك هو أيضاً قد كشف معرفة أميركا بمعلومات يفترض أن تكون سرية لا تكشف لدولة أخرى.

وكشف ظريف أن الوزير الأميركي أبلغه أن إسرائيل قصفت 200 هدف إيراني في سورية لم تعترف بها إيران أبداً. وزاد ظريف الطين بلة عندما قال إن «عناصر الأمن يسيطرون على وزارة الخارجية».

يفكر بعض أعضاء البرلمان بالدعوة إلى جلسة طارئة مستعينين بالمادة 234 لعزل ظريف لكشفه معلومات تتعلق بالأمن القومي إلا أن مصادر في طهران استبعدت ذلك خصوصاً أنه لم يتبق سوى أسابيع من عمر الحكومة.

رفع السيد خامنئي السقف عالياً: لا مفاوضات مع أميركا ولا تراجع حتى يتم التأكد من رفع جميع العقوبات. وهذا يعني أنه في حال إتمام الاتفاق، تحتاج إيران لأشهر للتأكد من رفع العقوبات واسترداد أموالها المحجوزة. وهذا لن يعد انتصاراً للبرغماتيين الإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

يبدو أن ظريف أراد القول إن الحرس الثوري يهدف إلى تخريب الاتفاق النووي، هذا الاتفاق الذي بدأت مفاوضاته في عهد الرئيس أحمدي نجاد. ومع ذلك فإن أي مباحثات أميركية حينها أو عام 2015 وحتى مباحثات فيينا لم تكن لتحدث من دون مباركة خامنئي. ان رفع العقوبات طلب إستراتيجي وطني لإيران التي ستكون سعيدة باستعادة ثروتها المجمدة ورفع كامل العقوبات مقابل قنبلة وقدرات عسكرية نووية لم تكن تريد بناءها في المقام الأول أبداً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي