الجزائر.. مؤشرات الغضب الاجتماعي تتصاعد في ظل مأزق سياسي مستمر

تصغير
تكبير

تسهم الإضرابات والبطالة والفقر ونقص المواد الغذائية الأساسية وارتفاع الأسعار، في إشعال الغضب الاجتماعي في الجزائر التي تعاني أصلا أزمة اقتصادية سببها انخفاض سعر النفط وقد فاقمتها جائحة كورونا.

يضاف كل ذلك إلى مأزق سياسي مستمر منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية للحراك قبل عامين.

وتقول الباحثة المقيمة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط داليا غانم، إن «الوضع الاقتصادي للجزائر يزداد سوءًا يومًا بعد يوم ويؤدي إلى إفقار شرائح كاملة من السكان وارتفاع معدلات البطالة، وباختصار جميع المؤشرات الاقتصادية حمراء».

وفي بداية كانون الأول/ديسمبر أعلن الوزير المكلف الاستشراف، محمد شريف بن ميهوب، إن الأزمة الصحية تسببت في فقدان «500 ألف وظيفة على الأقل».

ولم ينته الأمر عند هذا الحد، إذ يُتوقّع أن يؤدي القرار الأخير بإغلاق 16 ميناء جافًا (منافذ موصولة بمرفأ بحري عبر طرق برية أو للسكك الحديد) إلى فقدان 4000 وظيفة مباشرة.

كما أن إغلاق مصانع تجميع السيارات، في أعقاب فضائح فساد، ووقف استيراد مستلزمات الأجهزة الكهربائية المنزلية، كلف أكثر من 50 ألف وظيفة في عام 2020، حسب وزير العمل الهاشمي جعبوب.

ويواصل عمال الشركات التي سُجن رؤساؤها بتهم الفساد تعبئتهم لإنقاذ وظائفهم والحصول على رواتبهم المتوقفة منذ شهور.

ويقدر صندوق النقد الدولي البطالة حاليا بأكثر من 14%.

ومن العلامات المقلقة لنظام مشلول في مواجهة عودة الحراك الشعبي إلى الشوارع، انتشار الحركات الاجتماعية في القطاع العام، كالبريد والتعليم وإدارة الضرائب والسكك الحديد والقطاع الصحي المنهك بسبب كوفيد-19 الذي عاودت الإصابات به ارتفاعها.

وعلى أثر إضراب في مكاتب البريد حرَم بعض الجزائريّين من رواتبهم، أنهى الرئيس عبد المجيد تبون الثلاثاء مهمات وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية ابراهيم بومزار.

وتشير غانم إلى أنّ «القضية الاجتماعية التي غابت خلال الموجة الأولى من الحراك عام 2019، أصبحت لصيقة بالاحتجاجات السياسية».

وتعمقت الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انخفاض مداخيل النفط مع حلول شهر رمضان ومشكلاته المعتادة من شح المواد وارتفاع الأسعار بسبب المضاربة.

وعبّر عمر (المتقاعد من التعليم) عن انزعاجه من تكرار هذا الوضع، قائلا «كلّ عام، تجتمع الحكومة قبل عدّة أشهر من حلول رمضان وتعلن لنا، هذه المرة، كل شيء على ما يرام. ولكن كل عام يتكرر الشيء نفسه، المضاربة والندرة».

وتجد كثير من العائلات التي تعيش أوضاعا صعبة خلاصها الوحيد في الجمعيات الخيرية التي توزع مواد ضرورية مجانًا لأكثر الفئات حرمانًا.

واضطر كثير من الجزائريين إلى تقليص نفقاتهم وشد الأحزمة، كما لم يفعلوا من قبل.

وأمام تضخم أسعار البطاطس التي يباع الكيلوغرام منها بسعر 100 دينار (0.62 يورو)، لجأت السلطات إلى طرح كميات كبيرة منها في السوق لتوفيرها بسعر يقل عن من 50 دينارًا للكيلو.

وردا على سؤال لوسائل الإعلام المحلية، أشار الخبير الاقتصادي بوبكر سلامي إلى أن «غياب الرقابة والإجراءات الرادعة ضد المحتالين شجّع على المضاربة... القوانين موجودة لكنها غير مطبقة».

من جهته دعا رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي إلى ضرورة «تنظيم السوق» من أجل «تنويع الاقتصاد».

وفيما أعلن تبون عن انتخابات نيابية مبكرة، أعربت جبهة القوى الاشتراكية، أقدم أحزاب المعارضة عن أسفها للوضع الذي يعانيه الجزائريون. وقالت «اليوم يحق لنا التشكيك في كفاءة الحكام الحاليين لقيادة البلاد، وخطورة الوضع تُقاس بعدم قدرتهم على وقف التضخم واستقرار العملة الوطنية والحفاظ على العمالة والقدرة الشرائية للمواطنين».

ففي حين أن الحد الأدنى الوطني للأجور لا يتعدى 20 ألف دينار (ما يزيد قليلاً عن 125 يورو)، يرى اتحاد النقابات العمالية الجزائرية أن الحد الأدنى اللائق للأجور يجب أن يصل إلى أربعة أضعاف ذلك.

لكن كيف يمكن الحفاظ على القدرة الشرائية مع استمرار انخفاض قيمة العملة.

قال الخبير الاقتصادي منصور قديدير «إذا اختارت الحكومة تخفيض قيمة العملة من دون اعتماد سياسة اقتصادية مدروسة، فقد تكون لذلك عواقب وخيمة على القوة الشرائية للمواطنين التي ستتأثر بذلك بصورة دائمة».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي