No Script

إطلالة

«لا... لإلغاء نظام الكفيل»!!

تصغير
تكبير

بين فترة وأخرى يظهر لنا الرئيس الفيلبيني روديغو دوتيرتي بتصريحات غريبة عجيبة، خصوصاً في ما يتعلق في شأن العمالة الوافدة والمنزلية الفيلبينية، فتارة يتحدث عن الكويت في تجاوزاتها مع العمالة وتارة أخرى يتحدث عن الإلغاء الكامل لنظام الكفيل، وكأنه وليّ علينا أو لسنا في دولة قانون ومؤسسات، فأنا شخصياً لا أعرف ماذا يريد دوتيرتي وما يقصد وراء تصريحاته بالضبط، فهو الرئيس الوحيد الذي يسلّط الضوء على قضايا العمالة المنزلية كثيراً، وكأن الكويت ليس لديها سوى العمالة الفيلبينية، رغم أن الحكومة الكويتية لم تقصر مع مطالبها ابداً، فلو اطلعتم على مركز الإيواء التابع للعمالة تراها مليئة بالعمالة من الوافدين الفيلبينيين على مدى سنوات طويلة.

فالكويت لم تقصر في واجباتها نحوهم وكثيراً ما يتم إجلاؤهم على حساب الدولة والكفلاء، لاسيما بعدما تزايدت أعدادهم عن المطلوب إيواؤه، وهذا الأمر يتم تنفيذه بشكل دوري بعد تسوية أوضاعهم المالية علماً بأن هناك قرابة 300 عاملة منزلية من الوافدات يرفضن العمل لدى كفلائهن سنوياً من دون ذكر أسباب مقنعة، وبالتالي كيف سيكون الحال لو تغيّر نظام الكفالة في الكويت أو جرت الأمور حسب ما يريده الرئيس الفيلبيني دوتيرتي بنظام الإلغاء الكامل للكفالة؟!

حيث يقول إن هذا النظام يضع العمال المهاجرين في وضع هش، وفق ما أوردته وسائل الإعلام الفيلبينية، رغم أن الأوضاع المعيشية للعمالة الفيلبينية جداً ممتازة في الكويت، أليس الواجب عليه أن يسأل عن تاريخ بداية نظام الكفالة في الكويت، لاسيما وهي مطبّقة منذ عشرات السنين؟ وبالتالي إن كانت بلاده تطالب بإلغاء نظام الكفالة عاجلاً أم آجلاً، فهذا الشأن يتعلق بسياسة الشؤون الداخلية للبلاد، شأنها شأن جميع الدول العربية، حيث يشترط أن يكون للعمالة الوافدة «كفيل» في البلد المضيف، حتى يمكن إصدار تأشيرة أو تصاريح عمل، وهذا يعتمد بالدرجة الأولى على أرباب العمل أو أصحاب البيوت والمحلات التجارية.

كما قال الرئيس دوتيرتي خلال منتدى حقوق العمال: إن نظام الكفالة أدّى إلى عدم دفع الأجور وتقييد حركة العمال والحرمان من الرعاية الصحية، والاستغلال الدائم وحتى القتل بشكل مباشر، وهذا بالطبع ما يخالف الآلية التي رست عليها الكويت من حيث تطبيق الحقوق والواجبات على العمالة الوافدة كافة، وبالتالي فإن نظام الكفالة ليس له علاقة بدفع الأجور فالأجور ملزمة على الشركة أو الكفيل لمن يعمل مخلصاً في عمله ومن يجتهد يستحق الراتب أو الأجر، ويحقّ له المطالبة بالزيادة، فضلاً عن الحق في توفير الرعاية الصحية اللازمة لهم، ولا أعتقد أن العامل يستطيع الاستمرار في عمله من دون توفير رعاية صحية ونفسية.

في حين نعلم جميعاً أن الرعاية الصحية متوافرة لهم في الكويت، برسوم رمزية جداً وتناسب الجميع، كما أنه لا علاقة بين نظام الكفالة والقتل المباشر أو الاستغلال الدائم إلا إذا كان هناك مرض نفسي أو ظروف اجتماعية سيئة للغاية، وظروف معيشية صعبة لدى الكفلاء أو العمالة، وبالتالي يجب على الرئيس الفيلبيني أن يعلم أن حقوق الإنسان والحريات الأساسية لأي عامل وافد مكفولة منذ القدم، فمؤسسات الدفاع المدني وجمعيات النفع العام موجودة لجميع الجنسيات من دون تمييز، كما في الكويت جمعيات حقوقية وجمعيات إنسانية مهمتها الدفاع عن حقوق أي عمالة وافدة، مهما كانت وظيفتها وهذا ما تفخر به الكويت أمام المحافل الدولية بغضّ النظر عمّا نسمعه من إساءات في حق الكويت، وبالتالي إن كان الرئيس دوتيرتي يعتقد أن نظام الكفالة هو نظام ظالم واستغلالي ويضع آلاف العمال المهاجرين مثل عمال المنازل في أضعف الأوضاع أي غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم وعن كرامتهم كبشر، فهذا رأيه وهو حر في ما يبديه من قراءة وملاحظات، قد تكون غير حقيقية ولا تتصل بواقع الكويت، فلينظر إلى النسبة العالية للعمالة المنزلية والعمالة الوافدة وكم وصل عددها اليوم؟ إن عددها تجاوز الـ 680 ألف عامل في نهاية الربع الثاني لسنة 2020 وتشكّل العمالة المنزلية 33 في المئة من مجموع الوافدين، فضلاً عن أن هناك استعدادات أخرى في الطريق لاستئناف عودة المزيد من العمالة المنزلية والوافدة الى الكويت، رغم الظروف الصحية القاسية التي تمرّ بها البلاد.

وبالتالي فإن النسبة العالية للأرقام بعدد العمالة الأجنبية والعربية، دليل واضح على إنسانية دولة الكويت، لاسيما وأن العمالة الفيلبينية قد شهدت بنفسها على حسن تعامل الكفلاء الكويتيين معها، وتعامل سلطات الكويت بكل رقي واحترام وقت الأزمات التي عصفت بالبلاد، ولعل أقرب مثال على ذلك هي فترة الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت، فهؤلاء هم بشر مثلنا يجب أن يكونوا مكرمين بيننا.

أما قوله إن جائحة كورونا قد عرضت العمالة المهاجرة الفيلبينية الخاضعة لنظام الكفالة إلى أوضاع خطرة، مع دخول العالم في حالات الإغلاق، فهذا لم يطل العمالة الفيلبينية فقط بل طال كل الجنسيات العاملة في العالم بسبب الظروف الاقتصادية التي خيّمت على العالم كله، فجعلت معظم العمالة الوافدة في الكويت وبقية الدول بلا عمل وبلا أموال وبلا شبكات أمان اجتماعي، وبالتالي على الرئيس الفيلبيني دوتيرتي أيضاً مسؤولية تعويضهم كبقية الدول، فبدلاً من التقوّل والتذمّر على أوضاع عمالته المهاجرة، عليه التفكير بجدية بكيفية تعويضهم عن الخسائر التي أثرت فيهم، فنحن أيضاً نرحّب بمبادرات إصلاح الشؤون الداخلية لبلاده بدلاً من الحديث عن تعامل دول الخليج لهم فقط.

ولكل حادث حديث.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي