قال «كنتُ متفائلاً بانتخاب نواب شباب لكنهم أضاعوا البوصلة وقضيتهم باتت مرزوق الغانم فقط»
فيصل العيّار لـ «الراي»:يتعيّن ألا تترك الحكومة أمرها... بيد «السوشيال ميديا»
- لو أنا مسؤول «أُخرج من الجيب لمساعدة المتضرّرين»
- محاربة الفساد قبل إقرار الضريبة على المواطن
- ما يثير المخاوف أنه بدأ التشكيك بقرارات القضاء وهو أساس المُلك
- النظرة للتجار لم تتغيّر ففي أميركا يُقال «الضرائب مفيدة للأغنياء والقوانين لمصلحتهم»
- اقتصادياً شُلّ القطاع الخاص وسياسياً «لخبطة أوراق» واجتماعياً العادات تغيّرت
- تأجيل القروض هدر كبير وقد يصعد بالشعبوية للمطالبة بإسقاطها
- ثورة اقتصادية واجتماعية بالسعودية والكويت لا تزال تتخوّف من القرار
- البنوك أجّلت القروض أول مرة برغبة حكومية ودفعت مئات الملايين من جيوب مساهميها
- الحكومة تتخذ القرار وتنظر للخلف لترى من يشاهدها من النواب وعلى «السوشيال ميديا»
- تعظيم الإيرادات من أملاك الدولة وبمساهمة أكبر للقطاع الخاص بالتوظيف
- بساطة طرح المعنيين تُعيق التنفيذ ويصعب على الحكومة حالياً اتخاذ القرار
- وقف التوظيف غير المستحق بالحكومة واستبدال الدعم بالنقد
- في «كيبكو» نحاول تحقيق التكامل المالي لكننا نواجه منعاً رقابياً
- متفائل بمستقبل «كيبكو» فجميع مؤسساتها تشغيلية
- منفتحون على جميع الاحتمالات ونحاول جعل «OSN» الأفضل بالمنطقة
- سنبدأ قريباً تطوير أرض خباري بالفحيحيل
- «برقان» يمتلك جوانبَ تجعله من الأفضل محلياً وبأخرى متأخر
في مكتبه بالطابق 51 ببرج «كيبكو»، يستطيع نائب رئيس مجلس الإدارة (التنفيذي) في شركة مشاريع الكويت القابضة فيصل العيّار، مشاهدة الكويت بصورة أوضح، دون تأثيرات جانبية، فبحكم خبرات الرجل العميقة، والتجارب العالمية التي لم تعد سراً، تتعزز قدرته على تبديد الغيوم التي تلبد سماءها.
يضع العيّار في مقابلة مع «الراي» وصفته للإصلاح والتحفيز، ويقول «لو أنا مسؤول أُخرج من الجيب شيئاً لمساعدة المتضررين، كما يتعيّن تعظيم الإيرادات العامة من بوابة أملاك الدولة، والسماح بمساهمة أكبر للقطاع الخاص في التوظيف، وأن تتوقف الحكومة عن التعيينات الجديدة غير المستحقة، وتستبدل نموذج الدعم الحالي بآخر نقدي يوجه لمستحقيه، وألّا تترك أمرها بيد (السوشيال ميديا)».
ويلفت العيار إلى أن بساطة طرح الجهات المعنية تُعيق التنفيذ، وأن الحكومة تتخذ القرار وتنظر للخلف لترى من يشاهدها من النواب وعلى «السوشيال ميديا»!، ويضيف «بينما هناك ثورة اقتصادية واجتماعية تحدث في السعودية لا تزال الكويت تتخوّف من القرار».
ولا يستر العيار مخاوفه من التشكيك بقرارات القضاء «فهو أساس المُلك»، ويشير إلى أنه اقتصادياً شُلّ القطاع الخاص، وسياسياً «لخبطة أوراق»، واجتماعياً تغيّرت طباع وعادات كثيرة بعد الغزو، ولا يستبعد أن تُفلس الكويت لكن ليس قريباً، إذا لم يكن هناك إصلاح، فيما يؤمن بأنه لو يتعاون النواب والحكومة ويستغلون الإمكانات المالية الحقيقية للكويت «فسنكون من أقوى الدول».
وعندما تسأل العيّار عن أسباب تغيّر النظرة للتجار في الفترة الأخيرة، يسارع بالقول «لم تتغير ففي أميركا، أكبر دولة رأسمالية بالعالم، يقال إن الضرائب مفيدة للأغنياء، والقوانين لمصلحتهم»، وبالنسبة لتأجيل القروض يعتبره هدراً كبيراً وقد يصعد مستقبلاً بسقف الشعبوية لدرجة المطالبة بإسقاطها كلياً.
وبالنسبة لمجموعة «كيبكو» ورؤيته للواقع والتحديات، يعرب العيار عن تفاؤله بمستقبل المجموعة، مدفوعاً بأن جميع مؤسساتها تشغيلية ويقول «نحاول تحقيق التكامل المالي للمجموعة لكننا نواجه منعاً رقابياً، ومنفتحون على جميع الاحتمالات ونحاول جعل (OSN) الأفضل بالمنطقة، فيما يمتلك (برقان) جوانب تجعله من الأفضل محلياً وفي أخرى يتأخر»، وينوه إلى أنه قريباً سيبدأ تطوير أرض خباري في الفحيحيل.
وفي ما يلي نص المقابلة:
• مقارنة مع السعودية والإمارات وقطر أين تضع الكويت ترتيباً لجهة الاقتصاد والرؤية؟
- في اتخاذ القرار نحن في المؤخرة.
وإذا ما نظرنا للرؤية، تأتي السعودية في المقدمة وتليها الإمارات ومن ثم قطر، ومن بعدها الكويت.
وبالنسبة للدعم الاقتصادي هم أفضل منا بمليون مرة، أما لجهة عمق تجربة القطاع الخاص والمؤسسات والبنية التحتية تأتي الكويت في المقدمة، بقطاع خاص لديه عمق أكبر من القطاعات المشابهة في المنطقة، كما أن الكويت متقدمة كدولة من حيث القوانين، لكنها بالمرتبة الأخيرة لجهة التنفيذ.
• إلى أن يوجد بديل عن النفط، وهذا يحتاج وقتاً طويلاً، برأيك ما الأولويات الاقتصادية؟
- معروفة وواضحة، وأساس العلاج يبدأ بالعمل على خفض المصاريف، وزيادة الإيرادات، وتحفيز القطاع الخاص، وأن ترفع الحكومها يدها عن أي مشاريع جديدة.
وللتبسيط لدى الكويت موارد كثيرة، ويمكن تعظيم الإيرادات من أملاك الدولة التي يمكن أن تدّر مليارات الدنانير للخزينة العامة، سواء كانت هذه الأملاك في منطقة الشويخ الصناعية أو شاليهات أو مزارع وغيرها.
وهذا من شأنه أن يوفر مستويات عالية من السيولة في الميزانية، فيما يأتي فرض الضرائب في وقت لاحق.
علاوة على ذلك، يجب السماح للقطاع الخاص بمساهمة أكبر في التوظيف ودفع الرسوم.
فلدى الدولة أراضٍ كثيرة داخل «الديرة» وبإمكان القطاع الخاص تطويرها، وفي هذه الحالة ستحقق فائدة مزدوجة، حيث سترتفع نسبة عوائدها من الرسوم المحصّلة على هذه الأراضي، ومن ناحية ثانية تضمن زيادة نسبة التوظيف لدى القطاع الخاص، بدلاً من الحكومة، ومن ثم تخفيف أعباء الرواتب على الدولة.
وبرأيي تكمن مشكلتنا الحقيقية في أننا دولة ريعية، تصرف أكثر مما تنتج، وتعتمد على مصدر واحد للدخل، والحلول المطلوبة لمعالجة مثل هذه الاختلالات واضحة، لكن لا يوجد تنفيذ.
• ولماذا لا يوجد تنفيذ؟
- أعتقد أن ذلك يعود أحياناً إلى بساطة الطرح في أذهان الجهات التنفيذية، فأول ما يفكرون به الضرائب وزيادة الرسوم مثل الكهرباء، رغم أن هناك إجراءات كثيرة تستطيع الحكومة القيام بها قبل المضي في المسارات الضريبية، ليس أقلها محاربة الفساد ووقف الهدر، فإضافة إلى العوائد التي يمكن أن تحققها المالية العامة من مثل هذه الإجراءات، فإنها تحمل رسائل إيجابية للشعب مفادها أن الحكومة ماضية في الإصلاح، ويتعين مساندتها، ما يعطي الدافع لاتخاذ قرارات غير شعبوية، لكن في الوضع الحالي يصعب على الحكومة أن تدفع بأي قرار.
• وما الحل الذي يمكن أن يسهّل على الحكومة القيام بذلك؟
- في كل مكان في العالم، من الضروري أن تتخذ القيادة التنفيذية القرارات دون تخوف من تبعاتها.
فالحكومة في جميع الدول المتقدمة بالعالم مثل ماليزيا وسنغافورة تأتي برؤية وخطة واضحة، ورئيس الحكومة ينفّذ ويدافع عن رأيه، ويشرح للشعب بكل شفافية ما الذي يقوم به.
وكل كويتي يعلم أن هناك أزمة مالية في البلاد لكن الرسالة الحكومية غير واضحة ولا تصل إليه جيداً، لأن الحكومة تحتاج إلى تسويق لأفكارها والدفاع عنها، ونتيجة لذلك هناك «لخبطة يمين ويسار» تُشوّش على الحكومة وأعمالها.
• ألا تعتقد أنه يصعب محاسبياً تقليص المصروفات العامة في ظل فاتورة رواتب ودعوم تلتهم أكثر من 71 في المئة من الميزانية ولا يمكن مسّها؟
- نظرياً يبدو هذا صحيح، لكن عملياً تتطلب الجدية في تقليص المصروفات إجراءات موازية تتعلق بتحسين وضع الرواتب والدعوم، وهنا الحكومة غير مضطرة للاستغناء عن موظفيها الحاليين أو خفض رواتبهم، لكن عليها إبطاء التدفقات الجديدة لهذين البندين.
وهذا يتطلب وقف التعيينات الجديدة غير المستحقة، على أن يُعاد توجيه الخريجين الجدد، نحو القطاع الخاص، مع تحفيز الشركات على استقطابهم.
كما يتعيّن أن توقف الحكومة برنامج الدعم الحالي، وتستبدله بآخر تمنح عبره المستحقين بدلاً نقدياً، ومن ثم تكون الحكومة تخلصت من الزيادات المتصاعدة سنوياً في كلفة الرواتب والدعوم، ما يسهم في تقليص المصروفات، لا سيما إذا تم التخلي عن الهدر المتحقق من الإنفاق غير المستحق على المباني الحكومية وغيرها من أوجه الصرف غير الضرورية.
• بمناسبة تقلص الإنفاق الحكومي كيف سينمو القطاع الخاص وهو يعتمد على مشاريع الحكومة؟
- يجب أن يجد مخارجَ بأفكار جديدة، تتضمن التوسع في دول المنطقة التي تشهد توسعات استثمارية كبيرة، على أن يكون ذلك بعقلانية وانتقائية.
فانتظار القطاع الخاص للمشاريع الحكومية فقط يشكل مشكلة كبيرة أمام مستقبله.
مع الإشارة إلى أن الإنفاق الحكومي يوثر فقط على بعض القطاعات، مثل المقاولات، لكن هناك قطاعات غير مرتبطة بالإنفاق مثل التجزئة.
• عند تشخيص الحالة المالية للدولة لماذا توجد أكثر من لغة بين الشعب والنواب والحكومة ومجتمع الأعمال رغم أن الأزمة واحدة؟
- أعتقد أن الجميع يعلم أننا في أزمة اقتصادية، لكننا نختلف في كيفية معالجتها، والبعض يغمض عينيه للدفع باستمرار الدولة الريعية مهما كانت النتائج.
والعموم يريد أن يرى إجراءات تنفيذية وخطوات ونتائج على أرض الواقع. فالشعب يسمع بين الحين والآخر أن شخصاً اختلس في جهة حكومية ما، وآخر في هيئة ثانية وهكذا دواليك، والحقيقة هذا يقلل قناعة الشعب وثقته في الحكومة، وما نعانيه حالياً من أزمات في هذا الخصوص نتيجة سُبات الحكومات السابقة، والذي لا يمكن أن تتحمله الحكومة الحالية أو السابقة منفردتين.
• برأيك لماذا تغيرت نظرة الشارع إلى القطاع الخاص والتجار في الكويت وتزايدت وتيرة الهجوم عليهم أخيراً؟
- لم تتغير بل مثل ما كانت.
فأميركا أكثر الدول الرأسمالية في العالم، ورغم ذلك دائماً ما نسمع أشخاصاً يقولون هناك إن «الضرائب مفيدة للأغنياء، وأن القوانين تصب في مصلحتهم» وغير ذلك من الاتهامات المنفلتة من أي دليل.
وحقيقة وضع القطاع الخاص في الكويت أسوأ من أميركا، فهناك يساهم القطاع الخاص في الاقتصاد عن طريق دفع الضرائب، أما في الكويت فالحكومة لم تعط القطاع الخاص فرصة المساهمة.
وبعد التحرير، حيث المرحلة الذهبية التي مر بها القطاع الخاص محلياً، حاولت الحكومة الانفتاح على التخصيص وإعطاء الشركات الأراضي والواجهات البحرية، لكن بعد ذلك «كتمت على أنفاسها»، وأخطر نتيجة لذلك الهجرة العكسية التي حدثت للموظفين من القطاع الخاص إلى العام، مدفوعين بالزيادات الكبيرة ومزايا الرواتب التي يحصلون عليها في القطاع الحكومي.
علاوة على أن هناك قناعة لدى العديدين بأن الوظيفة الحكومية أكثر استقراراً من القطاع الخاص، وأقرب لجهة العائد، وربما أعلى في بعض الجهات الحكومية.
• برأيك هل تنافس الحكومة القطاع الخاص في جذب الموظفين؟
- نعم. فالمزايا الوظيفية التي تمنحها الحكومة للموظفين في الفترة الأخيرة إلى جانب محفزات العلاوات السنوية والإجازات شجعت شريحة كبيرة منهم للعمل بالقطاع العام، والقطاع الخاص لا يستطيع منافسة الحكومة بهذا الاتجاه.
• هل تجاوزت البنوك الكويتية أزمة كورونا؟
- وضع البنوك الكويتية جيد.
• وكيف ستعوّض سحوبات الحكومة الأخيرة من ودائعها؟
- لا أرى أن هناك أزمة مترتبة على ذلك. ويمكن للبنوك أن تعوّض هذه السحوبات من خلال منافسة مصرفية على استقطاب الودائع ورفع سعر الفائدة، ما سيرفع الكلفة على البنوك.
• منذ التحرير ماذا تغير في الكويت اقتصادياً وسياسياً ومجتمعياً؟
- اقتصادياً، شُلّ القطاع الخاص، وتحديداً من بعد أزمة المناخ وحتى الغزو، ولم يشهد القطاع الخاص طفرة أكبر من التي شهدها بعد الغزو، إذ تصاعد توظيف الكويتيين وتسارع إنجاز المشاريع من كل صوب، واشتعلت المنافسة على مشاريع الدولة، ولذلك كانت تسمى فترة ما بعد الغزو بالفترة الذهبية للقطاع الخاص الذي تلقى تعويضات آنذاك ومن المديونيات وراجت أعماله، لكن بعد ذلك شيء ما تغير وحدثت انتكاسة للقطاع الخاص.
وسياسياً باتت هناك «لخبطة» في جميع الأوراق، فلم يعد يوجد فصل بين السلطات، وما يثير الخوف أنه بدأ التشكيك بقرارات القضاء الذي هو أساس المُلك.
واجتماعياً، يمكن القول إنه ترتب على خروج آلاف الكويتيين للخارج فترة من الزمن بسبب الغزو تغيّر في طباع وعادات اجتماعية كثيرة.
• كم دامت الفترة الذهبية؟
- نحو 10 سنوات.
• هل أنت مع قانون الدَّين العام أم لا ولماذا؟
نعم
- لأنه أحد الأدوات المطلوبة لتوفير التمويل ولتغطية العجز المسجل في الميزانية العامة، ونؤكد في هذا الخصوص على أهمية توظيف الأموال المتأتية من الدين العام في أوجه صرف صحيحة ومستحقة، ومن دون هدر.
• هل أنت مع مدينة الحرير أم لا ولماذا؟
نعم
- أنا مع المشروع من ناحية المبدأ والفكرة، غير أن التفاصيل غير واضحة، ولذلك يجب إعلان تفاصيل وحيثيات المشروع كاملة، حتى نستطيع قول «نعم» بثقة.
• هل أنت مع السحب من «الأجيال القادمة» أم لا ولماذا؟
لا
- أنا ضد السحب من صندوق الأجيال القادمة إذا كان العائد من استثماراته أكبر من تكلفة الدين العام، وأنا أؤمن بأن مردود صندوق الأجيال أكبر من تكلفة الاقتراض حالياً، حيث أرى فرصة تاريخية للكويت للاستدانة، فأسعار الفائدة رخيصة، وتصنيف البلاد عال جداً، ويمكن النظر إلى السعودية لجهة حجم اقتراضها.
ولكن نحن لا يجب أن نقترض إذا استمرينا على النهج نفسه، كما يجب في جميع الأحوال أن توظف الأموال المتأتية من أي مصدر كانت توظيفاً حكيماً.
• هل أنت مع الخصخصة أم لا ولماذا؟
نعم
- أنا مع الخصخصة، لأن القطاع الخاص أثبت من خلال الكثير من مؤسساته أنه أفضل من الدولة في إدارة المشاريع، سواء لجهة الكفاءة أو التكلفة أو الإنتاجية.
• هل يمكن أن تُفلس الكويت أم لا ولماذا؟
نعم
- يمكن أن تُفلس الكويت، ولكن ليس في الوقت القريب. فالأمر يعتمد على أسعار النفط وعلى حجم الصرف وحجم العجز، لكننا لسنا عرضة لذلك خلال سنوات قصيرة، فهكذا كارثة يحتاج حدوثها فترة طويلة من الزمن تبقى خلالها الأوضاع الاقتصادية على ما هي عليه، وألا يقابل ذلك أي تغيير إصلاحي.
• هل تؤيد فرض ضرائب على الشركات والأفراد ورفع الرسوم أم لا ولماذا؟
بشروط
- بالنسبة للشركات، هي تدفع الضرائب على شكل دعم العمالة ومساهمتها لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي والزكاة وغيرها.
أما بالنسبة للأفراد، يجب أن يقابل فرض ضريبة عليهم توفير خدمات جيدة لهم، وترشيد في الإنفاق العام وإيقاف الهدر.
وبرأيي هناك خطوة يجب اتخاذها قبل المضي في فرض هذه الضرائب، تتعلّق بمحاربة الفساد وتعظيم الإيرادات العامة بعيداً عن جيب المواطن، وعقب تنفيذ هذه المتطلبات الملحة يمكن مطالبة المواطن بدفع ضريبة.
• هل تؤيد تأجيل القروض أم لا ولماذا؟
لا
- التعميم في تأجيل القروض للجميع ينطوي على هدر كبير، فإذا كان جميع موظفي الدولة يتسلّمون رواتبهم كاملة خلال الأزمة ولم تنقطع فما الدافع من تأجيل أقساطهم، علماً بأن الحكومة تُراكم بهذه الخطوة الأقساط على المواطنين، فهم سيدفعونها لاحقاً لأنها وببساطة لم تُلغَ، وقد يتصاعد سقف المطالبات الشعبوية مستقبلاً اعتماداً على التجارب المريحة مع الحكومة إلى المطالبة بإلغاء قروض المواطنين، أخذاً بالاعتبار أنه يقابل هذا الهدر استحقاقات لم تُدفع لأشخاص تأثرت أعمالهم بالفعل من تداعيات أزمة كورونا ويستحقون تأجيل قروضهم.
• هل تعتقد أن التركيبة الحالية للنواب والوزراء قادرة على تحقيق الإصلاح؟
لا
- في البداية كنت متفائلاً بانتخاب شباب لعضوية مجلس الأمة، لكن قضيتهم بعد ذلك باتت مرزوق الغانم فقط، وأضاعوا البوصلة.
ولو يضع المجلس يده بيد الحكومة ويستغلان الإمكانات المالية الحقيقية التي تمتلكها الكويت سنكون من أقوى الدول. ولعل المفارقة أنه فيما نرى في السعودية ثورة اقتصادية واجتماعية، لا يزال في الكويت هناك تخوف من اتخاذ القرارات، رغم أن لدينا إمكانات هائلة يمكن أن تسهم في ازدهار الكويت سريعاً.
ولا ينقصنا لذلك سوى خطوات صغيرة تشجع القطاع الخاص والمبدعين.
• هل تعتقد أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تستحق الإنقاذ أم لا ولماذا؟
نعم
- مع الإشارة إلى أن بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة تستحق الدعم وأخرى لا تستحقه. فهناك شركات كانت تعاني قبل الأزمة ولذلك فإن استمراريتها غير واردة ولا يُستفاد من دعمها، بينما هناك شركات تعثرت بشكل مباشر بسبب الأزمة وتواجه صعوبة في استمرارها إذا بقي الوضع على ما هو عليه، وهي تستحق الدعم.
ولعل السؤال المشروع هنا، ما ذنب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في أن الدولة قررت إغلاقاً اقتصادياً وأغلقت المطاعم والكافيهات وأوقفت عمل المبادرين، وكيف سيدفع أصحاب هذه المشاريع التزاماتهم.
وفي أميركا تعتبر الشركات الصغيرة والمتوسطة أكبر موظِّف للقطاع الخاص، لكن في الكويت لا ينطبق ذلك على هذا القطاع، حيث تعتمد مشاريعه في معظم احتياجاتها الوظيفية على العمالة الخارجية، ما يقلل من مساهمتها الحقيقية في التكويت، لكن يبقى أن المبادرين تضرّروا من قرارات الدولة وبناءً عليه يستحقون دعمها.
• هل تؤيد سياسة الحكومة في تعيين المواطنين ؟
لا
- الدولة أكبر منافس للقطاع الخاص في توظيف الكويتيين ووصلت مرحلة التخمة، والأفضل اقتصادياً أن يكون التوسع بهذا الدور عبر القطاع الخاص وبدعم حكومي، وأن تتوقف منافسة الحكومة على استقطاب المواطنين وظيفياً.
• ما رأيك في خطة الحكومة لمعالجة التركيبة السكانية وهل ترى أن آليات تطبيقها تناسب خطة التنمية المستهدفة؟
لا أعلمها
- حقيقة لا أعلم ما هي سياسة الدولة في ما يخص ملف تعديل التركيبة السكانية.
وقد سمعنا عن أعداد مستهدفة في هذا الخصوص، لكننا لم نر أي دراسة عن تأثير هذا الخفض على ميزانية الدولة والخدمات التي تقدمها.
كما أنه وللأسف هناك قطاع مُحرّم أن نتحدث عنه، والمتمثل بالعمالة المنزلية والتي تبلغ نحو 750 ألفاً.
• هل تعتقد أن إجراءات الحكومة للتحفيز الاقتصادي كانت كافية؟
لا
- لم يكن هناك تحفيز أو دعم. وعلى سبيل المثال، أجّلت البنوك الكويتية القروض من دون فوائد أو رسوم بناء على رغبة الحكومة، وتحملت بسبب ذلك مئات الملايين من الدنانير دفعتها من جيوب مساهميها.
وعملياً الحكومة لم تقدّم أي محفزات اقتصادية في مواجهة تداعيات أزمة كورونا، مثل الذي قدمته دول المنطقة الأخرى، وبرأيي أن الهم الوحيد للدولة الآن ينبغي أن يكون المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تضرّرت بشكل كبير، وبعضها كان ضعيفاً حتى من قبل الأزمة.
ومن باب الموضوعية يمكن القول إن الحكومة حاولت تقديم محفزات اقتصادية في مواجهة تداعيات «كورونا»، لكنها كانت تتخذ القرارات وتنظر إلى الخلف لترى من يشاهدها سواء على «السوشيال ميديا» أو من مجلس الأمة وغيرها من الجهات ذات العلاقة بقراراتها.
• لو كنت المسؤول عن الملف الاقتصادي في بداية الأزمة ما حزم التحفيز التي كنت ستقترحها؟
- لست بحاجة إلى اختراع، فالعالم أجمع أقر حزماً تحفيزية. ومن صور ذلك البحرين، بلد صغير وإمكاناته قليلة وقد اتصلت جهات عدة بأخرى في البحرين لإحصاء المواطنين العاملين محلياً، ضمن خططها للتكفل بدفع رواتبهم لمدة 4 أشهر، على ألا يتم تسريحهم من أماكن أعمالهم.
ولو أنا مسؤول «يجب أن يخرج من الجيب شيء لمساعدة المتضررين، تخفف أثر التكلفة المالية، مع الأخذ بالاعتبار أنه كلما كانت الإجراءات سريعة كانت الحلول ناجعة أكثر وأقل كلفة».
فهناك محفزات أُقرت في جميع الاقتصاديات المجاورة، لكنها لم تقر محلياً رغم تشابه الأزمة وتداعياتها، وهنا أود أن أشير إلى أن الدولة دفعت أصحاب العقارات إلى تخفيض الإيجارات، لكنها في الوقت نفسه لم تؤجل أقساط قروضهم الممنوحة بضمان عقاراتهم وإيراداتهم منها، فتقييم البنوك عندما تموّل العقارات مبني على معدل إيرادات هذه الأصول، فإذا انخفضت لاحقاً الإيرادات هبط التقييم، ما يجعل البنك الدائن يطلب من العميل رفع ضماناته، وقد حدث ذلك بالفعل ما وضع أصحاب العقارات تحت ضغط بسبب ظروف استثنائية غير مسؤولين عنها.
• هل تؤيد ما يذهب إليه البعض بأن فشل الحكومة في معالجة الأزمة الاقتصادية أنها تتعامل في الاقتصاد بالتردد نفسه الذي تتعامل به في السياسة وألا تعتقد أن الأفضل أن يكون لديها نهج اقتصادي ثابت بعيداً عن النهج السياسي ومصالحه المتغيرة؟
- من باب الموضوعية لا أضع اللوم في هذا الخصوص على الحكومة الحالية، فهذه أخطاء متراكمة من الحكومات السابقة، فالأزمة واحدة والحلول نفسها لم تتغير لكن إقرار المعالجات الملحة تأخر في عهد الحكومات السابقة.
كما أن الحكومة تواجه ضغطاً نفسياً بوجوب محاربتها للفساد وإيقافها للهدر، وهذا يؤثر على جميع القرارات التي يتوجب عليها اتخاذها، كما ينقص الحكومة الشفافية، وتقديم إيضاحات وشروحات مقنعة وكافية للشعب حول خططها وقراراتها، تبين من خلالها وبوضوح لماذا تسعى لتطبيق قراراتها، لا أن تترك أمرها بيد «السوشيال ميديا» لتواجه بسبب ذلك الإشاعات وتفسير الأمور بطرق مختلفة.
وفي هذا الخصوص يجب أن يكون لدى الحكومة أهداف واضحة لتحقيقها على المدى القصير، وأخرى على المدى الطويل، وخلال هذا المسار يتعين أن يلمس الشعب التنفيذ على أرض الواقع، وليس مجرد سماع وعود.
تعقيدات الكويت الاقتصادية حالياً ليست أسوأ من 2008
حول رأيه فيما يقوله البعض أن تعقيدات الكويت الاقتصادية حالياً أسوأ مما كانت عليها في الأزمة المالية العالمية عام 2008، ينفي العيار ذلك، قائلاً «لا، ليست أسوأ». ويضيف «أزمة 2008 كانت أزمة اقتصادية عالمية، ومشكلة التعثرات التي واجهت بعض الشركات المحلية مع هذه الأزمة كانت بسبب أن مديونياتها قصيرة الأجل لمشاريع عوائدها طويلة الأجل، ما عرضها لأزمة سيولة وائتمان».
أما الآن فيوضح العيار أن «وضع الكويت المالي ممتاز. ومخاطر نفاد السيولة نحن الذين صنعناها لأن جميع الدول في العالم عندما تتعرّض لأزمة سيولة تستدين، لكننا في الكويت عقّدنا المسائل، وكل ذلك ينصب في النهاية في الشك بقدرة الحكومة على إيقاف الهدر والفساد».
قال عن «كيبكو» وشركاتها
• في ظل التعقيدات المالية الحالية ما خطط «كيبكو» للنمو؟
- لكل قطاع من عملياتنا سياسته التوسعية، وشركة المشاريع تنمو بنمو مؤسساتها.
وإذا ما نظرنا إلى إيرادات 2020 مقارنة بعام 2019، نجد أنها ارتفعت من 698 مليون دينار إلى 753 مليوناً، وهذا يعني أننا نشهد نمواً.
• بعد أن كانت على سكة البيع، هل غيرتم خططكم مع «OSN»، وما تأثير هذا الاستثمار على ميزانية المجموعة مستقبلاً في حال التطوير أو البيع؟
- نحن منفتحون على جميع الاحتمالات، لكننا نحاول الآن أن نجعل من «OSN» الأفضل في المنطقة.
• كمجموعة هل لديكم تخارجات على نار حامية؟
- منفتحون على أي عروض في هذا الخصوص، لكن حتى الآن لا توجد نقاشات جادة بخصوص أي تخارجات من أصول المجموعة في الوقت الحالي.
• وماذا عن خططكم للاستحواذ؟
- هناك مفاوضات لشركات تابعة مع شركات صغيرة في السوق المحلي. وقمنا منذ فترة وجيزة بالاستحواذ على عمليات «AXA» في الخليج عن طريق مجموعة الخليج للتأمين بقيمة تبلغ نحو نصف مليار دولار.
• ضمن شركات المجموعة هل لديكم ما يحتاج زيادة رأسمال في 2021؟
- «الخليج للتأمين» ستزيد رأسمالها وكذلك «كيبكو». وقمنا خلال 2020 بسداد استحقاق سندات بقيمة 500 مليون دولار من مصادرنا المتوافرة، وبذلك لن يكون علينا أي استحقاقات حتى 2023، كما أن متوسط استحقاق الدين يبلغ 4.3 سنوات.
• وأين وصلتم في مشروع حصة المبارك؟
- من نجاح إلى نجاح والحمد لله، فعمليات البناء في المشروع مستمرة وبنجاح، والطلب على الوحدات السكنية يتزايد بشكل أكبر من توقعاتنا في أكثر من مشروع، وأطلقنا منذ فترة قصيرة مشروع بيوت حصة السكني، إضافة إلى أبراج حصة، كما سنبدأ قريباً في تطوير أرض خباري في الفحيحيل، التي أطلقنا عليها اسم أرزاق.
• بين البنوك الكويتية كيف تقّيم «برقان»؟
- هناك بعض الجوانب التي تجعله من الأفضل محلياً، وفي جوانب أخرى هناك تأخر بعض الشيء.
• ماذا عن إستراتيجية المجموعة المالية رقمياً على المدى البعيد وما أبرز التغيرات التي تتوقعونها بعد 5 سنوات؟
- ترتكز سياستنا دائماً على تعزيز وتحديث ورفع كفاءة المؤسسات، واقتناص فرص التوسع الاستثماري والتي ننظر لمنفعتها على المدى الطويل.
وجميع مؤسساتنا تعمل على تطوير خدماتها الرقمية ومنها بنك برقان ومجموعة الخليج للتأمين، وهذا التطوير ذاتي لخدمات الشركة نفسها، وأيضاً يشمل الاستثمار في شركات وخدمات تخدم القطاع.
• هل تتوقع أن تُحدث الرقمنة تغيراً جوهرياً في الكويت على المدى المتوسط؟
- نعم لأن كل القطاع الخاص يستثمر بقوة في الرقمنة.
• وهل يمكن أن يؤثر التحول الكبير المرتقب تكنولوجياً على مستقبل البنوك المحلية؟
- هذا يتوقف على حسب تكيّف كل بنك مع الرقمنة، ويمكن ألا تكون ضارة للبعض ويمكن أن تكون كذلك لأخرى ما لم تواكب التطورات التكنولوجية المتسارعة عالمياً بتقديم تجربة ممتازة لعملائها.
• كمجموعة «كيبكو» أين ربحتم وأين خسرتم في 2020؟
- في قطاع الضيافة والفندقة تأثرنا بطبيعة الحال، وفي القطاع العقاري من ناحية تخفيض الإيجارات، كما أن إغلاق وحدات البيع المباشر أدى إلى تضرر القطاع الإعلامي.
أما القطاع المصرفي فتضرّر من تبعات تأثر عملائه من المؤسسات من الأزمة، إضافة إلى تكلفة تأجيل القروض التي فرضتها الدولة. وفي ما يخص شركة القرين لصناعة الكيماويات البترولية تأثرت حكماً بانخفاض أسعار النفط.
أما أداء قطاع التأمين فكان ممتازاً، ولدينا شركة «سدافكو» بالسعودية تؤدي أداءً ممتازاً أيضاً.
• هل أنت متفائل بوضع مجموعة «كيبكو» في 2021؟
- الوضع صعب ولكنني متفائل، خصوصاً أن جميع مؤسسات المجموعة تشغيلية ويمكن حل مشاكلها. وليس لدينا شركات معتمدة على البيع والشراء.
• اليوم لدى «كيبكو» أوسع مجموعة مالية تضم بنوكاً وشركات استثمار وتأمين، ما خططكم للاستفادة من هذا التكامل المالي؟
- نحاول داخلياً جاهدين الاستفادة القصوى من تكامل المجموعة، لكن على أرض الواقع فإن تقديم خدمات مشتركة يحتاج موافقات عديدة من الجهات الرقابية.
ويمكن القول إن لدينا دراسات كثيرة حول آليات تحقيق التكامل المستهدف في المجموعة، وطرح منتجات جديدة، لكننا نواجه تحفظات رقابية، فمثلاً، لدينا أدوات تأمينية بإمكاننا تسويقها عن طريق بنك برقان، إلا أننا نواجه منعاً رقابياً، ليس لأنها عالية المخاطر لكن بسبب التشدد الرقابي، ما يعيق التكامل المالي المستهدف في المجموعة.