No Script

وزيرة «التجارة» الأسبق أكدت أنّ الفشل في إدارة الاقتصاد مسؤولية الحكومة والنواب

أماني بورسلي لـ «الراي»:المناصب باتت ترضية على حساب المصلحة العامة

تصغير
تكبير

- حلّ الأزمة المالية يصطدم بالتدخلات وتعيينات المحاصصة
- يتعيّن إدخال عوائد «الأجيال القادمة» ضمن الإيرادات العامة
- إفلاس الكويت وارد إذا استمرّ تجاهلنا للإصلاحات
- زيادة الفساد وراء الرفض الشعبي للضريبة
- التحفيز الحكومي لم يرق لحجم «كورونا»
- تخفيض حجم القطاع العام بما يراعي طبيعة السوق الكويتية وقوانينها
- تعديل التركيبة السكانية بكل محاورها وتكويت القطاعين العام والخاص
- تبنّي إستراتيجية لاستدامة الإيرادات يعزّز الناتج المحلي غير النفطي
- رفع رسوم أملاك الدولة وتغيير منهجيتها لنسبة من إيرادات المستثمر
- مراجعة وزيادة قيم الرسوم على الخدمات العامة
- تطوير البنية التحتية بما يعزّز جذب الاستثمارات الأجنبية
- تركيبة النواب الحالية مخرجات صناديق واختيارات الشعب
- برنامج الحكومة بلا أهداف أو جدول زمني ولم يحمل حلولاً إبداعية
- محاربة الفساد بعدالة وفق ممارسات الدول الرائدة في الحوكمة

تعتقد وزيرة التجارة والصناعة الأسبق، الدكتورة أماني بورسلي، أن المناصب في بعض المؤسسات والهيئات العامة وغيرها أداة للترضيات السياسية على حساب المصلحة العامة والاقتصاد، فيما تؤكد أن حلّ الأزمة المالية يصطدم بتدخلات أصحاب المصالح، وتعيينات المحاصصة.

وتلفت بورسلي لـ«الراي» إلى أن سياسة التقشّف تتعارض مع السياسة المالية السليمة، وأنه يتعيّن إدخال عوائد «الأجيال القادمة» ضمن الإيرادات العامة، فيما لا تستبعد إفلاس الكويت خصوصاً «إذا استمرّ تجاهلنا للإصلاحات».

وترى أن زيادة الفساد وإضاعته لمليارات الدنانير على الخزينة العامة وراء الرفض الشعبي لفرض ضريبة على المواطنين، وتوضح أن التحفيز الحكومي للاقتصاد لم يرق لحجم أزمة كورونا ولا ما قبلها.

وتطالب بورسلي التي تعمل أستاذاً مشاركاً في قسم التمويل بجامعة الكويت، بتخفيض حجم القطاع العام بما يراعي طبيعة السوق الكويتية وقوانينها، وتعديل التركيبة السكانية بكل محاورها وتكويت الوظائف في القطاعين العام والخاص.

وتؤكد أهمية تبنّي إستراتيجية لاستدامة الإيرادات، وأن ذلك يعزّز الناتج المحلي غير النفطي، فيما تشير إلى أنه يتعيّن رفع الدولة لرسوم أملاكها وأن تغيّر منهجيتها في هذا الخصوص من مجرد رسم لنسبة تحصل عليها من إيرادات مستثمري هذه الأملاك، مع مراجعة وزيادة قيم الرسوم على الخدمات العامة، وتنوه إلى ضرورة تطوير البنية التحتية الاستثمارية بما يعزّز جذب الاستثمارات الأجنبية.

وسياسياً، ترى بورسلي أنّ الفشل في إدارة الملف الاقتصادي مسؤولية مشتركة بين السلطتين، وأن تركيبة النواب الحالية عبارة عن مخرجات صناديق واختيارات الشعب، فيما تفيد بأن برنامج عمل الحكومة جاء بلا أهداف أو جدول زمني علاوة على أنه لم يحمل حلولاً إبداعية.

وتقول «لا أؤيد السحب من أصول صندوق الأجيال القادمة لكنني أؤيد الاستعانة بجزء من إيرادات استثماراته، فدخول الكويت بمرحلة العجز المالي في الموازنة العامة وشح مصادر السيولة يُقلّصان من الخيارات العاجلة المتاحة»، وتشدد على ضرورة وجود جهة مركزية مهنية مستقلة مسؤولة عن الاقتصاد، على أن تكون إدارتها للملف بعيدة عن أي تدخلات من قبل أصحاب المصالح.

وفي ما يلي نص المقابلة:

• إلى أن يوجد بديل عن النفط وهذا يحتاج وقتاً طويلاً برأيك ما الأولويات الاقتصادية ووصفتك للخروج من الأزمة؟

- تقدّمت الحكومة ببرنامج عمل لم يكن واضح الأهداف، وليس له جدول زمني محدد، ولم يحمل حلولاً إبداعية، بل ارتكز بشكل كبير على موضوع فرض الضرائب وزيادة الرسوم، ولم يكن واضحاً في شأن مراجعة الرسوم على أملاك الدولة التي بالتأكيد ستدرّ مبالغ طائلة.

وللخروج من الأزمة أقترح هنا عدداً من المسارات، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الآتي:

• تعزيز معدلات الشفافية في مؤسسات القطاع العام في البيانات المالية والأرقام المعلنة سيساعد المشرّع وصانعي القرار في اتخاذ الإجراءات السليمة للخروج من الأزمة.

• محاربة الفساد وفق الممارسات التي تطبّق من قبل الدول الرائدة في مكافحة الفساد بعدالة وتطبيق معايير الحوكمة في مؤسسات القطاع العام الخاصة بالمحاسبة، والعدالة، والنزاهة، والمساءلة، الأمر الذي سيعزّز من مكانة الكويت في المحافل الدولية، ويشجّع بيئة الاستثمار.

• تعديل التشريعات الخاصة بتعارض المصالح في كل مؤسسات الدولة.

• تخفيض حجم القطاع العام بما يراعي طبيعة السوق الكويتية وقوانينها، وتحويل دور الحكومة إلى مراقب.

• تعديل التركيبة السكانية بكل محاورها وتكويت الوظائف في القطاعين العام والخاص.

• تبنّي إستراتيجية لتحفيز واستدامة إيرادات الدولة بهدف تعزيز الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، ويندرج تحت هذه الإستراتيجية تأمين مصادر دخل مستدامة للدولة تتسم بالاستقرار والنمو.

• تعديل ورفع قيمة الرسوم على أملاك وأراضي الدولة، وتغيير منهجيتها من رسوم إلى نسبة محددة من إيرادات المستثمر.

• مراجعة وزيادة قيم الرسوم على كل الخدمات العامة في الدولة.

• تعزيز البنية التحتية الاستثمارية بما يعزّز من جذب الاستثمارات الأجنبية وتوطين الاستثمارات المحلية، لخلق فرص عمل للمواطنين.

• وضع إستراتيجية وطنية لتنويع مصادر الدخل وفق إطار قانوني.

• مراجعة قانون صندوق الأجيال القادمة بما يغيّر فلسفة أهدافه، ويعزّز دوره في المساهمة بدعم الاقتصاد الكويتي الذي بات بحاجة اليوم لإيراداته.

• بالمناسبة، برأيكِ كيف يمكن أن ينمو القطاع الخاص في ظل تقشف الحكومة وهو يعتمد على مشاريعها؟

- السياسة المالية جزء أساسي لنمو وتحفيز الاقتصاد، ففي أوقات الأزمات المالية عادة ما يتم اللجوء إلى تحريك المشاريع بهدف تحفيز النمو الاقتصادي.

لذلك، فإن برامج التقشف للمشاريع الإستراتيجية والحيوية في الوقت الحالي سياسة خاطئة، في حين أن إيقاف الهدر المالي والصرف غير المبرر هي السياسة السليمة.

وما فعلته بريطانيا حالياً بهدف الخروج من الركود الاقتصادي هو تحريك المشاريع والاقتصاد بوتيرة متسارعة وضخمة بهدف خلق فرص عمل واستثمار للبنوك والأفراد والمؤسسات والشركات، لذلك فإن سياسة التقشف ليست في محلها بالوقت الحالي.

• لماذا توجد أكثر من لغة بين الشعب والنواب والحكومة ومجتمع الأعمال عند تشخيص الحالة المالية للدولة رغم أن الأزمة واحدة؟

- عندما تختلف الأهداف وتتعارض المصالح، وعندما يقود العملية من له أجندة مغايرة للمصلحة العامة، وعندما يسيطر ويتحكم بعض أصحاب المصالح على القرار السياسي بشكل غير مباشر، نجد أن تشخيص الحالة المالية والحلول المطروحة لا تتوافق.

حلّ الأزمة المالية بحاجة إلى إبعاد أصحاب المصالح وتكليف المتخصصين المؤهلين والمستقلين لوضع حلول ناجعة أمام متخذ القرار.

وللأسف حل الأزمة المالية يصطدم بتدخلات أصحاب المصالح، وبالتعيينات التي تعتمد على المواءمة السياسية والمحاصصات.

ولكنني أؤكد على ضرورة مراعاة ظروف المواطن البسيط في أي حل مطروح وتكليف القوي الأمين للخروج من مأزق ضعف الحالة المالية للدولة.

• بعيداً عن السلبيات، ما الإيجابيات التي نتجت عن «كورونا» اقتصادياً؟

- ساهمت وسرّعت أزمة «كورونا» في تطبيق الحكومة الإلكترونية، حيث اضطرت الدولة التزاماً بالاشتراطات الصحية إلى إنجاز الكثير من الخدمات دون الحاجة لمراجعة المراكز الحكومية.

كما ساهمت الأزمة أيضاً بالكشف عن حجم المخالفات الجسيمة لقوانين الإقامات والإتجار فيها، حيث آن الأوان لاتخاذ قرارات حاسمة في شأنها إذا كان هناك توجّه حقيقي للإصلاح، وتحقيق التنمية أسوة بما قامت به المملكة العربية السعودية عندما ألغت نظام الكفيل، وعدّلت قوانين العمل في القطاع الأهلي، ووضعت اشتراطات شهادات الخبرة لبعض الوظائف والأنشطة.

• ما رأيكِ في خطة الحكومة لمعالجة التركيبة السكانية وهل ترين أن آليات تطبيقها تناسب خطة التنمية المستهدفة؟

- للأسف، اصطدم ملف تعديل التركيبة السكانية بتدخلات كثيرة أدت إلى فشله.

فعلى سبيل المثال، اشتكى تجار العقار منوهين إلى أن تعديل التركيبة سيؤدي إلى تعثر قطاع العقار وانخفاض نسب إشغاله وتراجع أسعاره.

وللأسف، لم نجد تحركاً جاداً في هذا الملف رغم تفاقم حجم هذه الأزمة وارتفاع كلفتها على الدولة.

لقد تم تشكيل لجنة لوضع مقترحات وحلول لمعالجة ملف التركيبة السكانية، إلا أن تنفيذ بعض ما خرجت به هذه اللجنة من توصيات لم يدخل حيّز التنفيذ.

فوفقاً لما تم التصريح به، فإن المقترحات تشمل إجراء تعديلات على قانون الإقامة، وتطبيق نظام الكوتا للجاليات، وزيادة الرسوم المفروضة على الوافدين، وعدم السماح بتحويل كرت الزيارة إلى إقامة، وعدم التحويل من القطاع الحكومي إلى الخاص، وعدم منح الإقامة لمن تجاوز عمره 60 عاماً، وفرض رسوم إضافية على تجديد الإقامة، والرسوم المتعلقة بالمعاملات الحكومية، وغيرها من مقترحات بعضها لم يدخل حيّز النفاذ.

كما أن كثيراً مما ورد أعلاه يصعب تطبيقه أو لن يكون كافياً للقضاء على مشكلة اختلالات التركيبة السكانية.

• هل أنت مع قانون الدَّين العام أم لا ولماذا؟

بشروط

- الأمر لا يتعلّق بمع أو ضد إصدار قانون الدين العام في الكويت، فإصدار قوانين الدَّين العام في الدول المتقدّمة يعتبر أمراً روتينياً، وضمن برامج تمويل مشاريع الدولة أو تمويل عجز موازنتها العامة.

إلا أن الأمر في الكويت لا يعتبر أمراً روتينياً، حيث اعتادت الدولة على مدى الأعوام الماضية على تمويل الإنفاق العام من إيرادات النفط وصندوق الاحتياطي العام.

ولقد نبّهت على مدى السنوات السابقة من خطأ هذه المنهجية، وتحديداً انتقدت اعتماد الدولة على التمويل الذاتي للمشاريع الحكومية، خصوصاً، المشاريع القادرة على توليد إيرادات.

لهذا، فإنني سأكون مع إصدار الدين العام في حال وجود إستراتيجية واضحة للدولة في شأن سبل استخدام أموال الدين العام، ومنهجية لتوليد تدفقات مالية، وبرنامج عمل حكومة لتنويع الإيرادات ومصادر الدخل، وسأكون بالتأكيد ضده في حال غياب هذه البرامج.

وبسبب شح السيولة المتوافرة حالياً ستضطر الدولة للجوء للدين العام، إلا أن هذا الأمر إذا استمر على مدى السنوات المقبلة دون إجراء إصلاحات اقتصادية جذرية ودون خطط للسداد، فإن ذلك سيُدخل الدولة في مخاطر عالية بسبب ضعف قدرة السداد، الأمر الذي سيؤدي إلى اللجوء لتسييل أصول الصندوق على المدى المتوسط، وإلى إضعاف قيمة الدينار وإضعاف المتانة المالية للدولة.

• هل أنتِ مع مدينة الحرير أم لا ولماذا؟

نعم

- بالتأكيد أنا من مؤيدي المضي في كل أنواع مشاريع التنمية التي تؤدي عادة إلى تحريك الملفات العالقة، وتحفيز معدلات النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل للمواطنين.

وحالياً، يُشغّل القطاع العام في الدولة قرابة 420 ألف موظف منهم 320 ألف كويتي، ومتوقّع دخول أعداد لا حصر لها قريباً في مؤسسات القطاع العام، والذي لن يكون قادراً على استيعاب هذه الأرقام، كما أن الإنفاق العام لن يتحمّل مزيداً من الضغط على بند الرواتب.

لذلك لا بديل للدولة عن خلق مزيد من فرص العمل تحت مظلة القطاع الخاص، ووفق ضوابط ورقابة حكومية بما يضمن «كوتا» عادلة لتوظيف للمواطنين في كل المستويات الوظيفية.

وبغض النظر عن طبيعة المشروع سواء كان مدينة الحرير أو غيره، فإننا نتمنّى المضي في مشاريع طموحة تعزّز من مكانة الكويت، وتخلق فرص الاستثمار على الصعيد المحلي، وتساهم في تحقيق التنمية المستدامة وفي تنويع مصادر الدخل القومي.

• هل أنتِ مع السحب من «الأجيال القادمة» أم لا ولماذا؟

بشروط

- يثير موضوع السحب من «الأجيال القادمة» مخاوف لدى شريحة كبيرة من المواطنين والأوساط الاقتصادية والسياسية، وفي هذا الأمر لي وجهة نظر مغايرة أودّ أن أوضحها من خلال هذا اللقاء:

تم إنشاء صندوق الأجيال القادمة بموجب قانون صادر في عام 1976 بهدف تكوين احتياطي بديل للثروة النفطية يسمى احتياطي الأجيال القادمة يستقطع سنوياً بنسبة 10 في المئة من الإيرادات العامة للدولة.

ونصت المادة الثانية من القانون على أن تستثمر تلك الأموال وتُضاف عوائد استثماراتها للصندوق.

واشترطت المادة الثالثة عدم جواز خفض نسبة الاستقطاع أو أخذ أي مبلغ منه.

وبما أن هذا القانون صدر في عام 1976، فإن الظروف التي تم إصداره بموجبها والغاية من تكوين هذا الصندوق قد تغيّرت في ظل المتغيرات العالمية وأوضاع أسواق النفط والظروف المحلية.

ففي فترة إصدار القانون، كان الطلب على سلعة النفط في تزايد، وكانت تمثل رافداً مستقراً لتمويل الإنفاق العام في الدولة.

لهذا أرى ضرورة تغيير فلسفة إدارة الصندوق السيادي بعد مرور أكثر من 45 عاماً على تأسيسه بما يسمح للدولة بالاستفادة بجزء من إيراداته دون القيام بسحب أي من أصوله، وإدخال معايير الشفافية والحوكمة في إدارة أصوله وفق المعايير العالمية، إضافة إلى إدخال إيراداته من ضمن الإيرادات العامة للدولة في الموازنة العامة.

كما يجب أن يرافق تعديل قانون «الأجيال القادمة» إجراء إصلاحات مالية واقتصادية جذرية وشاملة تهدف الى تنويع مصادر الدخل، وكذلك إصلاح اختلالات سوق العمل بما يقلص من حجم القطاع العام الذي يعتبر من أكبر القطاعات العامة في العالم نسبة الى حجم الكويت.

لذا فأنا لا أؤيد السحب من أصول صندوق الأجيال القادمة، ولكنني أؤيد الاستعانة بجزء من إيرادات استثماراته (نسبة يتم تحديدها بموجب القانون).

فدخول الكويت بمرحلة العجز المالي في الموازنة العامة وشح مصادر السيولة يُقلصان من الخيارات العاجلة المتاحة، فإما اللجوء لإيرادات الصندوق السيادي أو إصدار الدين العام أو تقليص قيمة العملة الكويتية.

وبرأيي، مزيج من الدين العام وجزء من إيرادات الصندوق أفضل من إضعاف العملة.

وهناك تجارب عالمية ناجحة كالتجربة النرويجية التي تستخدم نسبة من إيرادات صندوقها السيادي لتمويل الإنفاق العام.

• هل أنتِ مع الخصخصة أم لا ولماذا؟

بشروط

- من أهم أهداف برامج الخصخصة التي لجأت لها كثير من الدول خلال السنوات الماضية تقليص حجم القطاع العام، وتخفيض عبء الرواتب عن كاهل الدولة، علاوة على رفع معدلات الإنتاجية، وتحسين مستوى الخدمات العامة، وخلق فرص عمل للمواطنين في القطاع الخاص إلى جانب تعزيز معدلات النمو الاقتصادي، وتخفيض حجم الإنفاق العام في الدولة.

ولكن ورغم هذا الكم الكبير من المزايا والفوائد التي قد يتم تحقيقها للدولة بموجب عملية الخصخصة، إلا أنه قد يصاحبها سلبيات كثيرة ومشاكل في حال تم تطبيقها بشكل خاطئ أو غير عادل.

لذلك قبل البدء في خصخصة المؤسسات والخدمات العامة يجب أن يتم ضمان عدم الوقوع في المحظورات التي قد تقود إلى عدم تحقق الأهداف أعلاه.

ولابد من أن تتم الخصخصة وفق نموذج ومنهجية تتماشى مع الكويت من حيث التركيبة السكانية ومن حيث القوانين وهيكلة وطبيعة السوق المالي وسوق العمل.

وهنا أودّ أن أذكّر بأهم المحاذير التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار لضمان نجاح برامج الخصخصة في الكويت، وهي كالآتي:

- ضمان تفعيل دور جهاز حماية المنافسة ومحاربة الاحتكار بما يحقق أهدافه. فعلى الرغم من مرور أكثر من 14 عاماً على تمرير القانون وتعديلاته (قانون رقم 10 لسنة 2007 وقانون رقم 2 لسنة 2012) لم يسجل أي إنجاز ولم يحقق أهداف تأسيسه بشكل ملموس.

- ضمان التقييم العادل لأصول الدولة الخاضعة للخصخصة وخدماتها.

- ضمان حصول المواطنين على وظائف من خلال تعديل التركيبة السكانية بهدف رفع القدرة التنافسية للعمالة الوطنية.

فلا يجوز ترك المواطن ليتنافس في الحصول على وظائف بالتساوي مع الوافد دون فرض نظام «كوتا» لحماية الأمن الوظيفي.

ولتحقيق ذلك يجب تعديل قوانين التكويت وقوانين العمل في القطاع الخاص.

- تفعيل دور الرقابة الحكومية على الأسعار ضد الاحتكارات والارتفاعات غير المبررة.

لهذا فأنا مع الخصخصة فقط في حال تم تطبيقها بشكل سليم، وبما يحقق الضمانات للمواطن الكويتي ضد فقد وظيفته، وبما يضمن غياب الاحتكارات التي قد تؤدي الى ارتفاع أسعار الخدمات بشكل غير مبرر.

• هل يمكن أن تُفلس الكويت أم لا ولماذا؟

نعم

- لا نتمنى وصول الأمر للإفلاس، ولكنه أمر وارد في حال استمرينا في تجاهل إجراء الإصلاحات المالية والاقتصادية اللازمة لتعديل اختلالات سوق العمل.

والحديث عن الإفلاس في الوقت الحالي يعتبر أمراً مستبعداً في ظل المتانة المالية للدولة مدعمة بأصول الصندوق السيادي التي تقدّر قيمتها وفق آخر بيانات معلنة بنحو 520 مليار دولار، ومدعمة أيضاً باحتياطيات وعوائد النفط، إلا أنه أمر وارد في المستقبل، إذ إن استمرار انخفاض أسعار النفط على مدى السنوات المقبلة سيؤدي إلى استمرار العجز المالي الذي يتطلب لتغطيته اللجوء إلى إصدار الدين العام والسحب من احتياطي الأجيال القادمة، ومع استمرار تعثر مساعي الإصلاحات المالية الجادة وارتفاع فاتورة الإنفاق العام، قد يقود ذلك إلى حافة الإفلاس، لا قدر الله.

لذلك فإن جهود الإصلاح تتطلب حلولاً إبداعية ومتميزة، وتتطلب من السلطة الصمود في وجه الجهات المتنفذة التي قد تعيق تلك الجهود، كما تتطلّب الابتعاد عن جيب المواطن.

• هل تؤيدين فرض ضرائب على الشركات والأفراد ورفع الرسوم ولماذا؟

بشروط

- بالتأكيد لا أؤيد فرض ضرائب على المواطن في الوقت الحالي، ولا بد أن يكون اللجوء لملف فرض الضرائب على المواطن آخر الخيارات المطروحة لدى الحكومة بعد أداء دورها في استنفاد وتطبيق كل الوسائل لتعديل الوضع المالي في الدولة.

ولابد أن تكون العملية تدريجية، أي تبدأ بأصحاب الدخول المرتفعة والشركات التي تحقق أرباحاً والشركات المستفيدة من امتيازات الدولة من مناقصات ودعوم.

وكذلك بعد تطبيق إستراتيجيات وطنية إبداعية لتنويع مصادر الدخل القومي ورفع الإيرادات غير النفطية.

وبلا شك أؤيد بقوة زيادة الرسوم على الأراضي من أملاك الدولة ومراجعتها بما يتناسب مع حجم الايرادات التي يحققها المستثمر.

أما في ما يتعلق بالضرائب، فلابد من التنبيه هنا إلى أن فرضها يتطلب بنية تحتية متينة وأدوات تساعد الدولة في تطبيقها، وهي حالياً غير متطورة وتتطلب إعداداً سليماً.

كما أن الدولة لم تنجح خلال السنوات السابقة في تحصيل رسومها من المواطنين بكفاءة عالية فكيف لها أن تنجح في تطبيق نظام الضرائب في الوقت الحالي؟

وبلا شك نجد ردود أفعال شعبية رافضة لتطبيق نظام الضريبة في الوقت الحالي في ظل تنامي وزيادة ملفات الفساد التي ضاع مقابلها المليارات من المال العام.

• برأيك هل المشاريع الصغيرة والمتوسطة تستحق الإنقاذ أم لا ولماذا؟

نعم

- بكل تأكيد ومع الأسف الشديد لم يتم منح الدعم المأمول لهذه الشريحة التي دعتها الدولة على مدى سنوات سابقة للمبادرة بتأسيس مشاريع صغيرة، وذلك بهدف تخفيض عبء الرواتب عن عاتق الدولة، وتقليص عدد العاملين في القطاع العام، وكذلك بهدف تحفيز معدلات النمو الاقتصادي.

ومع جائحة كورونا تم إغلاق معظم المشاريع الصغيرة لفترات تعدّت الستة أشهر بهدف القضاء على الفيروس والسيطرة عليه، ما تسبّب بتكبد هذه المشاريع خسائر غير محدودة.

وللأسف، فإن حجم الدعم الحكومي لتلك المشاريع كان متواضعاً ومحدوداً ولا يرقى إلى حجم خسائرهم.

ولا توجد إحصاءات وأرقام موثقة رسمية توضح حجم خسائر هذا القطاع، ولكن بالتأكيد هناك عدد كبير من الشركات والمشاريع الصغيرة تم إغلاقها أو تصفيتها أو ارتفع حجم المطالبات عليها إلى حدود غير قابلة للسداد.

وفي الولايات المتحدة، تم تقديم دعم لا محدود على شكل رواتب مباشرة وإعفاءات ضريبية، ودعم مباشر وقروض مدعومة وميسرة بموجب قانون خطة الإنقاذ الأميركية «ARPA» بقيمة تريليوني دولار الصادر في مارس 2021.

وكذلك الأمر في دول أخرى كبريطانيا وألمانيا وفرنسا.

ومن أهم أسباب تقديم الدول العظمى الدعم الإستراتيجي لتلك المشاريع ضمان استمرار وجودها وتمكينها من الاستمرارية في توفير فرص العمل بهدف المحافظة على وظائف العاملين فيها.

حيث إن هذا القطاع هو الذي يوفر فرص العمل لما يتعدى 80 في المئة من القوى العاملة في كثير من تلك الدول، وبالتأكيد ما تم تقديمه في الكويت للتحفيز الاقتصادي لم يرق إلى حجم الأزمة التي خلفتها أزمة كورونا وما قبلها.

• هل تؤيد ما يذهب إليه البعض بأن فشل الحكومة في معالجة الأزمة الاقتصادية أنها تتعامل في الاقتصاد بالتردد نفسه الذي تتعامل به في السياسة وألا تعتقدين أن الأفضل في أن يكون لديها نهج اقتصادي ثابت بعيداً عن النهج السياسي ومصالحه المتغيرة؟

لا

- بالتأكيد يجب الابتعاد عن إستراتيجيات ردود الأفعال، وأن يكون النهج الاقتصادي مستقلاً. وباعتقادي الفشل في ملف الاقتصاد ليس من مسؤولية الحكومة فقط وإنما مسؤولية مشتركة لمجلس الأمة وللحكومة والجهات ذات العلاقة، ويعود تعثر ملف الاقتصاد لعدد من الأسباب كالآتي:

- تدخلات أصحاب المصالح في القرار الاقتصادي وتغليب المصالح الخاصة على المصالح العامة.

- قصور في التشريعات الاقتصادية وابتعادها عن الالتزام بأفضل الممارسات الدولية.

-غياب الرؤية وبرامج العمل الشاملة التي لا تنتهي برحيل المسؤول أو الوزير.

- أصبحت المناصب لبعض المؤسسات والهيئات العامة وغيرها أداة للترضيات السياسية على حساب المصلحة العامة والاقتصاد.

-عدم وجود جهة مركزية مهنية مستقلة مسؤولة عن الملف الاقتصادي ومعنية بوضع برنامج إصلاح اقتصادي بعيداً عن تدخلات أصحاب المصالح.

• هل تؤيدين سياسة الحكومة في تعيين المواطنين لديها أم أن يكون هذا الدور عبر القطاع الخاص بدعم حكومي؟

لا

- احتضنت الدولة المواطن وضمنت له فرص العمل في القطاع العام على مدى العقود الماضية حتى تشبّع هذا القطاع بعدد من الموظفين يفوق حاجته، وحتى تعمقت لدينا مشاكل البطالة المقنعة ومشاكل ضعف الإنتاجية لبعض المؤسسات في الدولة.

وما تسبب في تعميق المشكلة ارتباط العمل في القطاع العام بقانون الخدمة المدنية المليء بالثغرات والعيوب.

لذلك للخروج من هذا المأزق نحن بحاجة أولاً إلى تعديل وتطوير قانون الخدمة المدنية، وثانياً نحن بحاجة إلى تفعيل برامج الخصخصة عن طريق إعادة تأهيل العمالة الوطنية للعمل في القطاع الخاص.

وبالتأكيد أؤيد عمل المواطنين في القطاع الخاص، ولكن باشتراط وجود رقابة ودعم حكومي بهدف تطوير سوق العمل، وأن يكون تحقيق هذا الهدف وفق مبدأ التطبيق التدريجي وآلية تحقق الأمن الوظيفي للمواطنين.

هل تعتقدين أن التركيبة الحالية للنواب والحكومة تقود للإصلاح أم لا؟

تجيب بورسلي عن هذا السؤال قائلة «باعتقادي أنها قد تقود للإصلاح وتحفز أداء أفضل للحكومة... فدور المجلس وفق الدستور رقابي وتشريعي ولا يمكن إغفال أي من الدورين لضمان عمل الجهاز التنفيذي بشكل سليم».

وتضيف «عند غياب الرقابة لا يمكن ضمان أداء متميز للحكومة، وكذلك لا يمكن للحكومة تنفيذ برامج العمل في ضوء غياب سلطة التشريع».

وترى أن وجود المعارضة في تركيبة المجلس أمر يحفز الحكومة لتقديم خدمات أفضل، ففي نهاية المطاف التركيية الحالية للمجلس هي المخرجات التي أفرزتها صناديق الاقتراع والديموقراطية، وهي اختيارات الشعب، وبالتالي تنفذ مطالب شعبية يجب أن تحترم

وتؤكد بورسلي أن عملية الإصلاح لن تتعارض مع تركيبة المجلس لو كان لدى الحكومة القدرة على إقناع النواب والناخبين ببرنامج عمل واضح المعالم والأهداف وقادر على تحقيق طموح الشعب، لذلك وبغض النظر عن نوع التركيبة التي يجب أن تكون الحكومة قادرة على التعامل معها لابد أن هناك طريقة للإصلاح.

وتفيد بأن ما تم من طلب لتأجيل للاستجوابات لفترات زمنية غير واقعية يعتبر تعطيلاً لدور المجلس الرقابي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي