أحلامهم «مع وقف التنفيذ» في واقع يدفعهم لوظائف لا تلبي طموحاتهم وتخصصاتهم الدراسية
شباب الكويت... مشروع «هجرة»!
- إبراهيم الموسوي «ماجستير هندسة ميكانيكية» رشّح للعمل في وزارة التربية!
- تقدّم مرتين للقطاع النفطي ونجح في الاختبارين لكن لم يتم تعيينه
- رغب في التحدي والعمل الميداني و«الكرف» لتطبيق ما تعلمه فلم تفتح له الأبواب
- يفكر في الهجرة إلى قطر حيث تقدّم إلى وظائف هناك وينتظر الموافقة
عندما عاد إبراهيم الموسوي إلى البلاد، متسلحاً بشهادة الماجستير من ثالث أفضل جامعات بريطانيا، كان الحلم يسابقه ليتحقق على أرض الواقع، لا سيما أن تخصصه مما تحتاجه البلاد في الكثير من مرافقها، وهو تخصص الهندسة الميكانيكية، ولكن سرعان ما تحطّم حلمه على صخرة الواقع المؤلم، ليتحول إبراهيم إلى مشروع «مهاجر».
ولعل إبراهيم، يمثل شريحة ليست قليلة من الشباب الكويتي الخريجين الذين يعيشون «حلماً» على مدى سنوات تحصيلهم الدراسي، بالعمل في أفضل الوظائف التي تلبي طموحاتهم، والمشاركة في بناء الوطن من خلال ما اكتسبوه من علم، ولكن ذلك الحلم يصبح «مع وقف التنفيذ» عندما يجدون الواقع مختلفاً وصادماً في الغالب.
فبعد أن كانت الخيارات مفتوحة أمام الشباب الكويتي للتوظف في مختلف القطاعات، أصبحوا الآن ينتظرون الوظيفة التي غالباً ما تأتي بعيداً عن رغباتهم وطموحاتهم في الحياة، لأن الكويت ورغم ما لديها من إمكانات ووفرة مالية، لا تستطيع توفير فرص عمل مناسبة لطموحات الشباب، فإلى أين سيذهب كل هؤلاء الخريجين؟ وهل سيضطر الشباب الكويتي إلى الهجرة بحثاً عن عمل؟ وقد اضطر بعضهم بالفعل لذلك.
ومابين ضيق الخيارات المتاحة أمام الشاب في التوظيف، وتشبع قطاعات الدولة من بعض التخصصات من جانب، وضعف عملية «التكويت» من جانب آخر، تطرح تساؤلات عدة، منها: أين الجهات التعليمية، وتعاونها مع ديوان الخدمة المدنية؟، وهل يتم ربط احتياجات سوق العمل الكويتي مع التخصصات المطروحة سواء في البعثات الخارجية أو المؤسسات التعليمية في البلاد؟
أحدث قصص «الخيبات» واليأس التي يعيشها الشباب الكويتي، كانت مع الشاب إبراهيم الموسوي، الذي قرّر أخيراً الهجرة إلى دولة قطر للعمل فيها بعد أن أوصدت كافة الأبواب أمامه للعمل في مجال يتسق مع تخصصه، رافضاً العمل المكتبي الذي يعرض عليه في بعض الجهات الحكومية، مبدياً استعداده لـ«الكرف» لتحقيق حلمه ذاته عوضاً عن الأعمال الإدارية.
«الراي» استفسرت عما حصل مع إبراهيم الحاصل على درجة الماجستير بمعدل عالٍ، حيث قالت والدته، الكاتبة إيمان شمس الدين، «ابني مبتعث وحاصل على درجة البكالوريوس في تخصص الهندسة الميكانيكية، من ثالث أفضل جامعة في بريطانيا بهذا التخصص، حيث حصل على البكالوريوس عام 2018، وفي العام الماضي تحصل على درجة الماجستير من بريطانيا كذلك».
وأضافت انه «في العام 2019 تقدم للتعيين في القطاع النفطي، بعد أن انطبقت عليه كل الشروط، ونجح في الاختبار التحريري رغم صعوبته إلا أنه لم يتم قبوله. وفي هذا العام أيضاً تقدم بطلب توظيف للنفط، ورغم صعوبة الامتحان نجح، ولم يتم قبوله بسبب درجة، إذ يتم تخفيص معدل الحاصلين على الشهادات من الخارج مقابل أولوية التعيين لخريجي جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب»، مشيرة إلى أنه حرص على الدراسة لمدة 3 أسابيع قبيل التقدم للاختبار التحريري الذي يأتي عادة بدرجة عالية من الصعوبة على الكويتيين، ولعدم وجود عدالة في منهجية تقديم الاختبارات، وتسريب الأسئلة بطريقة تخل في أنصاف الكفاءات.
وتابعت «أكمل مشواره في البحث عن وظيفة، وتقدم إلى ديوان الخدمة المدنية الذي رشحه للعمل بوزارة التربية، وبعد السؤال عن طبيعة العمل تبين أن العمل مكتبي، وهو ما يرفضه ابني الذي يصر على أنه لم يتغرب ويتحصل على الشهادة من أفضل الجامعات العالمية لكي يجلس خلف المكتب». وعن مستقبل ابنها، قالت: «3 سنوات (ما خلا مكان) لم يطرق بابه، بدءا من الشركات النفطية وصولاً إلى الشركات الخاصة الكبيرة (اللي فيها كرف وشغل) وبعضها (on call) خلال العطلة الأسبوعية، ومع ذلك قبل التحدي رغبة منه في العمل الميداني وتطبيق ما تعلمه لخدمة وطنه، إلا أنه لم يتم قبوله في أي من الشركات، كما أن إحداها عرضت عليه راتباً بـ250 ديناراً».
وأكدت أن ابنها «لم يستخدم الواسطات في تعيينه في النفط، لأن الواسطة تعتبر فساداً ولا نقبله علينا أو على البلد، واليوم يعتزم ابني التوجه للعمل في دولة قطر حيث تقدم لجهات عدة هناك وبانتظار ما تسفر عنه الأمور»، مشيرة إلى أن «ما يحدث هو نتيجة سوء التخطيط الذي يجب أن يوائم بين حاجة سوق العمل وتوجيه الدارسين للدراسة في مجالات هذه الحاجة، ويجب دراسة حاجة سوق العمل ومواءمته مع الابتعاث وتوجيه الأجيال للدراسة في التخصصات التي يتطلبها سوق العمل».