يواصل عرضه يومياً على تلفزيون «الراي»
«يجيب الله مطر»... غزير في المضمون وخفيف على المشاهد
بعيداً عن التعقيدات الدرامية والحوارات الركيكة، حلّق المسلسل التلفزيوني «يجيب الله مطر» خارج السرب في سباق الأعمال الرمضانية.
فالعمل الذي يُعرض يومياً على شاشة تلفزيون «الراي» بدا في حلقاته الخمس الأولى قريباً إلى الواقع المجتمعي، معتمداً على - السهل الممتنع - في طرحه للقضايا الشائكة، بعد أن طعّمها بـ«اللايت كوميدي»، فكان عملاً غزيراً في المضمون، وخفيفاً على المشاهد.
من تابع المسلسل منذ الاستهلال سيدرك على الفور بلاغة الحوار الذي ألفه الكاتب علي الدوحان، وهو يصف المطر ورائحته الزكية حين تتساقط قطراته على التراب «فالمطر يُنقّي النفس ويطهرها ويبعد المس ويصفي السماء، وهو عطر الأرض»، كما يقول في النص.
ويبدو أن الكاتب الدوحان عمد إلى الخروج عن النمطية والرتابة في الدراما الخليجية، فغرس تلك الروح البسيطة التي تعيشها الأسرة الفقيرة، المكونة من أب خريج سجون وابن طائش وزوجة عصامية، والتي تمثلت بعائلة «نوح» ويؤدي دوره أحمد السلمان، وهو السجين الذي أخلي سبيله بعد سنوات قضاها في السجن، ليقابل شخصين لا يعرف بأنهما يتاجران في الممنوعات، فيفضّل العودة إلى بيته عوضاً عن السجن.
على الصعيد الفني، لم يأتِ أحمد السلمان بجديد إلى الآن، فشخصية «نوح» تعتبر عادية مقارنة بالأدوار الأخرى، ومع ذلك فلا يمكننا الحكم عليها الآن، فهي لم تبُح بكامل أسرارها حتى الحلقة الخامسة، ولربما كانت تخبئ مفاجآت غير متوقعة خلال الحلقات المقبلة!
بدورها تؤدي زهرة عرفات شخصية «نجمة» وهي امرأة بخيلة لكنها عصامية وتمتلك بقالة «الأحلام المستحيلة» كما تقوم بصناعة بعض «الخلطات» للبشرة والشعر، لتصطاد السذج من الزبائن.
ويعتبر دور عرفات نقطة تحوّل كبيرة في مشوارها، فقد أجادت كدأبها الشخصية بامتياز، إلى حد ظهورها بعفوية مفرطة وبلا «ماكياج»، الأمر الذي منح الدور مصداقية كبيرة لإقناع المشاهدين.
ولعلّ الفنان عبدالله الطراروة الذي جسد دور «أيمن» ابن «نوح» الذي يعيش في بيت زوجة أبيه «نجمة» هو أحد أجمل الأدوار الفنية التي قدمها الطراروة على الإطلاق، لا سيما وأنه يلعب شخصية الشاب الطائش، الذي يكذب كثيراً ويوهم أصدقاءه في الجامعة بأنه من أسرة ثرية، وبأنه دائم التردد على باريس وعواصم أوروبية عديدة، منطلقاً من مبدأ «لا أكذب ولكني أتجمّل».
أما الفنانة شهد ياسين التي تطلُّ بدور «حسنة»، فقد جسدت دور سيدة الأعمال نتيجة سرقتها لأموال أبيها «نوح». وهي شخصية لم تعتد على تقديمها في السابق.
إلى جانب ذلك، ظهرت كزوجة متسلطة على زوجها ضعيف الشخصية «يعقوب عبدالله»، الذي يضطر إلى الزواج بالسر من مديرة أعمالها «فيروز» - الفنانة الأردنية هدى حمدان - للانتقام من «حسنة».
كذلك نجحت الطفلة الفنانة غرور صفر في تقديم دور «عهد» وهي «الابنة السوسة» التي تشعل شرارة الخلافات بين أبويها. فهل ستنقلب الموازين ويكون هناك تحول دراماتيكي للأحداث، خصوصاً بعد ظهور «فيروز» على خط العلاقة بين الزوجين؟
«الفاشينستا سما»
تنشغل «الفاشينستا سما» (شوق الهادي) بأعمال «البيزنس» حيث لا تنفك تقوم بتصوير الإعلانات والتسويق لها من دون معرفة ما تحتويه تلك المنتجات عمّا إذا كانت ذات جودة أم لا... «فالناس يصدقون كل شيء» كما تقول!... وهي إشارة واضحة إلى ما يتم الترويج له من بعض «الفاشينستات»، فما هي المواقف التي ستواجهها خلال الحلقات المقبلة؟
في خط درامي آخر، يحمل دور الفنانة ميس كمر مفاجآت عدة، الأولى أنها تؤدي دور «الطقاقة كواكب» وهو دور جديد كلياً بالنسبة إليها، والمفاجأة التالية أنها تتحدث باللهجة الكويتية، وهو ما لم تفعله في جميع أعمالها السابقة. لكن يُعاب على الفنانة ميس كمر أنها لم تتقن اللهجة باحترافية، فهل تعمدت أن تقدمها ممزوجة باللكنة العراقية؟
أيضاً، لا نغفل براعة المخرج سائد بشير الهواري في تصوير الأحداث والتنقل بكاميراته في مواقع مختلفة، واختياراته الموفقة في التقاط الزوايا المهمة، متداركاً مغبة الوقوع في مصيدة الأخطاء الإخراجية، ومستعيناً بخبرته الطويلة في هذا المجال.
ولأن الموسيقى التصويرية لعبت دوراً مهماً في الحبكة الدرامية، فمن الواجب أن نشيد بالموسيقار علي الجمالي الذي نجح في توظيف موسيقاه في كل حدث، متنقلاً بين الأمل واليأس، الحب والسعادة. فضلاً عن براعة الفنان مطرف المطرف في غناء المقدمة والنهاية للمسلسل، حيث صاغ كلماتها مشعل الذاير ولحنها نواف عبدالله.
لا يزال العمل في بداياته، وسيكون لنا قراءة نقدية شاملة ريثما تتضح ملامحه بصورة نهائية، وسوف نستعرض بكل شفافية وموضوعية كل الإيجابيات والسلبيات التي قد تتضمنها الأحداث المقبلة.