سافر إلى ذاتك

النهضة هي الأميرة النائمة

تصغير
تكبير

عندما تكون البشرية في سبات... أحلامها محقّقة، معادلة ساخرة في أن الأحلام وجدت فقط للنيام... ولو فرضنا أن النهضة هي أميرة فائقة الجمال ترعرعت على يد امرأة تدعى (الفكر المتحجّر)... التي تخاف من أن تبلغ الأميرة رشدها، فتسحب بساط السلطة الفكرية المتحرّرة والجمال منها... وتحلّق بجناحين متحرّرين من القيود التي صنعتها أسلاك السلبية لتحبسها في الداخل... ولو أخذنا العالم الآن ليكون قصة - داخل كتاب - اعتدنا قراءتها ولم نتعلّم منها سوى الاستمتاع... ترى هل النهضة نائمة فعلاً... هل الجمال مؤذٍ إلى حدٍ يحاول الجميع تدمير بقائه؟... إذا كان كل ما سبق حقيقة إذاً لماذا يبحث الجميع عن الكمال، لماذا يبحث الأغلبية عن الجمال، لماذا نسعى إلى شيء نحاربه بعد ذلك... ولماذا ولماذا...؟

إن الجواب مخزٍ حدّ الترفّع عن طرحه إلا أنه في حال البيان والتوضيح يجوز قول مالا يجوز.

السبب بسيط جدا وهو: كل منّا يريد أن يكون البطل الذي لا بطل قبله ولا بعده، فيدخل عالم النجاح ويقفل الباب وراءه، فنجد أن أصحاب الشهادات العليا عندما يبلغون الوصول إليها صعّبوا الأمر على من جاء بعدهم... وعندما يَصِلون إلى ذروة النجاح ظنّوا أن القمّة لا تسع غيرهم فصاروا مُحبطين ومُحطّمين لكل من جاء بعدهم، ولأن الثقافة المتدنّية والتربية التي تنصّ على أنك الأفضل دون غيرك... تجعلان من المؤلم أن يكون التراجع هو إنتاج فردي صنعه الفرد لنفسه، وتحوّل ذاك إلى دائرة أكبر تخص كلّ واحد منّا وهو مجتمعه.

وننتهي إلى معادلة مضحكة بعض الشيء، وهي: (أنا أنجح وأنت تفشل)، المعادلة التي دمّرت عقل كل شاب يسعى إلى الإنجاز والطموح، ولأن الأسباب مخزٍ تفسيرها بل من الخزي ذاته.

لذا ننتقل إلى الحلول... أفضل: إن الحلّ بسيط يسكن مشاعر كل واحد منا... يشعر به يومياً تجاه أقرب الناس إليه... ويظنّ أن الشعور هذا مقصور على حدّ أسرته وبيئته الصغيرة، متجاهلاً أن الشعور الصغير الذي تشعر به وحدك هو الشعور الكبير نفسه الذي يجب أن تشارك به غيرك... بشكل تدريجي يبدأ بالاكتفاء بك وينتهي بالتعميم مع غيرك، وهو (الحب) أما الأنانية والجشع فهما من سَحَر نهضتنا الجميلة وأرجعها إلى الوراء، (الأنانية) المقصودة هنا: «أنا أنجو والجميع يموت»، لأن القصة المعروفة تنتهي بسحر الأميرة، وهي (النهضة) حتى يأتي الحب الحقيقي... وهو حب الكل لا الجزء، لتكون حضارة، وعندما صار الجزء أهم من الكل سقطت الحضارات.

وسحرت الحضارات حتى يأتي المجد الحقيقي... الفكر الحقيقي... التغيير الحقيقي، الذي روّضنا حبالنا الصمت عنها... وروضنا أفكارنا على التمني.

تبقى القصة تنتظر الفارس الذي سيهدي الأميرة الحياة... فيزيح السحر عنها، لتعود مشرقة كالشمس مثلما كانت.

عزيزي الإنسان إن هذا الفارس يسكن روح كل واحد منا... هو شديد القزامة وضعيف البنية، ويملك صوتاً لا تكاد تسمعه ما دمت تستخدم أذنيك لتسمع كل شيء في الخارج عدا أعماقك... هو يعاني داخلك يحتاج تغذية... ليملك قوى تمكّنه من الخروج... ما يحتاجه هو موارد موجودة لديك لن يوفّرها شيء في الخارج، يحتاج عزماً منك... تحرّراً من المعتقدات... طريقاً جديداً تسلكه... قناعات بإيجابية المستقبل، ويحتاج الثقة التي تمكّنه من تحمّل مسؤولية أحلامك ومسؤولية قرارك، ليكبر ويكبر وتشتد قوته ليخرج إلى العالم بثلاث أسلحة مهمة هي الثقافة العالية والعزم والنجاح الجماعي، ثم سيحرّر تلك الرائعة من نومها الطويل، وتتحوّل بعدها الحياة من أحلام تنتهي عند الاستيقاظ، إلى أحلام تبدأ بعد الاستيقاظ.

Twitter &instgram:@drnadiaalkhaldi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي