الإشكاليات الإجرائية لقانون محاكمة الوزراء
يتردد في الأوساط الأكاديمية والقانونية أن القانون رقم 88 لسنة 1995 في شأن محاكمة الوزراء قد صدر استجابة لرغبة المشرع الدستوري التي عبّرت عنها المادة 132 من الدستور.
هذا الحديث وإن كان من حيث الشكل صحيحاً، إلا أن هناك ظروفاً قانونية خاصة حدثت في الفترة من الغزو العراقي الغاشم وما تلاها...
هذه الظروف هي في الحقيقة التي شجعت صدور القانون بشكله الساري، ولهذا فإن تأخر صدوره ثلاثة وثلاثين عاماً يدل على أن هذا القانون لم يكن استجابة لرغبة المُشرّع الدستوري، وإن كان للقانون أساس حثَّ عليه الدستور، ولكن الظروف السياسية هي التي ساهمت بصدوره...
من هذه الظروف أيضاً أن رئاسة الوزراء وولاية العهد كانتا في حالة اندماج، وعليه فإن المُشرّع كان حذراً في تعيين اختصاص محكمة الوزراء وسريان القانون لحساسية منصب رئيس الوزراء حينذاك، فاختار أن ينص سريان هذا القانون بمواجهة (كل وزير عضو في مجلس الوزراء)، لا سيما أن تعريف الوزير حسب الدستور مختلف عن منصب رئيس الوزراء اختلافاً جذرياً، من المسؤولية السياسية التي قررتها المحكمة الدستورية في حكمها التفسيري لنص المادة 100 من الدستور في شأن مسؤولية رئيس الوزراء السياسية، والتي يسأل فيها عن السياسة العامة دون الأعمال المادية الأخرى.
كما أن نص المادة 102 من الدستور يقرر ألّا يتولى رئيس مجلس الوزراء أي وزارة، كما أن النص الوارد بقانون محاكمة الوزراء استثنى من يحمل درجة وزير دون أن يكون عضواً في مجلس الوزراء.
إن الدعوات التي ارتفع صداها إبان دورة البرلمان السابقة، للمطالبة بإلغاء العمل بقانون محاكمة الوزراء، لها ما يسندها من الواقع الذي تعيشه الساحة القانونية اليوم، ولها مبرراتها، ومنها الواقع الذي استجد بعد فصل رئاسة الوزراء عن ولاية العهد في العام 2003.
هامش
تقول الروائية واللاجئة السورية ليلى عمار في روايتها (الصمت إحساس) «نحن غير منطقيين عندما نطالب بسرد منظم»، هذا لأن السرد يعتمد على الذاكرة... الذاكرة التي يستعين بها الجميع في حياته اليومية، ومنها ما تشرع في أغلب الاجتماعات والتحقيقات من ضمانات القيد في المحاضر الرسمية حتى تكون حجة رسمية... هذه الذاكرة عند تفريغها لمحضر مكتوب تعتمد على قوتها في ذكر التفاصيل والتي هي في الواقع أمر نسبي متغيّر، كما تخضع لقدرات التعبير التي تختلف من ناقل إلى آخر... هذه المعطيات جميعاً تجاوز علاتها العالم المتقدم باعتماد التصوير والتسجيل المرئي مرجعاً رسمياً للمحاضر، وهو ما يطالب به كثير من القانونيين لأنه يلامس أعمالهم اليومية التي تتسم بالدقة وعِظم المسؤولية... ومنا للمُشرّعين الكرام، أن يتبنوا هذه النقلة النوعية ولتكون للكلمة حجة على ملقيها.