أكد أن تركيبة السلطتين الحالية لا تحقق الإصلاح والنية غير موجودة

مازن الناهض لـ «الراي»:نحتاج «ريتز كويتي»... كبداية لمحاربة الفاسدين

تصغير
تكبير

- مجموعات مستفيدة من فساد الوضع الحالي وتعطيل الإصلاح
- أزمة ثقة في الحكومة والشعب لا يصدّق تعثر الرواتب
- فرض ضرائب على الشركات التي لا تلتزم بنسبة التكويت
- المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الكويت لا تستحق الدعم
- لتفتح الدولة خطوطاً ائتمانية محلية فعجزها دينار وليس دولاراً
- خطة الحكومة لتعديل التركيبة السكانية تقود لفوائض سلبية بقطاعات عدة
- برنامج الدعم المطبق محلياً يعلّم الكسل
- الحكومة مترددة اقتصادياً والدليل تأجيلها الأقساط لمصالح سياسية
- تأجيل القروض أهدر 3 أرباع مليار دينار رغم أن الرواتب لم تنقطع!
- تحقيق الإصلاح يتطلب القضاء على التعيينات البراشوتية
- تقليل آثار سحوبات الحكومة على البنوك بتخفيف ودائعها لدى «المركزي»
- استمرار بناء المخصصات عمودياً لا يزال مطلوباً
- سياسة «المركزي» في مواجهة «كورونا» رائعة جداً
- البنوك الكويتية قادرة على إقراض الدولة وتمويل الشركات معاً

لا يزال الرئيس التنفيذي السابق لبيت التمويل الكويتي «بيتك» مازن الناهض يحتفظ برصانته المصرفية التي كانت تميّزه كثيراً في قطاع البنوك، ولدى الناظم الرقابي، ما كان يجعله متقناً لقراءة أدق الأرقام والبيانات، وتحليل المستقبل المالي ومؤشراته، بعيداً عن «الصداع» السياسي.

لكن يبدو أن شيئاً ما تغيّر بعد مستجدات الأحداث المالية والسياسية الأخيرة، جعل من الناهض مثل الكثيرين يخرج عن صمته السياسي المعتاد، ليؤكد في مقابلة مع «الراي» قناعته بأن تركيبة السلطتين الحالية لا تحقق الإصلاح الاقتصادي، وأن النية لذلك غير موجودة، فيما يلفت إلى أن هناك مجموعات، لم يسمّها، مستفيدة من استمرار فساد الوضع الحالي وتعطيل الإصلاح، ويقول «نحتاج (ريتز كويتي) كبداية لمحاربة الفاسدين دون تسوية».

ويدفع الناهض بأن الحكومة مترددة اقتصادياً، والدليل تأجيلها لأقساط القروض لمصالح سياسية، وأنها أهدرت لذلك 3 أرباع مليار دينار، رغم أن رواتب المستفيدين لم تنقطع، ويشير إلى أن تحقيق الإصلاح الاقتصادي المستهدف يتطلب القضاء على التعيينات البراشوتية، والتخلي عن ثقافة الواسطة.

ويعترف الناهض بأن هناك أزمة ثقة في الحكومة، وأن الشعب لا يصدّق تصريحاتها بخصوص إمكانية تعثّر الرواتب، التي تطلقها «من أجل الضغط لإقرار قانون الدين العام»، ويضيف أن خطة الحكومة لتعديل التركيبة السكانية تقود لفوائض بقطاعات اقتصادية عدة، وأن تطبيقها غير منطقي، فيما يرى ضرورة فرض ضرائب على الشركات التي لا تلتزم بنسبة التكويت ودفع الوافدين رسوماً على الخدمات التي يحصلون عليها.

ويرى الناهض أن نموذج المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الكويت لا يستحق الدعم، وأن برنامج الدعم المطبّق محلياً يعلّم الكسل.

وفي ما يلي نص المقابلة: لو أنت مستشار الحكومة ما وصفتك للإصلاح المالي والاقتصادي؟

- أولاً محاربة الفساد، على أن يبدأ ذلك من الأعلى إلى الأسفل، وهناك مثل كويتي يقول «طق المربوط يخاف المفتلت»، ولذلك أرى أنه من المفيد أن تحيي الكويت تجربة «الريتز السعودي» بأن يكون هناك «ريتز كويتي» كبداية لمحاربة الفاسدين مهما علوا، وفقاً لمسطرة القانون.

وإلى ذلك يجب ألا تعقد تسويات مع الفاسدين والقبول بمبدأ دفع مبالغ مقابل إسقاط التهم الموجهة إليهم، بل الحكم عليهم وفقاً للقانون حتى يكونوا عبرة لغيرهم.

إضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هناك برنامج اقتصادي شامل، مبني على رؤية طموحة مع برنامج زمني للتنفيذ، إلى جانب القضاء على التعيينات البراشوتية، والاعتماد في التوظيف على الكفاءات فقط، والتخلي عن ثقافة الواسطة.

ومن المعالجات الأخرى التي يجب التركيز عليها أيضاً تحسين التعليم ليصل إلى مستويات عالمية، تمكّن من خلق جيل مبدع يقود الكويت مستقبلاً.

إلى جانب ذلك، لابد من إعادة النظر في رسوم أملاك الدولة بحيث تكون هناك عدالة بين المطوّر والحكومة.

كما يجب تحسين الوضع الصحي، وإذا كانت هناك مشاريع رائعة ومهمة نُفّذت في السنوات الأخيرة بهذا القطاع، إلا أننا لا نزال نحتاج مزيداً من تحسين مستوى الخدمات وتقليص مدد الانتظار الطبي، إضافة إلى استحداث هيكل رسوم جديد للخدمات يستهدف غير الكويتيين، مع الإشارة إلى أنني لا أؤيد فرض رسوم على تحويلات الوافدين باعتبار أن ما سيدفعونه على الخدمات الأخرى يقلّل من أهمية ما يُؤمل تجميعه على تحويلاتهم.

إلى جانب ذلك يتعيّن إعادة النظر في الطلبات الإسكانية، بحيث تكون المباني الجديدة على مساحات أقل، وصديقة للبيئة، ومن ثم تستهلك كهرباء وماء أقل، ما يخفض الكلفة كثيراً على الدولة، ولعل ما يزكي ذلك أنه لدى الكويت فائض شمس لفترات طويلة من العام، ويمكن استخدامها لإنتاج طاقات بديلة ونظيفة تدعم المدن السكانية الجديدة وتخفف الضغط على محطات الكهرباء.

إذا كانت الحكومة تعترف بعجزها المالي ومن ثم تضاؤل فرص التوسع في إنفاقها استثمارياً برأيك كيف سينمو القطاع الخاص وهو يعتمد على المشاريع الحكومية؟

- دون شك، فإن تقليل الإنفاق الحكومي استثمارياً سيحد كثيراً من نمو الشركات، وهنا أتذكر في التسعينات، وبعد الغزو تحديداً، أن الصرف الحكومي تباطأ كثيراً، ما شكل فترة صعبة جعلت الشركات تعاني كثيراً. أكثر ما يؤثر على صرف الكويت انخفاض النفط، فكلما ارتفعت أسعاره زاد الإنفاق والعكس صحيح.

وفي الحقيقة، سيترتب على انخفاض الإنفاق العام خروج بعض الشركات من السوق، أغلبها صغيرة. وعلى القطاع الخاص أن يعوّض تراجع الإنفاق الحكومي بزيادة صرفه الاستثماري، وإلا سيتعرض لركود أو انكماش.

لماذا توجد أكثر من لغة بين الشعب والنواب والحكومة ومجتمع الأعمال عند تشخيص الأزمة المالية وآليات مواجهتها؟

- لا بد من تثقيف الشعب بكيفية حساب الموازنة بطريقة سهلة ومبسطة، تضمن توضيح الإيرادات والمصروفات والإشارة إلى حجم استقطاعات «الأجيال القادمة».

والواضح أنه ليس هناك ثقة بين الشعب والحكومة، فالأخيرة باتت فاقدة للمصداقية، والشاهد أنه في الوقت الذي تكشف فيه عن أرقام وبيانات الميزانية والتي تشير لوجود عجز كبير، لا يصدّقها الشعب ويقول بعضنا «ما في إلا كل خير».

وما يعزز هذا التباعد أن هناك قناعة لدى غالبية الشعب بأن الحكومة تطلق تصريحات تعثر الرواتب كلما انخفضت أسعار النفط بهدف تخويف الشعب، ومن ثم سهولة الضغط على الأطراف الأخرى للموافقة على الاستدانة، وما يعمّق فقدان الثقة أكثر أنه ليس لدى الحكومة خطة اقتصادية واضحة، وكل ما تقدمه مجرد حلول مالية موقتة وتدابير شهر بشهر، مثلما تفعل المحلات الصغيرة.

ولعل من أكثر الأمور التي تفقد الشعب ثقته في الحكومة السعر التقديري لإيرادات النفط، إذ دائماً يوضع سعر أقل من السعر الفعلي للنفط بما لا يقل عن 10 في المئة.

مقارنة مع السعودية والإمارات وقطر أين تضع الكويت ترتيباً لجهة الاقتصاد والرؤية؟

- في المرتبة الرابعة، فمن الواضح أن لدى الإمارات خطة سياحية تسهم في تسارع نمو اقتصادها خلال السنوات المقبلة.

وقطر تستعد لمونديال 2022 بخطة رياضية أيضاً واضحة، تجعلها في المرتبة الأولى خليجياً بهذا القطاع.

وعندما ننتقل إلى السعودية، فيمكن بسهولة ملاحظة أن لديها خطة تنمية طموحة جداً تتضمن صرف 7.5 تريليون دولار، في السنوات الـ10 المقبلة، يعادل ما صرفته المملكة في آخر 300 سنة، أما في الكويت لا نزال نناقش بدهيات، من دون أي خطة.

بحكم خبرتك المصرفية هل يمكن القول إن الأسوأ في أزمة كورونا بات خلف البنوك المحلية؟

- لا يعد سراً أن الجائحة أثّرت على البنوك، وهذا ما تظهره الأرقام والبيانات المالية المعلنة عن 2020 من انخفاض الأرباح وتآكل بعض الأصول، لكن من ناحية كفاية رأس المال من الواضح أيضاً أن القطاع المصرفي المحلي يتمتع بجدارة ممتازة، ولكي تحقق البنوك الكويتية التعافي الكامل وتعود إلى ما كانت عليه قبل الجائحة تحتاج لمدد زمنية متوسطة إلى طويلة تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات.

هل تتوقع أن تستقر معدلات تعثر القروض في 2021؟ - الصورة غير واضحة حتى الآن، لكن يمكن القول إن تحديد الأثر يعتمد على مدى استمرار الأزمة وحدّة مخرجاتها مستقبلاً، ومدى تعطل الأنشطة الاقتصادية خلال العام.

وفقاً للبيانات الرسمية سحبت الحكومة من ودائعها 132 مليون دينار خلال فبراير الماضي، هل تعتقد أن البنوك الكويتية قادرة على تعويض هذه السحوبات بسهولة؟

- الودائع الحكومية الموجودة في الجهاز المصرفي المحلي كبيرة وكانت تدعم البنوك المحلية كثيراً في ترتيب سلّم استحقاقاتها، ولذلك سيكون لخروجها من النظام بالكامل أو كتلة مؤثرة منها أثر كبير، حيث سيزيد مع ذلك الطلب المصرفي على الودائع قصيرة الأجل، ومن ثم سترتفع تكلفة الأموال على البنوك، وكذلك عوائد بعض السندات، ما يشكل ضغوطاً إضافية على أرباح المصارف.

ولتخفيف الضغوطات المتأتية من السحوبات الحكومية، تحتاج البنوك إلى بعض الوقت للتعويض وتوفير بعض السندات، وتخفيف ودائعها لدى «المركزي» بمقدار السحوبات الحكومية، ما يساعد في ترتيب سلم استحقاقاتها.

هل ترى أن هناك حاجة لاستمرار «المركزي» في إلزام البنوك بالبناء العمودي لمخصصاتها الاحترازية أم أن أوضاعها الحالية تسمح بتخفيض المعدل؟

- في ظل ما نعانيه من تداعيات «كورونا» من آثار سلبية، مع الإشارة إلى أن بعض هذه الأثار لم يظهر بعد في المحافظ الائتمانية، خصوصاً للشركات، لابد من استمرار التحوط، لأن التحديات الواقعة وبعضها قد يكون غير مرئي ربما تكون أعلى من المعتقد، ولذلك لابد من الانتظار واستمرار التحصّن بمزيد من مصدات المخصصات حتى تنجلي الأزمة أكثر.

وأعتقد أن سياسة «المركزي» في تبني سياسة متحفظة والتي ألزم بها البنوك في مواجهة تداعيات «كورونا» كانت رائعة جداً، حيث قدم محفّزات أسهمت في تعزيز مستويات السيولة المتوافرة للإقراض بالقدر الذي يساعد البنوك في التوسع بدعم المتضررين المستحقين، بكلفة أقل.

لكن البنوك لم تستفد فعلياً من هذه المزايا؟

- صحيح، وهذا مؤشر إضافي يعكس متانة البنوك المحلية في مواجهة الأزمة، وأنها لا تعاني أزمة سيولة.لكنه معلوم أن البنوك لم تلجأ إلى استخدام هذه المحفزات تفادياً لإلزامها بعدم توزيعها أرباحاً عن 2020؟

- وليكن، فلا يستقيم أن تتمتع المصارف بتخفيف شروط السيولة والربحية وفي الوقت نفسه توزع أرباحاً نقدية على مساهميها، مع الأخذ بالاعتبار أن «المركزي» لا يعارض توزيع المنحة.

هل أنت مع قانون الدين العام أم لا ولماذا؟

بشروط - أخذاً بعين الاعتبار تعقيدات الأوضاع المالية الحالية، أنا أؤيد إقرار قانون الدين العام، لكن لابد أن يكون ذلك مشروطاً بإقرار برنامج إصلاحي من الحكومة يمتد للسنوات الـ5 وكذلك الـ10 المقبلة، بحيث تكون لدينا خطة سداد محددة، تضمن دفع الأقساط المترتبة على الدين العام، دون أن يصاحب ذلك التعرض لضغوط مالية.

فنحن سنستدين لأن لدينا حاجة آنية لدفع التزامات ملحة، ولذلك تدفع الحكومة بقانون للدين، لكن في الوقت نفسه لابد أن تعد أيضاً خطة للدفع، مع تحديد الإصلاحات التي ستنفذها خلال الفترة المقبلة، والتي يفترض أن تعزز قدرتها على السداد، وتزيد من مقدرتها المالية مستقبلاً.

وأعتقد أنه أمام ما نواجهه فعلياً من أزمة مالية متأتية من وجود عجز متحقق في الميزانية، وإذا استثنينا حركة أسعار النفط النشطة منذ فترة، والتي يمكن أن تحقق تعادلاً بين إيرادات ومصروفات الميزانية العامة، خصوصاً إذا حافظت الأسعار العالمية على اتجاهاتها الصعودية، يجب أن تضع الحكومة رؤية اقتصادية تشمل موازنات السنوات الخمس أو العشر المقبلة، على أن يتضمن ذلك خططاً تقودنا إلى تسجيل فوائض مالية كل عام.

وهذا بالطبع يتطلب توفير آليات اقتصادية بديلة، تقلل اعتمادنا على النفط كمورد أساسي للعملة الأجنبية، لصالح الاعتماد على موارد أخرى كالصناعات التحويلية.

هل أنت مع مدينة الحرير أم لا ولماذا؟ بشروط - حقيقة أنا لست خبيراً في خط الحرير في حال اتصل بالكويت أم لا.

وإلى الآن لا أعرف القيمة المضافة التي يمكن أن يحققها المشروع لجهة عوائده على مختلف الأصعدة. لكن عموماً إذا نظرنا إلى التوجه التنموي من ناحية إستراتيجية لا بد أن تكون الكويت في هذه المنظومة، بحيث تستفيد من هذا الخط اللوجستي لاستيراد البضائع، دون أن يسبب ذلك ضغطاً على الموانئ والبنية التحتية.

ومن حيث المبدأ يمكن القول إنني أؤيد الأفكار الإستراتييجية، أما بالنسبة لـ«الحرير» فهذا يتطلب تحقق شرط معرفتي بتفاصيل المشروع أولاً، وأعتقد أن من أهم التحديات التي واجهت هذا المشروع أن القائمين عليه لم يقدموا للجمهور والمهتمين به تعريفاً واضحاً وبيانات وأرقاماً كافية ويمكن من خلالها تقديم أجوبة واضحة للعديد من التساؤلات المطروحة، لا سيما من حيث الكلفة والعوائد، والقيمة المضافة.

هل أنت مع الخصخصة أم لا ولماذا؟

نعم - أنا مع خصخصة أي من أصول الدولة التي يمكن أن يديرها القطاع الخاص بسعر أرخص للمستهلك وجودة أفضل، وعلى سبيل المثال وإذا تجاوزنا موضوع الشراكة بين القطاعين الخاص والعام في إنتاج الكهرباء عبر مشروع الزور، نرى أن هناك التزاماً من قبل الحكومة لشراء الكيلو وات من الشركة بسعر محدد، والالتزام بتزويد الشركة بالوقود بسعر محدد أيضاً.

وجلّ ما تقوم به الشركة تحويل الوقود إلى كهرباء، وبالمقابل تأخذ التكلفة مع الربحية.

ولو قمنا بحساب تكلفة الحكومة لتوليد الكم نفسه من الكهرباء بعيداً عن القطاع الخاص، سيكون الرقم أعلى من الحالي بكثير، ما يؤكد أن القطاع الخاص أكفأ من حيث الإنتاج، ولذلك أنا أؤيد الخصخصة بشكل كامل.

هل أنت مع السحب من صندوق الأجيال القادمة أم لا ولماذا؟

لا - بالطبع أنا ضده، حيث يفترض أن يكون هذا الصندوق محصّناً. لكن بعد فترة معينة أعتقد بوجوب تحويل جزء من أرباحه إلى الموازنة وتخفيض مساهمتها فيه عبر نسبة الـ10 في المئة التي تحوّلها الدولة سنوياً، بحيث ينجح الصندوق مستقبلاً في تمويل نفسه بنفسه.

كما أن هناك سبباً مالياً رئيسياً يدفعنا لتفضيل عدم السحب من «الأجيال القادمة» وهو أن العائد منه أعلى من تكلفة الاقتراض، ولذلك لابد من المحافظة على أصوله وتنمية استثماراته بالتوجه نحو الاقتراض لتخفيف الضغوط المتأتية على الميزانية العامة في الوقت الحالي.

هل تفضّل أن تكون الاستدانة من السوق العالمي؟

لا - أنا أفضّل أن تفتح الدولة خطوطاً ائتمانية محلية تموّل احتياجاتها المالية، فعجزنا المسجل بالدينار، وليس بالدولار، ومن ثم تكون تغطية هذه التمويلات من الداخل أسهل.

وهل البنوك الكويتية قادرة على توفير هذا الكم الكبير من الائتمان دون التأثير على متطلباتها التمويلية الأخرى؟

نعم - البنوك الكويتية قادرة على إقراض الدولة وتمويل القطاع الخاص على المدى المتوسط، بإجمالي ما هو مقدّر لهذين البندين، وأيضاً بإمكان وزارة المالية إصدار سندات أو صكوك لهذا الغرض على أن يشتريها بنك الكويت المركزي، مع الإشارة إلى أنه في حال تبني هذا التوجه مع إعطاء مساحة لمساهمة البنوك المحلية ستزداد القدرة التمويلية أكثر، كما أنه إذا كان التمويل من الحكومة إلى الحكومة فلن تكون هناك تكلفة فعلية، وما نحتاج إليه لتحقيق ذلك هو قانون يسمح لـ«المالية» بإصدار هذه الأوراق.

ولعل ما يعزز هذا الرأي أن معظم مبيعات إصدارت وزارة الخزانة الأميركية من الأوراق المالية كانت لـ«الفيديرالي»، ما أسهم في ارتفاع المعروض النقدي في السوق، أما بالنسبة لمن يقلل من أهمية هذه الأداة باعتبار أنه سيترتب عليها ارتفاع معدل التضخم، فهذا تحدٍ فرعي يمكن أن يديره «المركزي» بكل سهولة.

هل أنت مع فرض الضرائب وزيادة الرسوم أم لا ولماذا؟ بشروط - أنا مع فرض ضرائب على الشركات التي لا تلتزم بنسبة التكويت، وضد فرض الضرائب على الأفراد، مع فرض رسوم على الأجانب، مقابل الخدمات التي يحصلون عليها من الدولة.

وتتزايد أهمية رفع أسعار الخدمات على غير الكويتيين، مع هيكل بناء البيوت السكنية الذي بدأ يتوسع في الفترة الأخيرة، وتتضمن شققاً تؤجر على وافدين، مع الأخذ بالاعتبار أن سعر كيلو وات الكهرباء في السكن الخاص فلسان، فيما تصل تكلفته على الدولة 26 فلساً، وباعتبار أن أغلب هذه البيوت غير مستغلة من مواطنين، يتحقق ضغط غير مستحق على الخدمات العامة التي تتحمل تكلفتها الدولة.

هل تؤيد زيادة نسبة التكويت في الشركات عن المعدلات الحالية والتي تصل 70 في المئة بالبنوك؟

نعم - لنأخذ على سبيل المثال، نسبة السعودة في المملكة تصل 90 في المئة. وفي الكويت لدينا القدرة على بلوغ هذه النسبة إذا طوّرنا الكوادر، لكن حتى الآن لم توضع خطط لذلك.

ويمكن للدولة أن تبدأ في تطبيق هذا التوجه على الشركات المنظمة مثل البنوك وشركات الاتصالات لأن لديها الخبرة الكافية لإيجاد الكفاءات الكويتية القادرة على قيادتها.

أما الشركات التي لا تخضع لرقابة هيئة أسواق المال فنجد أن نسبة التكويت فيها لا تتجاوز 3.5 في المئة، ولذلك لا بد من التحرك على تطوير الكفاءات اللازمة لرفع النسبة الموجودة إلى معدلات السعودة خلال السنوات الـ5 سنوات المقبلة.

هل ترى أن خطة الحكومة في تعديل التركيبة السكانية صحيحة أم لا؟

لا - فنحن بحاجة لخطة طويلة المدى تستطيع تحقيق تعديل التركيبة بكفاءة، وبالنسبة لما يجري الحديث عنه من تعديل للتركيبة السكانية لتصبح 70 في المئة مواطنين و30 وافدين أرى أنها غير منطقية، ومحاسبياً تقود خطة الحكومة لأن تصبح أعداد الوافدين 600 ألف، على أساس أن أعداد المواطنين تقارب 1.5 مليون مواطن، وهنا تبرز إشكالية مهمة، تتمثل في أن البنية التحتية للدولة مصممة ومهيأة لنحو 5 ملايين نسمة.

والتحول للنسبة السكانية المستهدفة بالطريقة التي يجري الحديث حولها والتي تستهدف مجرد التقليص فقط سيقود إلى تسجيل فوائض سلبية بالعديد من القطاعات، وفي مقدمتها القطاع العقاري، والبنية التحتية للطاقة ومحلات التجزئة والمطاعم وغيرها.

وبنظرة اقتصادية أوسع، تستطيع الحكومة فرض رسم مقابل الخدمات التي تقدمها للوافدين.

فلو نظرنا إلى تجارة الإقامات نرى أن هذه السوق تشهد أسعاراً على سمة دخول البلاد تصل 1500 دينار، وهنا يتعاظم السؤال، لماذا لا تتقاضى الدولة هذا المبلغ مباشرة من المقيم، وإذا كان قادراً على دفعه فليأتِ، وإذا رأى صاحب العمل أنه في حاجة له فليدفع عنه، وقتها سيكون حضور المقيمين مفيداً اقتصادياً ووظيفياً.

هل تعتقد أن التركيبة الحالية لمجلس الأمة ومجلس الوزراء مناسبة لتحقيق الإصلاح؟

لا - ليست مناسبة، وربما تكون النية غير متوافرة أصلاً لتحقيق الإصلاح المستهدف، وهذا يتضح من أفعال السلطتين وصداماتهما.

وأعتقد أن سبب ذلك قد يكون أن هناك مجموعات مستفيدة من الوضع الحالي، فليس معقولاً أن دولة مثل الكويت تعاني من تجارة الإقامات كل هذه السنوات دون أن تصل إلى معالجة، للدرجة التي توسم فيها البلاد أحياناً بأنها من الدول التي تتاجر بالبشر.

كما أن تجذر العديد من التحديات الأخرى يشير إلى أن هناك من يستفيد من تعطيل الإصلاح، فلو هناك نية للسير على الطريق الصحيح اقتصادياً لكنا خطونا بهذا الاتجاه منذ فترة طويلة.

هل تؤيد الاستمرار في تقديم الدعومات وفقاً للنموذج الحالي؟

لا - فبرنامج الدعم المطبق محلياً يعلّم الأفراد الكسل.

هل ترى أن الكويت تتعامل مع الجانب الاقتصادي بنفس ترددها سياسياً؟

نعم - ويمكن القول إن الحكومة مترددة جداً، والدليل على ذلك ملف تأجيل الأقساط الذي أقرته بسبب الضغوط النيابية مقابل وعود انتخابية ومصالح سياسية لا تقدم أي إضافة للاقتصاد.

هل تؤيد قرار تأجيل القروض أم لا ولماذا؟

لا - والسبب بكل بساطة أن رواتب الأفراد المؤجل قروضهم لم تنقطع لتقر الدولة وقف استقطاع أقساطهم، وبرأيي يعتبر هذا القرار إهداراً للمال العام.

والمتضرر الحقيقي الشركات التي توقف عملها بسبب إجراءات الحكومة في مواجهة «كورونا».

وبحسبة بسيطة يمكن القول إن الحكومة أهدرت أكثر من 3 أرباع مليار دينار، على تأجيل أقساط القروض لمدة سنة، ففي المرة الأولى تحملت البنوك 380 مليوناً، من التأجيل 6 أشهر، والآن تتحمل الدولة التكلفة نفسها، وهي معالجة غير مستحقة نهائياً حيث إنه في المرتين لم تنقطع تدفقات الرواتب.

هل تعتقد أن إجراءات الحكومة التحفيزية للاقتصاد كانت كافية أم لا؟

لا - فلم نرَ أي محفزات حكومية، والأوضاع التي نمر بها تعطي للحكومة فرصاً ذهبية لتطبيق أجنداتها السابقة، والتي لم تكن قادرة على تطبيقها.

فالشركات محتاجة للأموال من أجل الاستمرار، وهنا يبرز السؤال لماذا لا تمنح الحكومة الشركات والمشاريع المستحقة قروضاً بفائدة صفرية مقابل رفعها نسبة التكويت، مع الأخذ بالاعتبار أن منح الحكومة تسهيلات للكيانات المتضررة يعد مخاطرة، لكنها مطلوبة لرفع نسبة العاملين الكويتيين.

هل تؤيد سياسة الحكومة للتعيين لديها؟

لا - لكي تكون الشركات قادرة على المنافسة في استقطاب الكفاءات الكويتية لا بد أن يكون هناك فارق بين القطاعين العام والخاص لجهة المزايا، لكن الواقع حالياً أن العديد من الكفاءات الوطنية تنحاز للعمل في الجهات الحكومية، مدفوعة بالأمان الوظيفي المحقق في هذه الجهات، ومعدل الرواتب الممتاز، ومستحقات نهاية الخدمة والتي تصنف في بعض الجهات كأفضل من التي يقدمها القطاع الخاص.

ولذلك نجد هجرة مواطنين أكبر من القطاع الخاص إلى الحكومة وليس العكس كما هو مستهدف.

ولو كانت هناك جدية حكومية في الإصلاح سيكون التوظيف سهلاً وغير متعب، لا سيما في بلد صغير مثل الكويت.

هل ترى أن النموذج الحالي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في الكويت يستحق الدعم أم لا؟

لا - فالنموذج الحالي يعتمد على العمالة الأجنبية في الغالب، ولو استطعنا تحويل تكلفة البنية التحتية لهذه العمالة على هذه الشركات بطريقة أو أخرى سترتفع القيمة المضافة منهم.

كما أن الدول التي تدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة تفعل ذلك لأن هذه المشاريع قائدة في التوظيف، علاوة على أنها مفيدة ضريبياً، وأحد موارد الدخل العام في هذه الدول.

أما في الكويت ومع عدم فرض ضرائب على أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وعدم الاعتماد عليهم في توظيف الكويتيين، يبدو السؤال مشروعاً، ما العائد من دعم قطاع لا توجد لديه خط واضحة للتكويت؟ مع الأخذ بالاعتبار أن مشاريعه مدعومة بالفعل من الحكومة من خلال الكهرباء والماء والبنية التحتية المدعومة، والتي تقلل الكلفة الاستثمارية على أصحاب المشاريع كثيراً للدرجة التي تجعل أي مستثمر مشابه ينجح.

وفي ظل غياب الفائدة من هذه المشاريع ضريبياً وتوظيفياً، يشكل دعم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة مخاطرة غير مستحقة بالمال العام، لأنه في حال تقديم الدعم الحكومي لهذه المشاريع يكون المستفيد الوحيد هم أصحابها، وإذا كنت لست ضد المنفعة إلا أنني ضد أن تكون تكلفة المنفعة الشخصية على حساب المال العام.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي