منذ أيام قليلة مضت، كان هناك حدثان مختلفان في المضمون متزامنان في التوقيت، الأول يتعلّق بالخسائر التي تكبّدتها مجموعة من المواطنين المستثمرين أصحاب المشاريع الصغيرة، بسبب تداعيات «كورونا»، والآخر هو الدعوة للمساندة والتضامن مع مواطن قبيل جلسة المحكمة الدستورية للنظر في صحة تقديم طلبه المشاركة بالترشيح للانتخابات.
ففي ما يخصّ الحدث الأول فقد نفّذت مجموعة من أصحاب بعض الأنشطة التجارية - التي تضرّرت من القرارات التي أدّت إلى وقف أنشطتهم التجارية، ومنعهم من مزاولتها إلّا في ساعات معينة من اليوم - وقفة ثم الدعوة إلى التجمّع في ساحة الإرادة، لإيصال رسالة إلى من بيده القرار لبيان وتوضيح معاناتها جرّاء هذه القرارات، التي أضرّت بأحوالها وبأنشطتها التجارية، وإيجاد حلول ناجحة لمشاكلها كالسماح بالعودة إلى مزاولة أنشطتها التجارية بشكل كامل، أو تعويضها مادياً، وتوجيه رسالة إلى أعضاء مجلس الأمة بالوقوف معها وتبّني مطالبها العادلة.
ولكن بسبب منع السلطات الحكومية هذا التجمع في ساحة الإرادة، فقد قامت هذه المجموعة بالتوجّه إلى نقابة المحامين، وقد لاحقتها السلطات التنفيذية في الدولة إلى هذا الموقع، الذي ذهبت إليه وقامت بمنع تجمعها تطبيقاً لقرارات السلطات الصحية، وامتثلت المجموعة لهذه الأوامر بصورة حضارية.
وفي الحدث الثاني بغض النظر عن تداعياته وتطوراته، إلا أننا سنتحدث عن جزئية محدّدة فيه وهي قيام مجموعة بالدعوة إلى اجتماع في ديوان أحد نواب مجلس الأمة لتنظيم وقفة تضامنية مع (نائب) قبل صدور الحكم في قضيته المنظورة من المحكمة الدستورية، وقد توافدت المئات من الأفراد إلى الديوان، الذي لا يتسع لهذه الجموع الغفيرة، في مخالفة صريحة لأوامر السلطات الصحية، التي تمنع التجمع الجماهيري في مكان ضيّق، وتدعو الى التباعد الاجتماعي بسبب الظروف الصحية التي تمر بها البلاد بسبب جائحة كورونا، وقد تم كل ذلك على مرأى ومسمع جميع من يعيش على هذه الأرض الطيبة، حيث لم يلتزم من حضر هذا الاجتماع بالاشتراطات الصحية، إضافة إلى قيام بعض من حضر الاجتماع، سواء من النواب الحاليين أو السابقين، بالتعدي بألفاظ غير مقبولة ولا مستساغة على من يختلف معه في الرأي.
وللأسف لم تقم السلطة التنفيذية بفض هذا التجمع، وهنا تقع الإشكالية والازدواجية في التعامل مع الحدثين، فالقانون يجب أن يطبّق على الجميع بلا استثناء.
ففي الحالة الأولى تم توضيح الأمر للمجتمعين، بأن التجمّع مخالف للتعليمات الصحية الصادرة من السلطة، ومن ثم الامتثال لتطبيق القانون وفض التجمع.
وفي الحالة الثانية، فإن المجتمعين ضربوا بقرارات السلطات التنفيذية عرض الجدار، في تحد للقوانين التي تحفظ أمن البلاد وأمانه، وهم الذين أقسموا بالمحافظة عليها.
وكما تداولت وسائل الإعلام المحلية، فقد قامت وزارة الداخلية بتقديم شكوى ضد كل من تجمّع في الديوان في انتهاك صريح للقانون الصحي، وهذا مؤشر جيد يدلّ على حرص السلطات التنفيذية على تنفيذ القانون على الجميع بمسطرة واحدة، فنحن نعيش في دولة تحكمها المؤسسات والقوانين التي تنظّم العلاقات بين فئات المجتمع، ونحتكم فيها إلى القضاء عند نشوء أي خلاف بين فئات المجتمع، ونمتثل للأحكام التي تصدر من السلطات القضائية، سواء كانت هذه الأحكام القضائية تصبّ في صالحنا أو في صالح الآخرين.
كذلك نطالب رجال وزارة الداخلية بعدم التهاون في تطبيق القانون على الجميع من دون استثناء، خصوصاً في الظروف الحالية، عندما يتعلّق الأمر بصحة الإنسان لدرء مخاطر انتشار عدوى المرض.
اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.