No Script

خطوات عديدة يتعين على الجهات التنظيمية القيام بها

الابتكار وضمان استقرار وتقدّم القطاع المصرفي الكويتي في العصر الرقمي

تصغير
تكبير

اعتادت الجهات الرائدة في مجال المصرفية الرقمية على استمرارية تغير وتطور احتياجات ومتطلبات المستهلكين، ففي مرحلة ما قبل تفشي وباء كوفيد-19، كانت توقعات المستهلكين تتضاعف بشكل كبير، تزامناً مع تطور التقنيات الناشئة ومزاياها الواسعة التي كانت العامل الرئيسي لظهور التوجهات الجديدة والمتطورة لدى المستهلك.

إلا أن هذه التغيرات، بالإضافة إلى التسارع غير المسبوق على مستوى التحول الرقمي في الآونة الأخيرة، ساهمت في تسريع وتيرة دخول القطاع المصرفي للعصر الرقمي الجديد.

وباتت العلاقة بين قطاعي التمويل والتقنية مترابطة إلى حد كبير، وستستمر حاجة كافة الجهات المعنية إلى هذا الترابط والتعاون على مدى السنوات القادمة.

وتدرك المصارف المختلفة في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، مدى أهمية التطور الرقمي والإمكانات والفرص الهائلة الذي يصاحبه.

ومع توجه الحكومات في جميع أنحاء المنطقة إلى وضع الخطط واتباع الإجراءات اللازمة لتسريع مسيرتها الرقمية وتحقيق تطلعاتها وطموحاتها في مجال الرقمنة، أصبح الجميع يدرك مدى أهمية المزايا الرقمية.

ومن المؤكد أن الكويت انضمت إلى دول المنطقة الرائدة التي تسير في هذا الاتجاه، حيث يشهد القطاع المصرفي الوطني توسعاً وتقدما ملحوظين في العديد من حالات استخدام وتطبيق الرقمنة.

على سبيل المثال، أطلق بنك الكويت المركزي عام 2018، وثيقة الإطار العام للبيئة الرقابية التجريبية للابتكارات التقنية، وذلك لتحقيق هدفين رئيسيين، حيث يتمثل الهدف الأول في إيجاد بيئة آمنة لتجربة المنتجات والخدمات المقترحة المتعلقة بعمليات الدفع الإلكترونية، في حين يكمن الهدف الثاني في تشجيع الابتكارات المالية عبر التخفيف الموقت للشروط التنظيمية والإشرافية.

وأحد أهم حالات الاستخدام السائدة هي البرنامج المبتكر «Zain Great Idea» الذي أطلقته شركة زين للاتصالات الرائدة في الكويت، والهادف إلى تسريع وتطوير المشاريع التقنية الناشئة، لفتح آفاق جديدة أمام مجتمع ريادة الأعمال في الدولة.

وبالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يشهد القطاع ظهور المزيد من الشراكات والتعاون بين المصارف وشركات التقنيات المالية، والهادفة لتحقيق الابتكار وتلبية احتياجات المستهلكين.

وعلى صعيد آخر، سيكون للجهات التنظيمية دور كبير وجوهري في المشهد الرقمي الحالي والمستقبلي، مما سيحقق الابتكار ويضمن استقرار القطاع على كل المستويات.

ومن المؤكد أن مسيرة التحول الرقمي تتضمن العديد من التحديات التي سيواجهها أصحاب القرار في الكويت في هذا المجال مثل ضرورة العمل على ابتكار التقنيات المالية، والحفاظ على خصوصية العميل، واستقرار الأمن الإلكتروني، إلا أن هناك العديد من الإجراءات التي يمكن للجهات التنظيمية اتخاذها لضمان ازدهار القطاع.

وفيما يلي 4 مجالات أساسية يتطلب من الجهات التنظيمية الكويتية أخذها في عين الاعتبار، مما سيحقق ازدهار القطاع وسيزيد من المساهمة في تقديم الدعم، ويحقق الابتكار ويضمن استقرارية القطاع في المستقبل:

تحديث اللوائح التنظيمية وتوجيه شركات التقنيات المالية المستقبلية

تتمتع الجهات التنظيمية بقدرات فائقة، نظراً لدورها في تخطيط مستقبل عملياتها، وخبرتها الرائدة في مجال تحديث اللوائح التنظيمية.

لذا، يجب على الجهات التنظيمية في الكويت الاستفادة من خبراتها وقدراتها، لضمان انتقال ممارسات الترخيص بسلاسة من الأنظمة القائمة على الكيانات المحددة إلى الأنظمة التي تركز على النشاطات، وهناك العديد من الأمثلة التقليدية على طريقة تحقيق ذلك مثل: عمليات إصدار العمليات الرقمية، وتوفير خدمات الدفع، وتداول العملات الرقمية المشفرة، بالإضافة إلى إمكانية اللجوء إلى خيار تطبيق النهج القائم على تفادي المخاطر، حيث يفرض متطلبات فعالة تتضمن وجود رأس مال أولي لشركات التقنيات المالية المرخصة.

وضع إطار عمل للبيئة الرقابية التجريبية لتجنب الممارسات الخاطئة

تتوجه شركات التقنيات المالية، في إطار التزامها بالسياسات والبروتوكولات التنظيمية، إلى إطلاق برامج تجريبية، بهدف اختبار الأفكار الجديدة. وعلى الرغم من انتشار مثل هذه الأنشطة الاستبقيةة، إلا أن المسؤولية تقع على عاتق الجهات التنظيمية من ناحية ضمان سلامة وموثوقية المنتجات والخدمات، منذ بدء وضع المفاهيم الخاصة بها حتى يتم تطبيقها على أرض الواقع.

مما يتوجب على الجهات التنظيمية الاستمرار في اعتماد اللوائح التي تنظم الابتكارات، وتحد من التوسع العشوائي، وذلك باعتماد تجريب التقنيات المالية فقط في حال حصولها على الاعتمادات اللازمة أو امتثالها للإجراءات التنظيمية، وبتطبيق ذلك، سيتسنى للجهات التنظيمية فهم تطلعات شركة التقنيات المالية بصورة أكبر وتحديد جميع المجالات القابلة للتطور والتحسين.

تعزيز التعاون المصرفي المفتوح

على الرغم من كل الوعود والإمكانيات التي يحظى بها القطاع خلال مسيرة، إلا أنه قد تتردد المصارف الرائدة في البداية من التعامل مع شركات التقنيات المالية الناشئة، فيمكن للجهات التنظيمية بدورها اللجوء إلى تمكين خدمات المصرفية المفتوحة لتعزيز الموثوقية والشفافية والتعاون بين الجهات.

وستتمكن الجهات التنظيمية، عبر تحديد البيانات التي تم الحصول عليها بعد موافقة العميل، من استثمار الإمكانات والفرص التي توافرها هذه البيانات، وتشجيع التعاون المشترك بين المصارف وشركات التقنيات المالية، مما سيسهم بدوره في دعم الجهات الرائدة من تطوير خدمات وحلول متقدمة مع توافر المساهمة والتعاون من كلا الطرفين، بوضع الأسس اللازمة لتحقيق تعاون مثمر على المدى البعيد، وفي الوقت نفسه، يمكن للجهات التنظيمية اعتماد منصات ابتكار افتراضية وتطويرها، لتسهيل التعاون بين جميع الأطراف المعنية في القطاع المصرفي.

إعادة تعريف مفهوم المرونة الإلكترونية

ندرك جميعا أن التهديدات الإلكترونية ستبقى عنصراً قائماً لا يمكن التخلص منه في العالم الرقمي، مما يؤكد أن عدم النجاح في التصدي للمشاكل المستمرة أو المحتملة، سيؤدي إلى حدوث عواقب وخيمة تضر بالقطاع. لذا، يتوجب على المنظمين العمل فوراً لضمان تطوير الحلول والخدمات التي تساهم في توفير الأمن الإلكتروني، والتي تتوافق مع أعلى المعايير العالمية المطبقة.

ويستلزم العمل على تحقيق التعاون بين المؤسسات ذات الصلة مما يحقق الابتكار ويعزز الاستقرار العام، ويمهد الطريق لمشاركة المعرفة، ويسهل وضع تدابير الأمن الإلكتروني الجديدة ويضمن تطبيقها.

ومع تزايد الاهتمام بالمواضيع المرتبطة بالتمويل والتقنيات بفضل التطورات الرقمية والتطلعات المتقدمة على مستوى القطاع، سيكون لأصحاب القرار في الكويت دور محوري في تطوير العمليات والممارسات ذات الصلة للأجيال القادمة.

وستتمكن الجهات التنظيمية باتباع الخطوات المذكورة أعلاه، من غرس ثقافة الابتكار مع ضمان استقرار التقنيات المالية على المدى القصير والمتوسط والطويل.

ومع استمرار الخدمات المصرفية الرقمية بالتطور خلال السنوات المقبلة، يمكن للجهات التنظيمية استباق الأحداث بدءاً من اليوم والعمل بجهد مع تبني عنصري المثابرة والاستبقيةة في بذل جهودها الواسعة في هذا القطاع.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي