ألوان

الكويت التي نعرفها

تصغير
تكبير

ما الذي يحدث في الكويت؟ وأين الكويت التي نعرفها؟ بقيمها الكويتية التي هي اندماج مع العروبة والإسلام والإنسانية في ما بيننا ومع الآخرين؟

فكلما جلسنا في الديوانية أو تحدثنا معاً عبر الهاتف، فإن «التحلطم» من الأوضاع المختلفة دائماً هو الحاضر في الحديث، ولا يخفّفه إلّا صديق مثقف يتابع الأمور ويشير إليها بشكل غير مباشر، فهو يقول ألا تذكرون مسرحية «الكويت سنة 2000»، ومسلسل «الإسكافي»، فكنت أبتسم لكن عندما أتذكّر محتويات تلك المسرحية وهذا المسلسل، فإني أصاب بالإحباط لأن المسرحية قرأت كيف سيصبح مستقبل الإنسان الكويتي وطبيعة مجتمعه؟ فالمسلسل تاريخي في مظهره، لكنه يحمل إسقاطاً على الواقع ليس في الكويت فقط، بل في كل دولة ينخر فيها الفساد، فتتحول ابتسامتي إلى غضب وحزن عميقين.

ومثلما هو الإنسان العربي يتذكر أمجاده في القرون القديمة، فإن الأمر مشابه لنا في الكويت، عندما نتذكر الكويت المزدهرة لأننا بتنا لو أردنا تذكّر شيء إيجابي، فإننا نعود إلى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن على الأقل، وقتها كانت الكويت هي الأفضل في المنطقة بل إنها كانت ملاذاً للآخرين؟

فكلما جلست مع تربويين يتذكرون بحسرة مستوى التعليم في الماضي بتميّزه، وهي الحقبة التي كنت فيها طالباً، علما بأن الموازنة المخصصة للتعليم تضاعفت الآن عشرات المرات، وأتوقّع أن تكون الخطط التربوية والوسائل التعليمية باتت أكثر تطوراً، إلا أن التعليم الحديث دون مستوى الطموح، ناهيك عن المناهج ومستوى المدرسين، حيث إن المدرّس هو أساس التعليم ثم تأتي بقية العناصر الأخرى المكمّلة للعملية التعليمية، بل إني سمعت صديقاً يقول: لن نشعر بأن التعليم في الكويت بحالة جيدة إلا حينما نرى التربويين القياديين يدرّس أبناءهم في المدارس الحكومية التي يشرفون عليها.

وإذا جلست مع بعض العاملين في القطاع الصحي، فإنهم يؤكّدون أن الخدمات الصحية في الماضي أكثر رقيّاً من الوقت الحالي، رغم أن الموازنة المخصّصة للخدمات الصحية تضاعفت عشرات المرات، وهو أمر طبيعي مع زيادة عدد السكان، شاملاً المواطنين والوافدين، ومع تطوّر التّقنيات والعمليات الجراحية، وازدياد عدد المستشفيات والفريق الطبي من الكويتيين والوافدين، إلا أن مستوى الخدمات الصحية دون مستوى الطموح، بل إني مازلت أتذكّر مقولة صديق لي في الديوانية بأن الخدمات الصحية لن تكون بحالة جيدة، إلا إذا رأينا عليّة القوم وقيادات وزارة الصحة يحصلون على الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية، ولا يلجأون إلى المستشفيات الخاصة في الكويت أو العلاج في الخارج.

وإذا جئنا بذكر الثقافة الكويتية بشكل عام، فإنها كانت أكثر عمقاً وتوهجاً خليجياً وعربياً، رغم أن بعض رموز الثقافة ما زالوا حاضرين ويعيشون بيننا، ومن رحل عن الدنيا فقد بقيت إبداعاته حاضرة، إلا أن التعامل مع عمق الثقافة في المجتمع بات يطرح أسئلة كثيرة، ومثلها الفنون بتنوعها خلال المسرحيات والمسلسلات التلفزيونية والإذاعية، وكذلك الفنون التشكيلية التي باتت تعاني الكثير من التحدّيات والسلوكيّات السلبيّة، من قبل بعض المنتمين إليها في الكويت، إضافة إلى القصور في المؤسسات التي تعنى بها، نتيجة الصراعات الشخصية، التي باتت حاضرة حتى في الأوساط الرياضية والاقتصادية والسياسية، وكأن هذا الأمر هو ديدن الحياة في الكويت، التي يجب أن نعمل من أجل تطوّرها دون انتظار المقابل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي