زينب الخالدي تحدثت لـ«الراي» عن جزء ثانٍ من الكتاب والتحضير لآخر عن الأم
«محاكاتي»... قصة ملهمة لعلاج لم تكتمل فصوله
- الخالدي:
- أحلم بأن أصبح دكتورة عظام وسفيرة لذوي الهمم
- استغرقتني الكتابة ثلاثة أشهر واختيار العنوان شهراً
- استخدمت اللهجة العامية لأن مشاعري ستصل فيها أكثر
- أتمنى أن يتضمن الجزء الثاني رحلة علاجي... وأنا متفائلة جداً بإجراء عمليتي
- أم زينب:
- لم أكن أتوقع أن يُحدث هذا النوع من الضجة... والخطوة المقبلة ترجمته إلى الإنكليزية
- زينب بحاجة إلى إجراء 3 عمليات في الرجل ورابعة بالحوض
- منذ صغرها مميزة... كانت تجلس على الأرض أمامنا ممسكة بالورقة والقلم تسجل كل كلمة نقولها لتسألني عنها في ما بعد
حين تجلس أمامها، تجد براءة الطفولة، ممزوجة بنضج الفتاة، وحكمة المرأة... لعل ما حدث مع زينب الخالدي، جعلها قوية بما يكفي لتخطو خطوتها الأولى نحو الاعتماد على النفس وهي في عمر الزهور، بدءاً من ولادتها برجل غير مكتملة النمو، مروراً بمواقف سلبية واجهتها، وصولاً إلى خذلانها من قبل من أوهمها بأنها ستستطيع السير على رجلها... فكان «محاكاتي»، الكتاب الذي قررت أن تعالج نفسها عن طريقه، بمعاونة دار «وجد» على إصداره.
تروي زينب من خلال الكتاب رحلتها، التي لم تنتهِ بعد، متناولة أموراً وصفتها في المقدمة بــ«الإنسانية، التي تهم الكثير من الأشخاص، مثل ذوي الاحتياجات الخاصة الذين أقفلوا الباب على أنفسهم، ولا يتكلمون عن مشاعرهم لخوفهم من ردة فعل الناس»، موجهة رسالة إلى «الشخص المتنمر نفسه، للمتكبر وينظر للناس بطريقة غريبة».
لم تكن رحلة زينب العلاجية مفروشة بالورد، فقد بدأت منذ عمر السنة وثمانية أشهر تخضع لمبضع الجراح، وزرع أسياخ الحديد في رجلها.
وما بدأته في مصر، كان لا بد أن يكتمل في الولايات المتحدة الأميركية... ولم يكتمل حتى الآن.
في 56 صفحة، تنقلنا زينب إلى عالمها الخاص، الذي لا يخلو من الإيجابيات، وتجد الأم حاضرة في كل صفحة منه، بل بين الأسطر... هي التي قدمت معها إلى مبنى «الراي» لتتحدث عن تجربة عاشت فصولها، وما تزال في رحلة البحث عن... «رجل طبيعية» لتحل محل الاصطناعية.
زينب، ابنة الـ 12 عاماً، تحلم بأن تصبح يوماً ما دكتورة عظام، كما ترغب في أن تكون سفيرة لذوي الهمم، بحسب ما ذكرت لـ«الراي»، «لتنقل مشاعرهم ومشاكلهم، مع الحلول»، وهو ما تجده في كتابها حين تقول «الحمد لله ظليت أحارب عشان أرفع راس ذوي الهمم أو الاحتياجات الخاصة، وأحب أقول كلمة عنهم إنهم أمل المستقبل، بس عطوهم مجال يعبرون عن نفسهم... احنا ما اخترنا نكون جذي، بس رب العالمين خلقنا جذي لأنه يبي يكرمنا ويميزنا عن الغير... لا تخافون الله معانا».
جزء ثانٍ
لمست زينب ردود فعل وصفتها بـ«الجميلة» على الكتاب من الكويت والدول الخليجية والعربية، «ما حفزني على كتابة جزء ثانٍ منه».
تقول وتضيف: «الكتاب صدر منذ شهر تقريباً. استغرقتني الكتابة ثلاثة أشهر، واختيار العنوان شهرا... كنت أبحث عن كلمة تختصر ما كتبته، فاستبدلت (حكاياتي) بـ(محاكاتي)».
وبالنسبة إلى تنظيم الأفكار، وتسلسلها قالت: «كتعليقات، وتعديل، تكفلت الوالدة بالمهمة، إذ كانت تعلّق: هذه الكلمة غلط لازم تعدلين».
وأضافت مبررة استخدامها للهجة العامية: «لسببين، الأول لأنني أحببت أن أقدمه بلهجتي، (على قدي)، إذ ستصل فيها مشاعري أكثر، والثاني أنني أريد من الناس في السعودية والإمارات والبحرين وقطر أن يتعلموا لهجتنا، وهذا ما لمسته من التعليقات على (تويتر) و(إنستغرام)، إذ نصفهم قالوا لي (تعلمنا الكويتي بسبب كتابك). وأيضاً سيكون الجزء الثاني باللهجة الكويتية».
أمسكت والدة زينب طرف الحديث، وقالت: «الكتاب متوافر في جميع دول العالم، وكنت أريد ترجمته إلى الإنكليزية، لكنني لم أكن أتوقع أن يُحدث هذا النوع من الضجة، فصداه وصل إلى السويد. الخطوة المقبلة أن يترجم إلى الإنكليزية».
وتدخل زينب على خط الكلام قائلة «أتمنى أن يتضمن الجزء الثاني، الذي أعمل عليه، رحلة علاجي، وأنا متفائلة جداً بإجراء عمليتي، لأن (عيال ديرتي) يقفون إلى جانبي، حتى في الدول العربية والخليجية، من لم يستطع شراء كتابي، قاعد يدعمني عبر الرسالة الجميلة التي يوصلها لي.
والرسائل التي تصلني عبر (السوشيال ميديا)، تجعلني متفائلة جداً إذ هناك من يقول لقد اشتريت 50 أو 60 أو 70 نسخة من الكتاب. وإن شاء الله أفرحكم بهذا الخبر أنني أجريت العملية».
طاقة إيجابية تنشرها صاحبة الكتاب، تجبرك على الابتسام. وتزيدك فرحاً حين تعلم أنها في صدد التحضير لكتاب عن الأم، منفصل عن الجزء الثاني. تلك الأم التي لم تستسلم يوماً وآثرت على شد عزيمة ابنتها، وانتشالها لتقف... على رجليها.
#لا_تخافون_الله_معانا
تتحدث زينب عن الجملة التي اشتهرت فيها عبر «تويتر» حين نشرت أول فيديو لها «#لا_تخافون_الله_معانا»، وهي الموجودة كعنوان فرعي للكتاب: «حينها كنت بعمر الثماني سنوات، وصوّرته وأنا ألبس رجلي (الطرف الاصطناعي) وأسميها (ريلي الثانية).
وشاهدت تعليقات الناس الجميلة على الخاص، مثل (ترى عيالنا قاعدين يتعملون منج) و(أنت بطلة وأنت قوية)، وإلى الآن ما زالوا يقولون لي (أنت بطلة)».
بطلة رياضية
حصلت زينب على ألقاب وبطولات رياضية، في السباحة والبولينغ، وهي تسعى حالياً إلى تحقيق بطولات أخرى في الجري والمبارزة وتنس الطاولة.
تذكر في كتابها كيف أنها رُفضت من قبل مدرّبة السباحة، وأنها تعلّمت الطريقة عن بعد، من خلال مراقبتها للمدربة، فكانت تقوم بالحركات حتى أتقنتها، وراحت تسبح في المنطقة العميقة. وتضيف «استانست اني قاعدة اتحرك تحت الماي مبطلة عيوني وحابسة النفس... استانست إني قاعدة أحرك إيديني تحت الماي.
رفعت راسي ما أحس إلا الناس كلها فوق راسي وأمي على طرف المسبح فوق تبجي ما أدري شنو السالفة واللي تشيلني واللي تلمني واللي تصارخ فيج شي؟... عبالهم إني غرقت».
وتذكر في الكتاب أيضاً كيف أنها استطاعت في أحد الأيام أن تنقذ طفلة من الغرق عبر سحبها من يدها، وكيف تحوّلت إلى بطلة في نظر الطفلة ووالدتها.
تنظيم الوقت
تنظم زينب وقتها بين الدراسة والكتابة التي تعتبر أن بينهما «قصة حب»، لأنها بدأت بعمر الثماني سنوات وحصلت حينها على جائزة.
فبعد إنهاء دراستها عبر برنامج «التيمز»، تعمد إلى حل واجباتها، ومن ثم تتجه إلى الكتابة.
وحين تنتهي، تتجه أحياناً إلى المطبخ لتخترع طبخة ما، ومن ثم تعمد إلى مشاهدة مسلسل كوري، وعند الثامنة تخلد إلى النوم.
250 ألف دولار
رحلة علاج زينب تكلّف 250 ألف دولار (نحو 75 ألف دينار كويتي)، بحسب ما تقول والدتها، وهي تتضمن 3 عمليات في القدم وعلاج طبيعي، إضافة إلى عملية رابعة في الحوض، لافتة إلى أن الرحلة كانت يجب أن تبدأ منذ أربع سنوات، حين أبدى متطوع رغبته بإجرائها على حسابه لكنه لم يفِ بوعده.
وعن تسميته في الكتاب، قالت: «كنت سأرفع عليه قضية، بعد عودتي من أميركا (خلاني على بساط الفقر)، قال لي روحي أنا دفعت وأعطاني وصل تبيّن أنه مزوّر. خلاني بعت أثاث بيتي وسيارتي وذهبي كي أسافر، ورجعت إلى ديرتي (Homeless). كل شيء في أميركا غالٍ».
وتضيف: «لكنني عدلت عن القرار وفوضت أمري إلى الله، ومن هنا قررت أنني لن أرضى بأحد يقول لي سأحوّل إلى الدكتور، ويعطيني وصلاً مزوراً، بل اعطني المبلغ بيدي وأنا أعطيه للدكتور. هذه ابنتي، معقول أنني سآخذ النقود وأفعل بها شيئاً ثانياً؟ وإذا هم مشككين بالمصداقية، ليذهبوا معي إلى أميركا ويعطوا المبلغ للمستشفى».
اكتئاب وقرار بإصدار الكتاب
مرت زينب بحالة من الاكتئاب بعد عودتها من الولايات المتحدة، ومر شهران لا تكلّم أحداً، لكن والدتها لعبت دوراً في ذلك، كعادتها، وأخرجتها من الحالة التي فُرضت عليها.
وتتحدث زينب عما حدث معها: «اكتأبت، لأنه تحدث إليّ وأوهمني بأنني سأجري العملية وأمشي على رجليّ، وحينها سعدت جداً، لأنني سأستطيع أن أمشي على قدمي من دون أن ألبس طرفاً اصطناعياً».
من هنا كان القرار بأن تصدر الكتاب، «حتى أدعم قضيتي بنفسي، وقلت لـ(عيال ديرتي) لا أريد منكم سوى الدعم... ادعموا كتابي».
تميّز زينب
«منذ صغرها كانت زينب مميزة»، تقول والدتها وتضيف «حين كنا نجتمع كأهل وأصدقاء، كانت تجلس على الأرض أمامنا ممسكة بالورقة والقلم، وحين أسألها عن سبب ذلك، كانت تقول حتى أنقل كل كلمة تقولونها لأسألك عنها في ما بعد حتى تفهميني إياها، وعندها أحسست بأن ابنتي متميزة».
وتذكر حادثة أخرى «في إحدى المرات، كنت مريضة وأعاني من ارتفاع الحرارة، وإذ بي أسمع صوتاً قادماً من المطبخ، فاستغربت الأمر، وتوجهت إلى هناك، لأجدها وهي في عمر الخامسة تنظف المطبخ، فسألتها ماذا تفعلين، فأجابتني (أساعدج ماما حبيبتي)».