عندما كنّا أطفالاً، كنّا نلعب كرة القدم في ملعب الحارة، وكان ملعباً رملياً صغيراً، ومَرَامِي الملعب بالخشب الرديء والشباك المتهالكة، وكان جميع اللاعبين يتمنّون آنذاك أن يكونوا ضمن فريق الشخص الذي يمتلك كرة القدم التي يُلعب بها في أي مباراة يخوضونها، حتى يبتعدوا بعيداً عن غضبه ويستمروا في اللعب حتى نهاية المباراة، وذلك لأن معظم من يمتلكون كُرات القدم في ذلك الوقت حينما يغضبون أو يُغلبون يُوقفون اللعب فجأة ويأخذون الكرة تحت آباطهم ويمضون لبيوتهم من دون أدنى احترام واكتراث بالآخرين!
في الحقيقة ملعب الحارة ذلك يشبه تماماً ديموقراطيتنا التي نعيشها في الكويت بصفة عامة، وبصفة خاصة تلك الديموقراطية التي تتعاطاها الكُتل السياسية في داخل البرلمان، حيث إن معظم السياسيين في البلاد عقليتهم تشبه تماماً عقلية ذلك الطفل الذي يملك كرة القدم، الذي حينما يغضب أو يُغلب يضع كُرته تحت إبطه ويمضي دون أن يتقبّل واقعه!
ديموقراطيتنا مضحكة لأن سياسيينا مضحكون، ومضحكون لأن الديموقراطية من مفاهيمها تقبّل الآخر والتحاور معه، والوصول إلى صيغة تفاهم مشتركة بينه وبين من يخالفه الرأي، من أجل مصلحة الوطن والمواطن، لكن سياسيينا في الكويت متناحرون في ما بينهم، سواء كانوا أشخاصاً أو كُتلاً، فالكل منهم يسعى بقوة لأن يُنهي ويُلغي الآخر سياسياً، ويصادر رأيه، ويخرجه أمام الملأ بصورة الخبيث والمخادع وراعي مصلحة شخصية، أما السياسيون في البلدان الأخرى - التي تتعاطى الديموقراطية بشكل صحيح وسليم - فمهما افترقوا واختلفوا سياسياً تجدهم متحدين يداً بيد في كل أمر كبير أو صغير يهمّ ويمسّ بلادهم.
في نهاية المقال:
اختلاف الرأي في بلادي
يُفسد الود والقضية
ويجعلك إنساناً منبوذاً
بكل غباء وعنجهية
وسوف تُصلب على عامود الحقد
بلا رحمةٍ أو رأفةٍ أو دِية !