No Script

إيران ترفض «الجراحة التجميلية» العراقية - الأميركية

نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي شارك في اجتماعات فيينا (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي شارك في اجتماعات فيينا (رويترز)
تصغير
تكبير

بعد اغتيال قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، تعهّد المرشد الأعلى السيد علي خامنئي أمام شعبه والعالم خصوصاً أمام حلفائه بأن الولايات المتحدة ستدفع الثمن بمغادرتها غرب آسيا.

إلا أن ما قاله خامنئي يعكس أمنيته كمرشد أعلى لـ«الثورة الإيرانية»، وليس بالضرورة أن تتوافق رغباته دائماً مع مصالح الدولة وسلوكها، وهي التي يفترض بها أن تبني العلاقات مع دول أخرى بناءً على إرشادات المرشد وتمنياته ومع المصالح الوطنية لإيران التي لا تتعارض مع تعليمات خامنئي.

ومَن يتابع على نحو حثيث وبعمق الأداء الإيراني يدرك أن هناك خطاً فاصلاً مرناً، بين ما يتمناه المرشد، الذي يمثّل شخصية قائد الثورة وبين تصرّف الحكومة مع الدول الأخرى. وتالياً فإنه عندما أشار خامنئي إلى رفض أي لقاء مباشر مع أميركا، على مستوى الدولة، قبل رفْع العقوبات، فإن أمره يُنفّذ دون مواربة. وهذا خط غير قابل للكسر أو التفاوض عليه وتلتزم به حكومة طهران. إلا أن رفع العقوبات، لا يعني كل العقوبات بل الأساسية منها والمهمة التي تؤثّر على اقتصاد الدولة وأمنها القومي. ومن هنا فإن حوار فيينا غير المباشر بين إيران والدول التي وقّعت الاتفاق النووي والتي لم تنسحب كما فعلت أميركا هو لقاء عادي وطبيعي ويقع ضمن تعليمات المرشد القائد ومتطلبات الدولة ومصالحها.

أما في العراق، ورغم إعلان خامنئي عدم وجود إطار زمني لانسحاب القوات الأميركية من غرب آسيا، فان إيران – دون شك – مستعدة للجلوس على طاولة المفاوضات مع «عدوها» أميركا إذا ساعد هذا الأمر في تخفيف معاناة الوضع الاقتصادي في إيران. وبالنسبة إلى طهران فإن الإدارة الأميركية، بغض النظر عمن يقود البيت الأبيض، ليست جديرةً بالثقة وتستطيع إلغاء الاتفاقات الدولية ولا تحترم القوانين الدولية. ومع ذلك ففي ظروف عدة، سمح الزعيمان آية الله العظمى الخميني والسيد علي خامنئي للدولة بلقاء المسؤولين الأميركيين للاستفادة من هذه اللقاءات. وذلك لم يمنع أن يشعر القادة الإيرانيون بأن شبح الحرب مع أميركا يبقى ما دامت القوات الأميركية بقيةة في منطقة الشرق الأوسط.

ويدرك المسؤولون الإيرانيون أن إدارة جو بايدن لديها تحديات كبرى داخلية وخارجية مع وجود الصين وروسيا كأعداء على رأس اللائحة الأميركية. إلا أن طهران تعتبر نفسها أنها «الضرورة الأولى» وهي غير مستعدة لتفهُّم أولويات بايدن مهما كانت. وتالياً فهي تضغط في العراق لعدم إراحة القوات الأميركية وتواصل دعمها لحلفائها في اليمن وسورية ولبنان وغزة.

ويروّج المسؤولون في العراق لـ «عملية جراحية» تُبْقي القوات الأميركية باسم جديد، ويعتبر القادة الأميركيون أن الحل الوسط لتلبية مصالحهم يمكن ببقاء قواتهم تحت مسمى جديد هو «قوات ناتو الأوروبية». وهذه وسيلة عراقية لملاقاة بايدن والقول له إن الانسحاب الأميركي ليس على جدول أولويات الحكومة العراقية وأن بقاء هذه القوات يجب أن يأخذ منحى آخر لإرضاء طهران وحلفائها في العراق.

غير أن الولايات المتحدة لن تستطيع الحفاظ على بقاء قواتها واستبدال اسمها بـ «قوات الناتو الأوروبي» ما دام الاتفاق النووي معلَّقاً وما دامت العقوبات الأميركية بقيةة على إيران. وتالياً فإن الاتفاق حول النووي معلّق بشؤون أخرى شرق أوسطية حتى ولو رفض الإيرانيون التحدّث بأي ملف آخر إلا حين رفْع جميع العقوبات والعودة الأميركية إلى اتفاق 2015.

ورغم هذه المقاربة فإن الصراع سيبقى لأن إيران تخشى وجود أميركا على حدودها وأميركا لن تتخلى عن بلاد ما بين النهرين لإيران ومعها الصين وروسيا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي