«الراي» تنشر أول ميزانية للكويت عن السنة المالية 1938

120 مليون في المئة نمواً بالمصروفات العامة... في 83 عاماً

تصغير
تكبير

- 19.7 ألف دينار مصروفات 1938 منها 15 في المئة رواتب
- 4.2 مليار رواتب حالياً مقابل كل ألف صُرفت على الأجور بأول ميزانية
- 57 في المئة من الإيرادات كانت متأتية من الضرائب الجمركية
- 1.7 ألف دينار فائضاً بأول ميزانية أُنفقت على الخدمات العامة
- 7.15 ألف دينار حصة الحكومة السنوية من امتياز «نفط الكويت» لم يتم تسلمها وقتها
- الضرائب كانت تشكل غالبية الدخل مثل تبويب النفط حالياً
- أول ميزانية خلت من الدعومات التي تشكل حالياً 16 في المئة

بين 1938 والعام 2021 فارق يبلغ 83 عاماً، لكن بالنسبة للكويت، وبنظرة مالية، فإن مصروفات الكويت نمت بين العامين بنحو 120 مليون في المئة.

وتكشف أول ميزانية أعدتها الكويت أن مجموع الإيرادات العامة للدولة ومصروفاتها بلغ في العام 1938 نحو 1.479 مليون روبية، مقوّمة بـ19.725 ألف دينار، فيما وصلت حالياً عن السنة المالية 2021/2020 إلى أكثر من 24 مليار دينار، متضمنة كلفة قانوني تأجيل الأقساط والضمان المالي، ومكافأة الصفوف الأولى، التي يقدر إجماليها بنحو 1.2 مليار.

حساب ختامي

وتُظهر القراءة المحاسبية لأول ميزانية وُضعت للكويت، والتي كانت أقرب إلى الحساب الختامي لكون أرقامها فعلية وليست تقديرية، أكثر من مؤشر مهم، ليس أقلها أن حجم الإيرادات العامة وقتها تعادل مع مستويات المصروفات، بعد أن تم تخصيص فائض بإلإيرادات مسجل بواقع 1725 ديناراً للإنفاق على كل أنواع الخدمات العامة بالكويت.

علاوة على ذلك، يبدو أن الإيرادات العامة للكويت وقتها كانت تعتمد بشكل كامل على حصيلة الضرائب التي تفرضها الدولة، وتخلو نهائياً من أي عوائد نفطية، بخلاف آخر ميزانية للدولة تشكل فيها عوائد النفط أكثر من 90 في المئة، مقابل تقلص حصيلة الضرائب من إجمالي الإيرادات العامة.

يذكر أن كل ألف روبية جرى تقديرها في ميزانية 1938 بـ75 ديناراً، في حين سحبت الروبية من التعامل المحلي بالكويت وأعيدت إلى حكومة الهند وبدأ استعمال الدينار الكويتي اعتباراً من أول أبريل 1961، وذلك في عهد سمو الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم.

رمل وصلبوخ

وتشير ميزانية 1938 إلى أن هناك نحو 7.15 ألف دينار تمثل حصة الحكومة السنوية من امتياز شركة نفط الكويت لم يتم تسلمها في ذلك العام.

لكن على صعيد أعلى بنود الإيرادات العامة المسجلة والمحصلة فعلياً في ميزانية 1938 جاءت الحصيلة المتأتية للدولة من الضرائب الجمركية، والتي كانت تقدر بنحو 57 في المئة من إجمالي حجم الميزانية، حيث سجل هذا البند إيرادات بـ11.25 ألف دينار، تلاه حصيلة الضريبة على صادرات الكويت من الرمل والصلبوخ إلى عبادان.

وجاء في المرتبة الثالثة حق امتياز شركات الضياء والثلوج والسيارات الكويتية العراقية بواقع 337.5 دينار، وفي الدرجة نفسها حلت بالقيمة ذاتها زكاة الأغنام ورسوم الجوازات ورسوم المحاكم وأخرى متنوعة.

أهمية خاصة

وما يثير المفارقة أن كلفة الرواتب في ميزانية 1938 بلغت 3 آلاف دينار، بما يشكل 15 في المئة من إجمالي مصروفات تلك السنة، وقياساً بـ2021 تضاعفت هذه الكلفة لجهة النسبة 5 مرات، مع الأخذ بالاعتبار أن أول ميزانية للكويت لم تتضمن تقديم أي دعوم من مختلف أشكالها القائمة والمقررة حالياً.

ففي ميزانية السنة المالية الحالية تقارب كلفة الرواتب والدعوم المسجلة 71.6 في المئة، بما يقدر بـ16.4 مليار دينار، ما يعني محاسبياً أن كل ألف دينار صُرفت على الرواتب في 1938 يقابلها حالياً 4.2 مليار دينار، علماً أن الرواتب وما في حكمها تبلغ حالياً نحو 12.6 مليار دينار، فيما تصل الدعومات لـ3.9 مليار بنسبة تشكل نحو 16 في المئة.

وشملت المصروفات العامة بأول ميزانية 3 أوجه للصرف، فبخلاف الرواتب جاء البند الأكبر، وشمل رواتب أفراد العائلة الحاكمة وتابعيهم بواقع 15 ألف دينار، فيما تم تخصيص 1.725 ألف دينار للإنفاق على كل أنواع الخدمات العامة.

ورقمياً، تكتسي القفزة النوعية المسجلة في مصروفات الكويت خلال هذه الفترة أهمية خاصة، إذا ما قورنت بنمو أعداد المواطنين، فوفقاً لبعض الإحصاءات غير الرسمية تضاعفت أعدادهم بين الفترتين نحو 20 مرة فقط، وذلك صعوداً من 70 ألفاً إلى نحو 1.4 مليون في الوقت الحالي.

الضرائب غير مستقرة

رغم ارتفاع قيمة الضرائب واستحواذها على الحصة الأكبر من الإيرادات العامة في ميزانية 1938 لم تكن الضرائب في تلك المرحلة من التاريخ المالي الاقتصادي للكويت مستقرة، ولا كانت معدلاتها ثابتة، بل كانت في تغير مستمر.

وخلاصة القول إن ملامح الهيكل الضريبي في هذه المرحلة تحددت بالعناصر التالية:

1 - ضريبة الغوص على اللؤلؤ، وهي ضريبة سنوية مباشرة على دخل أصحاب سفن الغوص تتحدد قيمتها عن كل سفينة في نهاية الموسم، وتراوحت حصيلتها من موسم إلى آخر ما بين 20 ألف ريال فرنسي و60 ألفاً سنوياً.

2 - الضريبة الجمركية، وهي ضريبة غير مباشرة تُفرض على قيمة وارادات الكويت من البضائع براً وليس بحراً وبسعر موحد تدرّج من 1 في المئة عام 1790 إلى 2 في المئة في 1958 إلى 3 في المئة في 1965.

يعقوب الجوعان: الكويت باتت دولة ريعية للمواطن

لفت رجل الأعمال يعقوب الجوعان إلى أن الكويت شهدت بعد العام 2000 قفزات نوعية في مصروفات ميزانياتها للدرجة التي تضاعفت في سنة واحدة، مبيناً أن ذلك جاء بسبب اندفاع السياسات المالية نحو الصرف على الرواتب والدعومات.

وقال الجوعان إن هناك اختلافاً كبيراً بين ميزانية 1938، وهي بالمناسبة السنة التي ولدت فيها، وميزانيات الكويت بآخر 20 عاماً، حيث تظهر المقارنة أن أول ميزانية للكويت كانت تعتمد كلياً على الضرائب والرسوم ما يعني وجود نشاط تجاري يمول الميزانية، في حين أن الميزانيات الأخيرة تلفت وبوضوح إلى أن الكويت باتت دولة ريعية للمواطن في جميع مناحي حياته، سواء الوظيفية أو التعليمية أو الغذائية وطبعاً الصحية.

وأضاف أنه منذ اكتشاف النفط وحتى العام 2000 كانت السياسة المالية لجهة المصروفات مقبولة، حيث كانت تقدر عن هذه السنة بـ4 مليارات، إلا أن شيئاً ما تغير كثيراً في سلوك الدولة المالي لتميل مع ذلك إلى التوسع بالإنفاق على الرواتب والدعوم، دون إحداث أي تحسينات مقابلة في بنود الإيرادات.

وأشار الجوعان إلى أن الدول الخليجية تبنّت في الفترة الأخيرة هيكلاً ضريبياً صحياً، لكن الكويت لم تفعل، ولاتزال تعتمد على النفط كمصدر وحيد للدخل.

عبدالمجيد الشطي: الكويت مصابة بالمرض الهولندي

قال نائب رئيس مجلس إدارة المركز العلمي، رئيس اتحاد مصارف الكويت سابقاً، عبدالمجيد الشطي، إن مقارنة أول ميزانية للكويت، وبنود السنة المالية الجارية تؤكد أن الكويت مصابة بالمرض الهولندي، وهو مصطلح اقتصادي يشير إلى التغير الكبير الذي يحدث في السلوك المالي للدول عندما تكتشف مورداً طبيعياً، ويكون رئيسياً للدخل مثل النفط.

وبين الشطي أن قراءة تركيبة إيرادات ومصروفات الكويت في 1938 وميزانية الدولة حالياً، توضح حجم التحولات الرئيسية التي استجدت في البنود الأساسية سواء للدخل أو المصاريف العامة، موضحاً أنه عند بداية نشأة الدولة كان الاعتماد على الضرائب بشكل كامل، كما أن الرواتب كانت تشكل نسبة صحية تقارب 15 في المئة، ما يعكس أن المواطنين كانوا ذاتيي القيادة في تحصيل مداخيلهم، ويشير إلى أن الدولة كانت تعتمد على القطاع الخاص.

أما ميزانية 2021/ 2022 وميزانيات آخر 10 سنوات تحديداً، فتظهر توسع الصرف على الرواتب والدعومات، والاعتماد على دخل وحيد وهو النفط، والذي حل محل الضرائب، ما يظهر أيضاً تقلص دور القطاع الخاص لصالح الحضور الحكومي الذي بات مسيطراً على الاقتصاد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي