د. وائل الحساوي / نسمات / هل أصبحنا مثل بني إسرائيل؟!

تصغير
تكبير
بعد ان خالف بنو اسرائيل ما طلبه منهم موسى عليه السلام من دخول الارض المقدسة ومحاربة اهلها العمالقة عاقبهم الله تعالى بأن تركهم يتيهون في الارض اربعين سنة، وكما تروي الاسرائيليات فإن بني اسرائيل كانوا يسيرون من الصباح وحتى المساء، وفي الصباح التالي يجدون انفسهم في نفس المكان الذي ساروا منه.

أشعر بأن الشعب الكويتي يكاد يعيش في نفس التيه الذي عاش فيه بنو اسرائيل، فنحن منذ اكثر من عقدين من الزمان نخطط ونتكلم ونرصد الميزانيات، ثم بعد سنوات نكتشف بأننا قد رجعنا إلى نفس النقطة التي بدأنا منها وان اوضاعنا لم تتغير ان لم تكن قد ازدادت سوءا.

بنو اسرائيل لم يحرمهم الله من الطيبات خلال فترة التيه بل انزل عليهم افضل الطعام والشراب (المن والسلوى)، ونحن في الكويت نتمتع بأحسن الطيبات ومستوى المعيشة المتميز، ولكن حياتنا يغلب عليها القلق والتردد والسخط والتوتر وعدم الشعور بالرضى.

لدينا اكبر مساحة من الحريات والانفتاح على العالم، وحكمنا هو الافضل بين الدول العربية والاسلامية، فلا نعاني من كبت او قمع او مصادرة للحريات، ولدينا انظمة رقابية على صرف الاموال ليس لها مثيل في العالم الثالث، ولدينا حريات سياسية ودستور ونظام برلماني يمكن ابناء الشعب العاديين من مساءلة كبار ابناء الاسرة الحاكمة ويسقط بهم الثقة وهو ما لا يكاد يتصوره او يتخيله. المواطنون في كثير من الدول المحيطة بنا.

لدينا كفاءات كويتية كثيرة متميزة وناجحة في جميع المجالات اقتصاديا واجتماعيا ورياضيا وعلميا وتحصد الجوائز العالمية، ولكنها انجازات فردية ومتفرقة، ولدينا اكبر نسبة من المتعلمين والخريجين.

مساعداتنا تصل الى جميع دول العالم وتنقذ شعوبا من ذل الحاجة ولكن شعبنا يشتكي من عدم توافر البنية التحتية او الحياة الرغيدة ويحسد الجميع على ما هم فيه من امكانيات وتنظيم ورفاهية.

ببساطة، نحن نعيش في حلقة مفرغة طاشت فيها عقول العقلاء وحارت فيها الافهام، وشمت بنا الاعداء وبكى علينا الاصدقاء. لقد خرج بنو اسرائيل من تيههم وانتصروا على اعدائهم عندما توحدوا تحت راية نبيهم «يوشع بن نون» عليه السلام، واتبعوا تخطيطهم بعمل جاد وتضحيات كبيرة بينما تفرغ اغلبنا للتنظير السياسي وفلسفة الامور فمتى نخرج من تلك الشرنقة التي ربطنا انفسنا فيها؟!





د. وائل الحساوي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي