الأبعاد الثلاثة
أحبابنا فارقتمونا
هناك أناس لا تعيش معهم كل يوم، ولا تقابلهم كل يوم، بل قد يكون إجمالي عدد المرات التي قابلتهم فيها في حياتك مرّات معدودة جداً، ولكن يشهد الله أن بفقدهم تشعر بفقدان قطعة من قلبك، وأنك في مصاب عظيم نظراً للأثر الكبير الذي يكون قد تركوه فيك، بموقف فعلوه أو كلمة قالوها أو حتى ابتسامتهم في وجهك.
وكذلك كان فقدان المرحومة الحاجة خديجة حسن نصير بهبهاني.
وهناك أيضاً أناس عاشرتهم طويلاً، والتقيت بهم كثيراً فلم تجد منهم إلا كل خير ولم تسمع منهم إلا الكلمة الطيبة ولم تشاهد منهم إلا السماحة والبشاشة والطيبة وحسن الخلق، فتتمنّى أن يكون العالم بأجمعه بصفاء نيّاتهم وطيبة قلوبهم وهدوء أرواحهم و وجمال أخلاقهم وعذوبة حنانهم وبساطة حياتهم وطول صبرهم وكذلك كان العم الحاج عبدالغني محمد النقي.
إن هذا والله لهو الميراث الحقيقي، الذي نأمل جميعاً أن نتركه بعد أن نغادر هذه الدنيا، من سمعة طيبة وذكرى جميلة، تتناقلها الألسن وتسطرها الكلمات، بدلاً من الانغراس في ملذات الدنيا وصراعاتها ونزاعاتها، وغداً يفضّ الموت كل نزاع.
وهنا نتذكر أبيات الشعر:
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت
أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دارٌ للمرءِ بعد الموت يسكُنها
إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنُه
وإن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعُها
ودورنا لخراب الدهر نبنيها
الله ارحم أحبابنا، الذين فارقونا، وأسكنهم فسيح جنانك.
