«آرثر دي ليتل» أكدت ظهور توجهات ومحركات جديدة للنمو الأخضر
التحولات الناجمة عن «كورونا» أجبرت الحكومات والمستثمرين على إعادة ترتيب أولوياتهم
سلّطت شركة «آرثر دي ليتل»، للاستشارات الإدارية الضوء في تقرير جديد لها، على واقع الاستثمارات الخضراء في مرحلة ما بعد وباء «كورونا»، مشيرة إلى أن التقدم نحو تحقيق التغيير المطلوب في هذا الإطار كان يجري بوتيرة بطيئة بشكل ملحوظ في مرحلة ما قبل الأزمة الأخيرة التي يشهدها العالم، على الرغم من الاهتمام المتزايد من جانب الشركات الكبرى بالمشاكل المتعلقة بتغير المناخ وتعزيز الاستدامة في أجنداتها الاستراتيجية على نحو غير مسبوق.
وبينت أنه على الرغم من أن جائحة «كوفيد 19» ربما صرفت إلى حدٍ ما، أنظار العالم عن مشكلة التغير المناخي، إلا أن 2020 كان عاماً بدأت فيه الطموحات السياسية نحو معالجة تغير المناخ تظهر بقوة أكبر.
وتشرح «آرثر دي ليتل» في دراستها الأخيرة التي حملت عنوان: «المناورة الخضراء: الاستثمار لتحقيق مزايا استراتيجية للشركات في عالم ما بعد كوفيد 19»، العديد من الرؤى ووجهات النظر المتعلقة بهذه المسألة، كما تستكشف التغيرات التي أحدثتها الأزمة في بيئة الاستثمار الأخضر، لتؤكد أن الوقت قد حان للشركات لاتباع إستراتيجيات جريئة نحو التحول الأخضر، والتي كانت تعتبر في السابق شديدة الخطورة.
ووفقاً لنتائج التقرير، يجب أن تتمتع الشركات العاملة في مجال التصنيع بوضع جيد، يخولّها تحقيق النجاح في هذا الاتجاه والمساهمة في المنظومة البيئية في مواجهة التحديات الضخمة، استناداً إلى 3 ركائز أساسية وهي التكنولوجيا المتطورة التي تعتمد عليها الحلول المتقدمة بشكل رئيسي، وتوسع ونمو القدرات لخلق قيمة دائمة، وتوظيف رأس المال لضمان استدامة التنمية على نحو سريع وفعّال وبشكل ملحوظ، وأضافت الدراسة «كانت هذه الدورة بعيدة كل البُعد عن الحالة المثالية في فترة ما قبل الجائحة، لكن الشركات الرائدة والرئيسة تُجري حالياً عمليات إعادة تقييم شاملة وتتبع استراتيجيات جديدة أو محسّنة للمضي قدماً وتحقيق نجاحات مستدامة خلال المرحلة المقبلة».
وقال شريك ومسؤول قطاع الطاقة في «آرثر دي ليتل» الشرق الأوسط والهند، عدنان مرحبا «لقد دفعت التحولات الأخيرة الناجمة عن الوباء الحكومات والشركات والمستثمرين لإعادة ترتيب أولوياتهم، ونشهد حالياً ظهور توجهات ومحركات جديدة للنمو الأخضر».
وأضاف «تستكشف الحكومات استراتيجات الاستثمارات الخضراء مع تخطيطها للانتقال إلى عصر جديد من الاقتصادات الأكثر استدامة، بينما يعمل المستثمرون على تطوير استراتيجياتهم من خلال أهداف الاستدامة، كما تخصص شركات الأسهم الخاصة المزيد من الأموال مع الحرص على مراقبة البصمة الكربونية للشركات التي تتعاون معها».
وتابع أن كل هذه علامات مشجعة، لا سّيما مع العديد من الأمثلة والمبادرات الناجحة، التي تشير إلى بوادر تحول إيجابي طويل الأجل سيشهده الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة.
أمثلة بارزة
وتُعد الإمارات العربية المتحدة والسعودية مثالين إقليميين بارزين في هذا الإطار، مع نجاحهما في العديد من مشاريع ومبادرات الاستثمارات الخضراء والتي تواصل تحقق نتائج إيجابية.
ومن المتوقع أن توافر الإمارات 50 في المئة من احتياجاتها من الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2050، بالاعتماد على مساهمات الطاقة النووية والشمسية، في حين أبرمت شركة مبادلة للاستثمار (مبادلة) وشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) وشركة «القابضة ADQ»، مذكرة تفاهم لتأسيس ائتلاف أبوظبي للهيدروجين.
وسيتعاون شركاء الائتلاف لترسيخ مكانة أبوظبي كمُصدّر موثوق به للهيدروجين الأزرق والرمادي والأخضر والوردي للأسواق الدولية، وتوحيد الجهود لبناء اقتصاد هيدروجين متين في الإمارات.
وعلى نحو مماثل، تهدف القيادة في السعودية، إلى استثمار ما يصل إلى 50 مليار دولار في قطاع الطاقة المتجددة بحلول عام 2023، كجزء من استراتيجيتها لتقليل الاعتماد على النفط وتنويع مزيج الطاقة لديها.
تمويلا استثمارية
يحثُّ خبراء «آرثر دي ليتل» في دراستهم الجديدة الشركات على التركيز على ضرورتين استراتيجيتين خلال المرحلة المقبلة، والتي تسعى فيها للاستفادة من كميات أكبر من التمويلات الاستثمارية المتصلة على نحو أفضل.
وتتمثل هاتان الضرورتان في التوجه أولاً نحو تبني منهجيات عمل جديدة لرعاية المشاريع التحولية الكبرى التي قد تكون خارج نطاق الأعمال الأساسية العادية، وعمل الشركات بشكل تعاوني ومنسّق لإحداث تحولات إيجابية في منظومة الأعمال بأكملها، وهو أمر غالباً ما يكون مطلوباً للنجاح في تنفيذ المبادرات الخضراء.
الفوائد والإيجابيات
يستكشف التقرير أيضاً الفوائد والإيجابيات التي يمكن للمؤسسات الاستفادة منها من خلال خيارات التمويل المبتكرة، مثل اتباع مسار شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة (SPAC)، والتي تُعد طريقة بديلة لزيادة رأس المال والوصول إلى أسواق الأسهم العامة.
وقال مرحبا «حتى الآن، حققت غالبية الشركات التي قامت بإعداد برامج تحولية مبتكرة نتائج متفاوتة، ويعد مسار شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة واحدة من الوسائل والمنهجيات الفعّالة للاستثمار في المشاريع العامة والتغلب على المخاطر المرتبطة بها».
وأفاد «نعتقد في (آرثر دي ليتل) أن اعتماد منهجية البيع لشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة سيوفر فرصاً كبيرة ويمكن الشركات من تحقيق نتائج ملحوظة مهما كان السيناريو، فضلاً عن الارتقاء بمشاريع الشركات إلى آفاق جديدة وتعزيز جاذبيتها داخلياً وبالنسبة للمستثمرين العامين».