الوكالة حذرت من استنفاد الموارد السائلة المتاحة قبل مواعيد استحقاق السندات الدولية نتيجة المأزق التشريعي
«موديز»: مخاطر السيولة تُهدّد بخفض تصنيف الكويت أكثر من درجة... على المدى القريب
- التصنيف مقيّد بتجاذبات السلطتين التي تعوق رسم السياسات وتقوّض التكيف مع الأزمات
- العقبات التي تواجهها الكويت لحل تحدياتها التمويلية سياسية... بالدرجة الأولى
- الأصول غير السائلة في «الاحتياطي العام» لا تكفي متطلبات تمويل السنة المالية المقبلة
- السحب من «الأجيال» لسد العجز يقلص التحديات والتنويع المالي مستبعد في الأمد القصير
- حساب عوائد واستثمارات «الأجيال» ضمن إيرادات الموازنة يدعم التصنيف السيادي
- أصول الصندوق السيادي 4 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي
- احتياطيات النفط المؤكدة تدوم 90 عاماً وفقاً لمعدل الإنتاج الحالي
- 46 ألف دولار نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي
- «a2» تصنيف القوة الاقتصادية بعد أن كان «baa2»
- «ba2» القوة المؤسساتية ومعايير الحوكمة
- «aaa» قوة المالية العامة أعلى من الدرجة الأولية «aa2»
- «ba» تصنيف المخاطر الجيوسياسية وكذلك مخاطر السيولة
- «aa» تصنيف مخاطر نقاط الضعف الخارجية
أصدرت وكالة موديز لخدمات المستثمرين تقريراً بعنوان «الرأي الائتماني» في شأن المراجعة المنتظمة للتصنيف الائتماني السيادي للكويت، رأت فيه أن تصنيف الكويت يرتكز على الثروة الاستثنائية التي تتمتع بها، حيث تُقدّر أصول صندوق الثروة السيادي التي تُديرها الهيئة العامة للاستثمار بنحو 4 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب الاحتياطيات النفطية الضخمة، مبينة أنه «مع ذلك، فإن التصنيف الائتماني مُقيّد بالتجاذبات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية التي تعوق رسم السياسات وتقوّض قدرة الدولة على التكيف مع الصدمات».
وذكرت الوكالة أن مخاطر السيولة بشكلٍ خاص تُهدد التصنيف الائتماني للدولة على المدى القريب، مضيفة أن احتمالية استمرار السلطتين التنفيذية والتشريعية في طرح تدابير موقتة وجزئية، من شأنه إطالة حالة عدم اليقين في شأن وضع التمويل على المدى المتوسط، كما أن مخاطر السيولة الناتجة عن المأزق التشريعي المستمر ستظهر إذا استمر إلى أن تستنفد الموارد السائلة المتاحة قبل تواريخ استحقاق السندات الدولية، وفي هذا الشأن ترجح الوكالة أن تواجه التشريعات التي تتقدم بها الحكومة لحل مشكلة نقص مصادر التمويل مقاومة من مجلس الأمة.
وعلى الجانب الإيجابي، أشارت الوكالة إلى أن الكويت تملك رصيداً ضخماً من الأصول السيادية في صندوق احتياطي الأجيال القادمة يُقدّر بنحو 420 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية عام 2020، كما أن الأصول وإيرادات الاستثمار الناتجة عن صندوق احتياطي الأجيال القادمة مستبعدة حالياً عن الموازنة العامة بموجب القانون، ويمكن تقليص تحديات التمويل التي تواجه الكويت من خلال تعديل القوانين للسماح بالسحب من صندوق احتياطي الأجيال لسد عجز الموازنة العامة، وهو ما اقترحته الحكومة أخيراً في مشروع قانون تم تقديمه إلى مجلس الأمة، وبالتالي، فإن العقبات التي تواجهها الكويت لحل تحدياتها التمويلية هي بالدرجة الأولى عقبات سياسية.
رفع وخفض التصنيف
وفي ما يتعلّق بالعوامل التي ترفع أو تخفّض التصنيف السيادي للكويت، نوهت «موديز» إلى عوامل عديدة قد تدفع باتجاه الرفع، من بينها التحسن المستدام في القوة المؤسساتية ومعايير الحوكمة في الكويت، والاتفاق بين الحكومة ومجلس الأمة، ما يؤدي إلى تشكيل سياسة أكثر سلاسة، فضلاً عن تحسين فعالية السياسة المالية من خلال تحسين القدرة على الاستجابة للصدمات وتنفيذ الإصلاحات المالية التي تقلل بشكلٍ جوهري من متطلبات التمويل للموازنة العامة، علاوةً على عوامل أخرى استبعدت الوكالة حدوثها في الأمد القصير، تتمثّل بالتقدم نحو التنويع المالي الذي يُقلّص من اعتماد الحكومة على الإيرادات النفطية، ويقلل من التقلبات الكامنة في الإيرادات الحكومية.
ورجحت الوكالة أن يتحقق هذا التنويع المالي الداعم للتصنيف الائتماني من خلال التفويض التشريعي الذي يسمح للحكومة بحساب عوائد استثمارات صندوق احتياطي الأجيال القادمة ضمن الإيرادات العامة للموازنة.
أما في ما يتعلّق بالعوامل التي قد تضغط باتجاه تخفيض التصنيف السيادي الحالي بأكثر من درجة واحدة، فتتمثّل - حسب الوكالة - بزيادة مخاطر السيولة الحكومية، لا سيما مع اقتراب استحقاق الشريحة الأولى من السندات الدولية، واقتراب الموارد السائلة لصندوق الاحتياطي العام من النفاد، إضافة إلى تراجع القوة المالية للحكومة على المدى المتوسط بسبب الزيادة الحادة في الدين الحكومي الناجم عن عدم القدرة على تنفيذ إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة وسط انخفاض هيكلي لأسعار النفط.
4 عوامل
وعلى صعيد العوامل الأربعة التي بُني عليها التصنيف السيادي للكويت، فقد قامت الوكالة برفع تصنيف العامل الأول للتصنيف المتمثّل بالقوة الاقتصادية للكويت من الدرجة الأولية «baa2» إلى الدرجة النهائية «a2» لتعكس مستويات الثروة العالية بشكل استثنائي، فضلاً عن ثرواتها الهائلة من النفط، حيث تمتلك الكويت إلى حد بعيد أكبر نسبة من احتياطيات النفط المؤكدة إلى الإنتاج بين دول مجلس التعاون الخليجي، والتي يُقدر أنها تدوم نحو 90 عاماً بالمعدل الحالي للإنتاج، إلى جانب تكاليف الإنتاج المنخفضة نسبياً، وهذا يدعم مستويات مرتفعة من الثروة الوطنية، حيث بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من حيث القوة الشرائية نحو 46 ألف دولار في عام 2019.
وفي ما يتعلّق بالعامل الثاني للتصنيف والمتمثّل بالقوة المؤسساتية ومعايير الحوكمة، فقد صنفتها الوكالة عند الدرجة «ba2»، حيث أشارت إلى ضعف بعض جوانب الإطار المؤسسي وفعالية الحوكمة كما يتضح من التدهور المستمر في مؤشرات الحوكمة الصادرة عن البنك الدولي خلال العقد الماضي، نتيجة عدم قدرة الدولة على تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية المخطط لها.
وبينت «موديز» أنه مع تعافي أسعار النفط جزئياً في 2018، واصلت الحكومة تأخير تنفيذ الإصلاحات الأقل شعبية مثل إدخال ضريبة القيمة المضافة وضرائب الإنتاج ومراجعات أجور ومرتبات القطاع العام، وعلاوة على ذلك، استمر الإنفاق الحكومي المدرج في الموازنة بالسنة المالية السابقة في الارتفاع على أساس سنوي رغم التوقعات بانخفاض الإيرادات الحكومية بأكثر من النصف، بسبب انهيار أسعار النفط الناجم عن تداعيات جائحة كورونا.
وعلى صعيد العامل الثالث للتصنيف، صنّفت الوكالة قوة المالية العامة للكويت عند الدرجة النهائية «aaa» أعلى من الدرجة الأولية «aa2»، مبينة أنه رغم أن حصة الدين الحكومي بالعملة الأجنبية بالنسبة إلى إجمالي الدين مرتفعة للغاية، إلّا أن عبء الدين الحكومي الإجمالي منخفض جداً، كما يتم تخفيف مخاطر المالية العامة إلى حد كبير من خلال سياسة سعر صرف الدينار، مدعومة باحتياطيات قوية من العملات الأجنبية لدى بنك الكويت المركزي، وكذلك الأصول السائلة بالعملة الأجنبية لصندوق الثروة السيادية.
كما يأخذ التصنيف في الاعتبار الهوامش المالية الوقائية الكبيرة للغاية في شكل أصول تديرها الهيئة العامة للاستثمار، ويعكس تصنيف الوكالة للقوة المالية العامة في الكويت فوائض مالية عالية للغاية حافظت عليها في الماضي، ما ساعد على تكوين احتياطيات مالية كبيرة، وأبقى الدين الحكومي عند مستويات منخفضة.
وذكرت الوكالة أن صدمة أسعار النفط في عام 2015 وأخيراً جائحة كورونا أدت إلى إبقاء رصيد الموازنة العامة للدولة في عجز كبير ومستمر، حيث بلغ متوسط العجز ما نسبته 16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي منذ 2015، موضحة أن عدم القدرة على إصدار الديون في غياب قانون جديد للدين العام منذ 2017 أدى إلى دفع عبء الدين إلى الانخفاض، لكنه استنفد بسرعة صندوق الاحتياطي العام «صندوق الاستقرار» الذي يسمح للحكومة بالسحب منه خلال فترات انخفاض أسعار النفط.
ونوهت «موديز» إلى أن توقعاتها الأساسية تفترض أن تقوم الكويت بتمويل عجزها هذا العام جزئياً من خلال المزيد من بيع بعض الأصول غير السائلة من صندوق الاحتياطي العام إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، والتي تقدرها الوكالة في المبلغ الإجمالي بنحو 18 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مضيفة «مع ذلك، حتى إذا كان من الممكن بيعها بالكامل إلى صندوق احتياطي الأجيال، فإن الحصة المتبقية من الأصول غير السائلة لا تزال غير كافية لتمويل متطلبات التمويل الإجمالية لكامل السنة المالية المقبلة».
وفي ما يتعلّق بالعامل الرابع للتصنيف والمتمثّل بحساسيته للمخاطر الجيوسياسية، أشارت الوكالة إلى أنه وعلى غرار معظم دول مجلس التعاون، فإن الموقع الجغرافي للكويت يجعلها عرضة لمخاطر الأحداث الجيوسياسية الإقليمية، ما يدعم تصنيف الوكالة لهذا العامل عند درجة «ba»، لافتة إلى أنه، على وجه الخصوص، تمثل التوترات بين دول مجلس التعاون وإيران وخطر إغلاق مضيق هرمز احتمالية منخفضة، إلا أن ذلك الإغلاق في حال وقوعه سيكون حاد الأثر على الكويت حيث يمر كل النفط المصدر من الكويت عبر المضيق.
وتابعت الوكالة «مع ذلك، تتمتع الكويت بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة الأميركية التي أظهرت التزاماً قوياً بحماية سيادة الكويت، وهناك علاقات وثيقة مع مجموعة الدول السبع الأخرى ودول مجلس التعاون.
كما تحاول الحكومة الحفاظ على علاقات مستقرة مع الجارتين إيران والعراق».
وذكرت الوكالة أن تصنيفها لدرجة المخاطر السياسية في الكويت مبني أيضاً على الهيكل السياسي للدولة، حيث أدت الاحتكاكات البرلمانية إلى تباطؤ زخم الإصلاح، وأخّرت إقرار تشريعات مهمة بما في ذلك مشروع قانون الدين العام، مبينة أن استمرار مجلس الأمة برفض معظم مقترحات إصلاح الإيرادات غير النفطية أثّر سلباً على فعالية السياسة المالية للدولة.
وقيّمت «موديز» مخاطر السيولة الحكومية عند درجة «ba» مدعومة بالأصول الضخمة لصندوق الثروة السيادي وتكاليف الاقتراض المواتية في أسواق الدين الدولية، ولكنها متوازنة مع مخاطر السيولة المتزايدة مع نفاد أصول صندوق الاحتياطي العام والعقبات القانونية الحالية لإصدار الديون والوصول إلى أصول صندوق احتياطي الأجيال القادمة.
وعلى صعيد مخاطر نقاط الضعف الخارجية للكويت، فقد صنّفتها الوكالة عند الدرجة «aa»، حيث أفادت الوكالة بأن الكويت سجلت تاريخياً فوائض مالية كبيرة في الحساب الجاري لميزان المدفوعات، بلغت بالمتوسط نحو 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات 2010 - 2014.
ومن الجدير بالذكر أنه سبق لوكالة موديز في تاريخ 22 سبتمبر 2020 أن خفّضت التصنيف الائتماني للكويت بواقع درجتين من «Aa2» إلى «A1» مع تغيير النظرة المستقبلية من تحت المراجعة إلى مستقرة.
الحساب الجاري سيستمر بتسجيل الفوائض
لفتت «موديز» إلى تحوّل الحساب الجاري لفترة وجيزة إلى عجز قدره 4.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 بعد صدمة أسعار النفط، قبل العودة إلى متوسط فائض بلغ 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2017-2019 مع ارتفاع أسعار النفط، موضحة أن انخفاض أسعار النفط سيؤدي إلى تقليص قيمة الصادرات النفطية على المدى القصير، إلّا أن سعر برميل النفط التعادلي للحساب الجاري منخفض عند نحو 38 دولاراً للبرميل في 2020.
ووفقاً لافتراضات الوكالة لأسعار النفط العالمية على المدى المتوسط، فإنها تتوقع استمرار رصيد ميزان الحساب الجاري في تسجيل فوائض مالية.
إدارة السياسة النقدية أحد مصادر القوة المؤسسية للكويت
«موديز» أشادت بحصافة «المركزي» ومتانة أوضاع القطاع المصرفي
أشادت «موديز» بحصافة السياسة النقدية التي يطبقها بنك الكويت المركزي، ومتانة أوضاع القطاع المصرفي في البلاد، مشيرة إلى أن إدارة السياسة النقدية بالكويت تشكل مصدراً للقوة المؤسسية، كما يتضح من مستويات التضخم المنخفضة والمستقرة نسبياً، منذ تطبيق نظام سعر صرف الدينار القائم على سلة موزونة من العملات.
ونوهت الوكالة إلى قوة اللوائح التنظيمية التي يصدرها «المركزي» وحصافتها، حيث انعكس ذلك في معدلات كفاية رأس المال المرتفعة في النظام المصرفي والنهج الاستبقيةة لتنفيذ الإطار التنظيمي المصرفي الدولي، بما في ذلك التطبيق الكامل لإصلاحات بازل (3).
وأشارت «موديز» إلى محدودية مخاطر العدوى التي قد يشكلها النظام المصرفي في الكويت على الموازنة العامة للدولة، إذ تصنّف الوكالة تلك المخاطر عند الدرجة «baa».
ورغم توقعها ضعف ربحية البنوك بسبب التداعيات السلبية لجائحة كورونا، إلّا أن الوكالة أشادت بما تتمتع به البنوك من معدلات رسملة وسيولة ومخصصات مرتفعة، ما يدعم أداء القطاع المصرفي.